الفن حلال المشاكل
الفن التلفزيوني والسينمائي كان له دور في حل مشاكل المجتمع التي تؤرق الناس عن طريق تسليط الضوء عليها في صورة أعمال درامية وسينمائية، وأبطال هذه الأعمال كانوا يختارون مثل هذه الأعمال بالذات للوصول إلى الجمهور ولمعرفة الجمهور لهم، فكان يهمهم في المقام الأول قبل كل شئ آخر أن يكونوا فناني الجمهور ، هذه الفترة فترة الخمسينات والستينات تعرف في تاريخ السينما المصرية بالفترة الذهبية، كانت السينما المصرية وقتها للعالم العربي كهوليوود لبقية العالم.
الفترة الذهبية للسينما المصرية
سميت بالفترة الذهبية لوجود مثقفين وأدباء مصريين عظماء كانوا مضرب المثل في الأدب والثقافة، كانوا أصحاب المادة الخام للعمل الدرامي أو السينمائي ومن هؤلاء الأدباء الكبار على سبيل المثال لا الحصر الأديب الكبير “نجيب محفوظ” والذي كتب في أدب الحارة المصرية “بين القصرين وقصر الشوق والسكرية وزقاق المدق ورواية اللص والكلاب عن الشخص الإنتهازي المستعد أن يبيع أي شئ من أجل الوصول”
وغير ذلك من الروايات التي تحولت لأعمال سينمائية عظيمة، والأديب “يحي حقي” ورائعته القصصية “قنديل أم هاشم” التي تحولت لعمل سينمائي وهذا العمل يتناول وقوف العلم في وجه الخرافة؛ طبيب يحاول أن يشفي مرضاة بطرق علمية في مواجهة الرافضين والمفضلين العلاج بالطرق البدائية المتخلفة، والأديب “إحسان عبد القدوس” المهتم بقضايا المرأة والحرية وبالأخص حرية المرأة ومن أعماله التي تحولت لأعمال سينمائية “أنا حرة والنظارة السوداء ولا أنام والخيط الرفيع وإمبراطورية ميم ولن أعيش في جلباب أبي”
وغير ذلك من الأعمال المتحولة لأعمال سينمائية وتلفزيونية رائعة تناقش قضايا المجتمع، والأديب “يوسف إدريس” المهتم بالمطحونين الكادحين في رواياته مثل “الحرام” التي تحولت لعمل سينمائي رائع تسلط الضوء على الكادحين وغير هؤلاء من الأدباء الكبار المهتمين بالمجتمع بقضاياه ومشاكله أدبيا وثقافيا.
ثقافة الأغنية
كذلك الحال في الأغنية المصرية كما السينما المصرية وقتها “عبد الحليم حافظ” كان يغنى قصائد “لنزار قباني ولعبد الرحمن الأبنودي ولكامل الشناوى” والمطربة الكبيرة “أم كلثوم” تغني قصائد لفطاحل الشعراء العرب القدامى، والفنان “محمد عبد الوهاب” يغني قصائد لأمير الشعراء “أحمد شوقي”، والحال هكذا لا نبالغ عندما نقول أن الفن يتأثر وجودا وعدما بثقافة المجتمع السائدة .
أحمد خالد توفيق والدراما المصرية
لقد فرحت كثيرا عندما علمت بتحويل سلسلة “ما وراء الطبيعة” للمرحوم الكاتب أحمد خالد توفيق لعمل درامي وأنا أعتبر هذا الكاتب من المثقفين المتميزين، فهو المهتم بالمجتمع في رواياته وقصصه، سعدت أننا بدأنا نشعر بالحاجة لاختيار المثقفين المتميزين بأعمالهم التي لها قيمة والجديرة بتحويلها لفن أو لأعمال تلفزيونية وسينمائية ترتقى بنا وتساعدنا على التفاعل مع مشاكلنا ليسهل علينا حلها، هذا الكاتب الذي أجمع الشباب المهتم بالقراءة له على أنه علّمهم بكتاباته حب القراءة والاهتمام بها ولعلها بداية طيبة ليظهر الفن في ثوب جديد بعد غياب وغربة ويعود لنا مرة أخري بعد طول انتظار.