مقالاتعلم نفس وأخلاق - مقالات

أنظر إليه، إنه يرتدي بدلة من أفخم الأنواع، ولكنه فقير!

الفقر

حين تلقى هذه الكلمة على مسامعنا نجد أنفسنا نفكر في معنى الفقر باعتبار أنه قلة المال والإمكانيات ولكن عندما نتأملها نري أن الفقر له صور شتى وغير قاصر على الجانب المادي فقط فهناك فقر النفوس وهناك الفقر أخلاق وفقر مبادئ وصور عدة للفقر.

وهذا في نظري من أشد أنواع الفقر فكم من فقير لا يملك قوت يومه ولكنه غني، بأخلاقه ومبادئه وكم من غنى يمتلك ثروات هائلة ولكنه يعاني من فقر في السلوك والأخلاق.

للأسف أصبحت مجتمعاتنا تفتقر لكثير من القيم والأخلاق والمبادئ ويظهر لنا هذا في مواقف عدة.

فنرى الصغير الذي يرفع صوته على من هو أكبر منه ويتعدى حدود الأدب في الحوار

ونرى الشاب والصغير الذي يجلس في وسائل المواصلات ويرى من هو أحق بالجلوس منه مريض أو مسن أو امرأة حامل ولا يفكر في أن يسمح لها بالجلوس مكانه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وأيضا بين الأصدقاء نرى أن المزاح والضحك أصبحا يمتلئان بالسب والشتائم بينهم وكأن الإهانة أصبحت مباحة وتدعو إلى الضحك.

وعلى الجانب الاخر ففي العلاقات الزوجية قد نفاجئ بمن تشتكي وتقول إنّ زوجها اعتاد أن يضربها ويهينها ومن يشتكي أن زوجته لا تحترمه وتقلل منه أمام الاخرين فأين هذا الاحترام بينهما إذا تحولت العلاقة التي تبنى على المودة والرحمة إلى شجار وصراع.

من مدة شاهدت برنامجا على التلفاز كان يتكلم عن المشاكل الزوجية وكانت المذيعة تسأل الضيفة: “ماذا فعلت عندما أهانك زوجك بالضرب: أسكتّي؟”، قالت لها: “ضربته”، وكان في رد المذيعة لها “برافو عليكي يضربك اضربيه”.

مع اقتناعي التام أن الضرب ليس وسيلة لتعديل سلوك ولكن إذا فرضنا أن شخصا منهم أخطأ واتبع هذه الوسيلة: لماذا يكون الرد إعادة الضربة؟

وكيف تكون الحياة بين الشخصين بعد ذلك؟

حياه قائمة على الاحترام أم حياه هشة

ان هذا الفقر في الأخلاق له أسباب عديدهّ:

فنبدأ بالأسرة ولها دور هام لا نغفله فنري الأب والأم وسعيهم الدائم لتلبيه احتياجات ابنائهم المادية وبعضهم غفل عن الجانب السلوكي للأبناء فلا يهتمون بتعديل سلوك أبنائهم وحثهم على الأخلاق الحميدة.

ودور المدرسة أين هو؟ للأسف المدارس أصبحت للدراسة فقط ونسيت أن التربية قبل التعليم فنري بعض المدرسين اعتادوا على إهانة الطلبة وبالتالي فقد التلميذ القدوة التي يحترمها ففقدت المدارس جزءًا هامًا من دورها في تربية النشء.

أصبحنا نعاقب أبناءنا عند رسوبهم في الامتحانات ولم نعاقبهم على رسوبهم الأخلاقي فكم من أم تذهب إلى المدرسين وتقول لهم باللفظ: “كسّرله دماغه علشان يتعلم” مع اختلافي معها أن العلم لا يأتي بثماره بالعنف ولكن ما يشد انتباهي هو كم من أم ذهبت لمدرس لتقول له ما رأيك في سلوك ابني وأخلاقه، وتوصيه بتعليمه الأخلاق قبل العلم ولا يكون شغلها الشاغل تفوقه الدراسي فقط خاصة إذا كان تفوقا بلا أخلاق ؟ انه الفقر في الاخلاق

ودور الأصدقاء هام وهو المجتمع الثاني لنا. إن اختيار الصديق ليس أمرًا هينًا فهو جزء من حياتك ويؤثر عليك في سلوكك وأحيانا تستمد منه بعض الصفات والطباع فكم من أناس كانت لأصدقائهم بصمه في شخصيتهم سواء بالسلب او الإيجاب.

فلنحسن اختيارهم (اختر الصديق قبل الطريق) فالرفيق الصالح هو من يعينك على الطريق مهما طال وهو من يقدم لك النصح والإرشاد.

ونأتي للتوعية الإعلامية ونرمي على عاتقها كثير من الانحدار السلوكي فنري المسلسلات والأفلام التي لا تهتم بتعديل السلوك ولكن تدس أخلاقيات وسلوكيات خاطئة كألفاظ وكموضوع وهذا الجهاز الخطير هو وسيلة قد تدمر أمة وقد تحيي أمة.

أين المسلسلات الهادفة التي يجتمع حولها أفراد الأسرة دون أن يخجل الأب والأم من أن يسمع أولادهم لفظا خادشا للحياء أو يروا منظرا سيئا.

وفى ظل الانفتاح على العالم أصبحنا نستورد عادات وسلوكيات غريبة على مجتمعاتنا وثقافتنا وهددت للأسف هويتنا فنري جيلا من الشباب والبنات وقد انجرف في تيار التقليد الأعمى في الشكل والملبس والسلوك فهو يعيش حياته التي يتمناها دون أن يغادر بلده.

أقول لكل أب وأم: عليكم أن تحافظوا على أبنائكم، لا تعزلوهم عن الحياة ولكن فلتأمّنوهم بسلاح الأخلاق والمبادئ فهي خير واقٍ من سيل الانحدار الأخلاقي وفقد الهوية.

ولا بد أن تكونوا القدوة لأبنائكم؛ فلا يصح أن تنهى أبناءك عن الكذب وتفعله! ولا عن الغش ونتحايل على الحق! فأنت المرآه التي ينظر من خلالها ابنك للحياة.

فلتحسن من صورتك لترى أبناءك كما تحب.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

هبة رجب

عضو فريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة