فلسفة الوجود وثنائية الحيرة المربكة
اتنتهت أفضل ليالي العام وأجمل أيام السنة، وحقًا كما ذكرها المولى عز وجل بأنها “أيام معدودات”، وهكذا الأيام الجميلة تمر سريعًا كلمح البصر.
جلست أفكر في “تساؤل حائر” داهمني فجأة: لماذا الأيام الجميلة تمر سريعًا في حين أن أيام الحزن والألم تمر بطيئة ثقيلة طويلة؟!
جلست طويلًا أفكر في إجابة مقنعة عن هذا التساؤل، وفعلًا لا أعرف إجابة مقنعة أجيب بها عن هذا التساؤل الحائر.
لماذا الفرح لا يدوم؟
لملمت شتات أفكاري ووقفت متأملًا شقي التساؤل: أيام الفرح القصيرة وأيام الحزن الطويلة، وبعيدًا عن حسابات “المنطق الزمني” المؤكد أن الأيام هي الأيام في حزنها وفرحها، وبعيدًا عن “المدخل السيكولوجي” المؤكد أن الأيام هي الأيام، في حين أن طبيعة التلقي هي وحدها ما تبرر الطول والقصر، وفق انطباعات وجدانية ذاتية، وجدت نفسي أمام تفسير أعرضه عليك:
“أيام الفرح قصيرة”، لأنها مغلفة بالخوف من زوالها سريعًا، فالنفس البشرية تألفها وتندمج معها عشقًا وحبًا واستمتاعًا وتتمنى جاهدة ألا تزول.
في حين أيام “الحزن والألم” طويلة لأنها مغلفة بالوجع، تقتل النفس خوفًا وانكسارًا، وتتكالب الهموم جاثمة على الصدور كأنها وحش كاسر أقسم ألا يفارق من اختاره للابتلاء وطنًا، فطال الليل وغابت النجوم وتوارى القمر خجلًا وحزنًا وانكسارًا، وغدت شمس النهار حلمًا بعيد المنال لمن استبدت بهم الهموم الثقال في سواد الليل الطويل!
الإيمان بالقدر وآثاره
كي لا نفلسف الحقائق، أو نغرق في تدمير ثوابت الكون، يجب أن نؤمن “بالقدر خيره وشره”، ونؤمن بأن الإنسان في حياته يجب أن يشرب من كأسي الفرح والحزن معًا، وفق تدابير القدر وقوانين النعمة والابتلاء، وهنا تكمن سعادة النفس التي تنجح آنذاك في أن تحقق التوازن والتوافق بين شقي المعادلة المربكة المحيرة!
حياتنا كتاب ولدت صفحاته ناصعة البياض، لكنها صفحات غدت ممزقة بالية بعد حين، وفق قانون الكون وسنة الله في خلقه!
حياتنا لوحة جميلة رسمت بأقلام القدر وزينت بألوان الفرح، لكن اللوحة الجميلة يجب يومًا أن تفقد جمالها بالتقادم، حتى تغدو ذكرى جميلة تأسر النفس شوقًا عند تذكرها، وحياتنا لوحة تتداخل فيها الأحلام والآمال والابتلاءات والانكسارات، فلنكن راضين بسنة الله في الكون ولنألف تدابير القدر الجميل إيمانًا واستسلامًا ورضًا.
فلتكن حياتنا –يا رفاق– “قصة عشق” لن تنتهي، ولتكن أحلامنا “واحة فرار” نفر إليها عندما تحاوطنا الهموم وتكسرنا الذكريات المؤلمة.
وبين أيام الفرح والسعادة وأيام الحزن والشقاء، يظل الإنسان المسكين حائرًا بين ثنائية لا فرار من مخالبها الحادة، فاللهم هون علينا ما لا نطيق.
مقالات ذات صلة:
البحث عن السعادة .. والعوالم الممكنة
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا