مقالات

العلماء ورثة الأنبياء

يدور الزمان دورته وتمر الأيام سراعا ويأتي شهر أغسطس من كل عام حاملا البشرى والاحتفال بالعلماء والعلم وتكريم أهله، وتلك سنة حسنة انتهجتها الدولة منذ زمن بعيد، ومنذ صغري وأنا أسمع ذلك.

وعندما تخرجت من الجامعة وفي عيد العلم كرم محافظ سوهاج أوائل الجامعة وكنت منهم -ليس المهم القيمة المادية للتكريم، وإنما شعرنا وقتها أن هناك من هو مهتم بالعلم- وصارت هذه سنة سارت عليها القيادات السياسية المتعاقبة على حكم البلاد، ونتمنى أن يستمر هذا النهج أبد الآبدين.

لماذا؟

لأن رفعة ورقي أي أمة من الأمم ونهضتها يكون من خلال الاهتمام بالعلم ومن ثم الاهتمام بالعلماء ، ومن هذا المنطلق لابد -ونحن نثق أن الله تعالى لن يخذلنا بإخلاص العمل لأن الناقد بصير – أن تتضافر كل الجهود للنهوض بالتعليم في بلدنا الحبيب الذي يمتلك من الثروة البشرية التي إذا أحسن توظيفها نصل إلى الغاية القصوى أو ما يسمى بالنهضة الشاملة التي لا ولن تتحقق إلا بالنهوض بالتعليم.

هل علمتم يا سادة أي أمة نهضت واستقام عودها بالجهل والعشوائية؟ أبدا، انظروا حولنا كيف كانت الصين وكيف أصبحت، وكثير من دول الغرب الأوربي الذين كانوا يحسدوننا على موقعنا الجغرافي وعلى حضارتنا وعلى ثروتنا البشرية.

انظروا كيف أصبحوا ملء السمع والبصر في العلم والتقدم التقني والتقدم التكنولوجي والحضاري والثقافي. لماذا؟ لأنهم طرحوا القيل والقال وتركوا التغني بالأمجاد وراحوا يشيدون حضارة جديدة يحسدهم عليها القاصي والداني.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

خطورة التواكل

لماذا؟ لانهم تركوا التواكل ونهضوا بالعلم و بالعلماء والعمل بالتنظير والتطبيق، شيدوا المدارس والجامعات شيدوها على العلم واهتموا بدراسة كافة العلوم، لم يتركوا شيئا درسوا الطب والفلك والفلسفة درسوا العلوم النظرية والعملية والغريب يا سادة أنهم استعانوا بالعلماء المصريين والعرب.

انظروا في الطب إلى العلامة مجدي يعقوب -ولو اهتممنا بأبنائنا سنجد الآلاف من أمثال مجدي يعقوب وزويل ومشرفة والباز وثاقب عالم الكبد العملاق- ليس هذا وحسب بل في كل المجالات هؤلاء ليسوا أحسن منا ولا أكفأ منا بل نحن الذين ذكرنا في القرآن.

نحن الذين تعلم عندنا سقراط وفيثاغورث وهيرودوت. نحن أهل الحضارة المهم نأخذ الخطوة ولا نتواكل وكل منا يعقد عزمه على أن يتعلم ويعلم ولا يكتفي بما تعلمه. لأنه كلما ازددنا علما ازددنا جهلا، فالعلم لايشبع منه الإنسان يتعلم ويعلم إلى أن يلقى الله فيبعث على حالته وهو في معمله، في فصله، في مدرجه وكم من أساتذة قضوا وهم في قاعات درسهم، أي تكريم بعد ذلك؟

فلندعو للتعلم

فهيا شمروا سواعد الجد فالفرصة قد أتت وها هي مشروعاتنا القومية مثل محو الأمية، تخيل يا أخي أن يتعلم على يديك عشرات من الشباب يتخرجون من مدرستك كما تخرجنا من مدارس أساتذتنا الذين نذكرهم بالخير نترحم على ميتهم وندعوا بمباركة الله في أعمار حيهم ونراهم ونقبل أيديهم، أي تكريم بعد هذا؟

هؤلاء هم ورثة الأنبياء الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء هم الصفوة -ولم لا يكون المجتمع كله صفوة؟- هؤلاء الذين ذكرهم الله في القران الكريم: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ) (11) المجادلة، هم الذين قال الله عنهم: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (69)العنكبوت، جهاد العلم وبذل الغالي والثمين في طلبه.

هؤلاء أهل الحكمة والبصر والبصيرة (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (269)البقرة.

فهيا يا أبناء مصر الحبيبة هيا بنا ندعوا للتعلم ونعلم أبناءنا أول درس الحب، حب الوطن لأن حب الوطن فرض عين على  كل من يحياه ونفتح قلوبنا بنفس راضية لأبنائنا الطلاب ونحتضنهم ونفتح مكاتبنا ومكتباتنا أمامهم ونصبر عليهم خصوصا ونحن على مشارف العام الدراسي الجديد.

حقا صدق المعصوم صلى الله عليه وسلم: “إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يارسول الله؟ قال: مجالس العلم وأهله”. هيا نتعلم كافة العلوم كل في مجاله وتخصصه.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

هل يصلي العلماء!

لحوم العلماء .. بين المدح والذم!

المهمومون بالعـــلم العربي

أ. د. عادل خلف عبد العزيز

أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان