العشم والعشرة فى غير موضعهما وبنظرة عادلة – حدود الاختلاط في بيئة العمل
علاقة تكاملية
لقد خلق الله الرجل والمرأة؛ لتكون العلاقة بينهم علاقة تكاملية ويظهر ذلك فى الانجذاب والأنس بينهم؛ فالرجل عنده ما يميزه عن المرأة بما يتناسب مع مسئولياته وأسلوب حياته
وكذلك المرأة لديها ما يميزها عن الرجل بما يتناسب مع مهامها التى خُلقت لأجلها ولذلك كان كلا منهما فاقد أو ناقص المواصفات و ميزات يحتاجها من الطرف الآخر كأن تحتاج المرأة من الرجل قوته وقوامته ويحتاج الرجل من المرأة رعايتها لأمور حياته والتخفيف من ضغوطاته وأعبائه.
فكلاهما يحيا مع بعضهم البعض فى علاقة تكاملية لا غنى لأحدهما عن الآخر ولكلا منهما أن يُعبّر عن مشاعره للآخر كيف شاء تعبيرًا عن الامتنان والشكر والحب والرضا .
الزواج
ولذلك كان لابد من وجود علاقة لها من الأهمية والقدسية ما يجعلها من أولى وأقوى العلاقات التى يمكن الاستثمار والتأثير فيها لتجمع بينهما. ولأن خالقهما هو أعلم بأمرهما فقد صاغ هذه العلاقة (الزواج) بشكل يضمن لكلا منهما حقوقه وواجباته ويضمن لهما التكامل الروحى ليكون هو وحدة بناء مجتمع فاضل مما ينتجه من أفراد صالحين كثمرة لهذه العلاقة التكاملية .
ولكن ماذا يحدث خارج هذه العلاقة؟! فما زال الانجذاب والأنس الفطرى بين أى رجل وامرأة موجود؛ فهل من شروط للتعامل بين من هم خارج هذه العلاقة؟! وماذا يحدث عند عدم مراعاة هذه الشروط والتعامل بدافع (العشم والعشرة) كما هو سائد فى مجتمعنا اليوم ؟
ما نتج عن الانفتاح
إن ما وصلت له حياتنا من تشعب فى شتى المجالات والانفتاح على الثقافات الأخرى بدون رقيب (وعي) يسمح لنا بالتمييز بين ماهو صالح ويتناسب مع هُويتنا التى لم نعد نعرف لها ملامح و الاحتياج الزائد لسد حاجتنا المادية ورغباتنا أتاح الاختلاط بين الرجل والمرأة فى كثير من المجالات
مثل المعاملات اليومية فى البيع والشراء وأماكن تقديم الخدمات والعمل سواء فى القطاعات الخاصة أو الحكومية
الاختلاط في بيئة العمل
وإذا ركزنا على مثال العمل كونه أكثر بيئة تفاعلية بين أفراده؛ نجد العاملين من الرجال والنساء يتداخلون بكل الأشكال فهل من شروط للتعامل بين الزملاء فى هذا العمل ؟
فنجد هذه تتحدث فى مشاكل حياتها مع هذا وأخرى تأخذ رأى زميلها بشأن أمر من أمور حياتها وهذا يشكو من سوء معاملة زوجته، وأنه لم يعد يتحملها وآخرون يتحدثون عن خط سير يومهم وملبسهم وتأنقهم وناهيك عن الضحك والمزاح.
ونجد من الطرف الآخر المستمع الجيد الذى يُنوِّه بأنه حافظ للسر والناصح الجيد والحسن في الذوق.
ولكن نجد بعد ذلك أن الأمور تتخطى ذلك إلى تدخل وأمر ونهى فى حياة هذا وتلك ونجد من الطرف الآخر التأثر والاستجابة والاقتناع ويحدث بعد ذلك وخصوصا فى أوقات الشدة والمشاكل والضعف الانجذاب والأنس بهذا و تلك. ويُساعد على ذلك غياب الوعى والضمير وكثرة الضغوطات فيتحول الوضع من الاستماع والنصيحة إلى الأمر والتوجيه والعصيان بدون وعى من الطرف الآخر.
فكيف وهو من منح هذه الصلاحيات للبيع والشراء فى أمور حياته الشخصية وبدلا من الوصول للأسباب وتحليلها والخلاص إلى نتيحة ووقاية من الوقوع فى مثل تلك المشاكل. نجد الأمور تتعقد وتسوء على هوى الطرفين بدون انتباه إلى ما ينتظرهم من عواقب للانسياق وراء عواطفهم .
الوعي بحدود التعامل بين الطرفين
فكان لابد من وجود وعى لدى كلًا من رجل وامرأة تجمع بينهم علاقة زمالة فى العمل؛ أن هناك حدود فى التعامل بينهم وهى أمور العمل فقط سواء معاملة أو مساعدة أو نصيحة الكل فى إطار العمل وذلك طبيعى فهو مكان العمل ليس إلا .
هذا الوعى ينبع من التفكير السليم فى حقيقة وجودنا والغاية من ذلك وتحديد موقعنا فى هذه الحياة بشكل عام وفى مجتمعنا وحياتنا وحياة غيرنا بشكل خاص.
ووضع النظام لتحقيق ذلك ومراعاة تعليمات من هو أعلم بطبيعتنا وهو خالقنا خصوصا فى التعاملات مع من حولنا وخصوصًا مع من يُوجد بيننا وبينهم تجاذب وأنس فطرى .
ولا بد أن ننتبه لما يتسرب إلينا بدون وعى منا من الثقافة الغربية المادية من مظاهر حياة ليست لنا سواء فى الاحتياجات أو الغاية أو المعاملات بين أفراد المجتمع والتسلح بأدوات ضبط التفكير و تولية العقل على القلب لإعادة توجيه صحيح لتلك الطاقات لتحقيق الفضيلة والرُقى.
اقرأ أيضا: