أسرة وطفل - مقالاتقضايا شبابية - مقالاتمقالات

الفراغ العاطفي

الاستقرار الأسري مهم في نجاح العلاقات ويؤدي إلى التفكير الإيجابي الهادئ، ومن ثم تنشئة الأولاد في مُناخ صحي متوازن، فيمتلكون التفكير الصحيح والقرارات الصائبة والنفوس المطمئنة.

يبدأ الأمر من حُسن اختيار الزوج والزوجة والتفاهم والتقارب ووضع اللبنة الأولى في تكوين العش، الذي يتحول إلى صرح مع مرور الأيام والسنوات.

في هذا الجو المستقر ينشأ الطفل ويتربّي متشبعًا ومشمولًا بالحنان والشعور بالطمأنينة وأصول التربية ومعرفة حقوقه وواجباته، فينال ما له ويؤدي ما عليه من واجبات بنفس راضية واعية تجاه الآخرين الشركاء في الأسرة ومن ثم الوطن، الذي يتمثل في المدرسة والشارع والأصدقاء.

الحرمان العاطفي عند الأطفال

يظهر الحرمان في أول مراحله في البيت الذي يفتح فيه الطفل عينيه على والديه والمعاملة معهم، وفي الشارع والحارة ومع أولاد الجيران، بأن ينظر الطفل إلى أغراض الآخرين المحروم منها، مما يجعله أحيانًا يسطو على ما ليس له فيه حق، هنا يجب التنبيه على محاولة توفير احتياجات الأبناء –بقدر الاستطاعة– مع تحديد الملكية ومعرفة الحدود بين الإخوة، فينشأ الطفل محافظًا على أدواته وألعابه وقصصه ولا تمتد يده إلى ممتلكات إخوته، مع تحديد مكان في البيت يكون فيه دولاب صغير لوضع أشيائه فيشعر بالإشباع ومن ثم يهتم بها.

مع مرور الوقت يتطلع الشاب والفتاة إلى الزواج وسد فجوة كبيرة من الحرمان العاطفي الذي يمر بهم في فترة المراهقة، فالكل في حاجة إلى ملء هذا الفراغ وإكمال الحياة مع الحبيب والشريك الجديد بسعادة وهناء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الزواج السعيد هو ما توافرت فيه الكفاءة والبساطة المتمثلة في قلّة التكاليف، ومن هنا يتحول هذا السكن إلى قاعدة للانطلاق بنشاط إلى المجتمع الخارجي والكد والكسب الحلال، ثم الرجوع والسكينة ومحاولة معالجة المشكلات التي تنشأ في أثناء رحلة الحياة والتغلب عليها، والتغاضي عن الهفوات والمنغصّات التي تعمل على تكديرها، فترك المشكلات معلّقة دون حلول يفاقمها ويراكمها فتتسع الفجوة والجفوة بين الزوجين.

الفراغ العاطفي عند الشباب

من المشكلات العصيَّة التي تهدد البيوت بالانهيار البخل وعدم الإنفاق بإغلال اليد وعدم إشباع الأولاد مع الاستطاعة، وكذلك مشكلة عدم التفاهم الحميمي من أخطر الأمور وتعد من الأسباب الرئيسة في الطلاق، أو على الأقل تعثر الحياة وإصابتها بالشلل، فتتحول المعيشة داخل البيت الواحد إلى حياة باهتة لا طعم لها ولا رائحة وجزر منعزلة لا رحمة فيها ولا مودة وينتظر كل واحد لصاحبه خطأ يقع فيه.

من الأسباب المُفضية إلى الجوع العاطفي غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج وارتفاع أسعار كل شيء، فلا يستطيع الشاب توفير المسكن أو شراء اللوازم أو حتى الإنفاق على زوجته.

ونتيجة لموجات الغلاء المتتالية في بعض المجتمعات تكون كالطرْق على الرأس، فيتجه الشباب إلى طرق ملتوية ليست سوية لإشباع الرغبات وإفراغ الطاقات، مثل: مشاهدة الأفلام أو تعاطي المخدرات للنسيان والعيش في عالم آخر بعيدًا عن ضغوط الحياة.

تنتشر ظاهرة العزوف عن الزواج والاتجاه إلى المصاحبة تحت بند الزواج في المستقبل دون علم الأهل، فيمارسون حياتهم الطبيعية كالأزواج وقد يمتد الأمر إلى سنوات، وإذا حدث في الحياة أمر عارِض كسفر أحدهما أو التذرّع بعدم الاستطاعة على الزواج يفتعل مشكلة ويفترقان وهما يحملان ذكريات تكون مؤلمة وبخاصة للبنت.

علاج الفراغ العاطفي

يمكن للشباب الاتجاه إلى حياة أكثر إيجابية وسلام مع النفس بالانشغال بالأمور النافعة مثل قراءة الكتب والروايات أو ممارسة الرياضة، أو الاتجاه إلى صيام النوافل، وشغل النفس بالانخراط في العمل العام والاشتراك في الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات للآخرين.

هناك بُعد آخر للنازحين الفلسطينيين وغيرهم بعيدًا عن البعد السياسي، ففضلًا عن شُح الطعام وندرة الماء والتضييق بشتى السبل، فالمبيت في العراء والخيام نتيجة لهدم البيوت وانتشار مشاهد القتل والحرق قطعًا هذا كله وغيره يقلل من نسبة المواليد وهذا هو مطلب المحتل؛ إبادة الشعب واستئصاله بمنهجية وحقد، وبخاصة شعب فلسطين عالي الخصوبة.

مقالات ذات صلة:

الانفعال والعاطفة: تمايز الحالة ودينامية التفاعل

هل نحن من نصنع الفراغ العاطفي؟

الزواج هكذا يجب أن يكون

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر