إن ما نشهده اليوم في أقطارنا العربية لشيء مؤسف نظراً لعدم التعلم من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين المتعددة والغنية لاستخلاص الدروس والعبر لإنارة المستقبل لنا وللأجيال القادمة بمستقبل يملأه المحبة والإخاء لا التشاحُن و التقاتل والخِلاف المُلبد بالدخان والمُعبد بالدماء، إن الطائفية من المشاكل التي يعاني منها مجتمعنا من حين لآخر متلبساً بقالبٍ قوميٍ أو دينيٍ ومتسلحة بما هو ظاهره مُقدس في نفوس العامة وأصحاب العواطف ممن ليس له من العلم والعقل حظ أو نصيب، فمن صار وراء تصنيف غيرَ حقيقي أي تصنيف مُفتَعل (اعتباري وهو التعريف الذي وضع بوضع معتبر)، وأراد أن يُقسم البشر وفقا لاعتباره وموروثاته الثقافية ولأمر عارض دون أن يكون هذا التقسيم يضرب بجذوره فإنه سيكون قابلا للزوال من حين لآخر فيجني من الخيبة والندامة نظرا لعدم واقعيته وتناسقه مع الواقع فإذا نظرنا للتقسيم على أساس عرقي أو ديني نجد له من القابلية للتكثير في العدد من حيث العرق أو الدين فمثلا إن قسمنا على الأساس الديني (م: سُني و شيعي و دُرزي) كان ذلك بداية لتقسيم الناس علي نفس هذا الأساس لأكثر من طائفتين بل ثلاثة وأربعة وأكثر (صوفي – أشعري – معتزلي …..الخ ) لنفس الأساس فما المانع لتقسيم السنة إلي
(سني موافق لي فكرياً، وسني مخالف لي فكرياً )، ولِمَ لا يكون التقسيم بعد ذلك إلى
(سني مخالف معتدل، وسني مخالف شديد الابتداع والانحراف )، ولِمَ لا نُقسم إلى
(سني مخالف شديد الابتداع والانحراف ، وسني وصل إلي حد الردة ) ولِمَ لا نقسم الي
(سني مرتد عن الملة متولي للمخالفين نظراً لجهله، وسني مرتد ومتولي للمخالفين عن قناعة )، و هكذا تصير الأمور متوالية من التقسيمات التي على أساس ديني لنفس الطائفة فما بالك بباقي الطوائف، فما الذي يجعلني أن أخذ في الاعتبار تقسمك الديني وأترك تقسيمي الذي علي نفس الأساس بل والأدق والأكثر التزاماً منك بهذا الأساس كما يفعل التكفريين _ إلا مصالحك الشخصية_ فما اكتبه ليس مجرد تشائم أو تحليل خيالي للأمر بل هو الواقع فإذا نظرنا إلي تجارب السابقين ابتدءً بصربيا وانقسامها من فرقتين إلي عدة فرق و مروراً بالحرب الأهلية في لبنان، بل وحتى انقسام نفس الطائفة وتقاتلها الشديد مع رفقاء السلاح والاعتقاد وأيضا في سوريا والعراق وداخل حتى نفس تلك الجماعات المسلحة الطائفية، وفي ليبيا وغيرها ولكن نظراً لطبيعة المقال لن أستعرضها بالتفصيل فمن أراد المزيد فعليه بالبحث في تاريخنا الحالي أو الماضي القريب أو حتي الماضي البعيد، حتى أن ظاهرة الخوارج في الإسلام نجدها من الصراعات الدموية ليس فقط بينها وبين غيرها بل بين أنفسهم في القتال والتكفير علي أساس تافهه وبسيط حتى في الأمور الفقهية مثل هل نحاسب المجتمع على أساس أنه مرتد أم نتربص به ونعتبره مؤمناً إلى أن يثبت العكس؟!
فعلى النقيض ممَّ على شاكلة هذه التصانيف المفتعلة من التقاسيمات الحقيقية التي تكون على أساس منطقي لا على أساس الترجيح والتميز الافتعالي مثل التقسيم إلى:
ذكر وأنثي نظراً للاختلاف التكويني مما يستتبعه الاختلاف في الوظائف والواجبات لا الترجيح والانتقاص والمحاباة.
أوالتقسيم إلى أخٍ لي في الفكر أو أخ لي في الإنسانية فكما قسمها الإمام علي بن أبي طالب أن البشر (إما أخٌ لك في الدين أو نظيرا لك في الخَلق) فلم يكن هذا التقسيم مدخلا لسلب إنسانيته كإنسان وإنما على أساس واقعي، مما يترتب بالطبيعي مزيداً من التقارب والتداخل والتعاون مع من يوافقني عن من يخالفني، فلن يكون من المنطقي له من المكانة لمن يوافقني مع عدم ظلمه وسلبه حقوقه في الأخوة الانسانية، قال تعالى (ولا يجرمنكم شنئان قوماً على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) فإن ابتغينا غير التقسيمات الواقعية صارت حياتنا من الجحيم و لن نستطيع إبادة المخالفين لنا ولم يكن لنا إلا الحوار والتوافق شئنا أم أبينا ولنا في ذلك الكثير من الصراع العرقي في الأقطار الأفريقية أو العربية الشقيقة، فإما الإحترام أيا كانت مساحة الاختلاف أو التقاتل و الدمار ثم أخيراً الحوار..فإن كنت عقليا قياسيا برهانيا أو إستقرائيا ليس أمامك من نتائج تدفعك إلا لنبذ الطائفية
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.