الصورة الذهنية الإيجابية عن الذات لدى الأطفال
إن تكوين صورة إيجابية عن الذات يُعد أحد أهم الحاجات النفسية والانفعالية الأساسية للفرد لا سيما في مرحلة الطفولة، فتكوين الصورة الإيجابية عن الذات يشكل النواة والأساس لتكوين الجوانب المختلفة للشخصية وتشكيلها وبنائها، فإذا كان الأساس صلبًا ومتينًا سيكون البناء قويًا ومتماسكًا، أما إذا كان الأساس ضعيفًا ومهزوزًا فلا شك أن البناء سينهار عند أبسط الهزات، وتدريب الطفل على تكوين صورة إيجابية عن نفسه من عمر مبكر– يجعله أكثر قدرة على تكوين العلاقات المتينة، والشعور بالسعادة والأمان وامتلاك قوة الشخصية لمجابهة مختلف ضغوط الحياة.
وتتطور الصورة الذهنية لدى الطفل كلما كانت نظرة الطفل للحياة واقعية وأقرب إلى الحقيقة وذلك تبعًا لدرجة تفاعله مع أقرانه ومع المحيطين به، فقد ينزوي الطفل عن العالم المحيط به بسبب علاقاته الفاشلة مع الآخرين، مما يكون صورًا ذهنية يتحيز فيها نحو النظرة السوداوية، وقد تكون علاقاته ناجحة مع الآخرين مما يكون صورًا ذهنية تتجه نحو النظرة التفاؤلية. فالطفل في سنوات الطفولة المبكرة لا يستطع التعبير عن نفسه كما هو الحال عند الراشدين، لذا كان الرسم واللعب خير وسيلة للتأويل لديه لأنهما يعملان على إثارة مخيلته في التساؤل عن كل شيء ومعرفة كل ما هو جديد.
دور الأسرة فى تشكيل الصورة الإيجابية لدى الطفل نحو ذاته
تكون الأسرة أول مؤسسة لتربية الأطفال من البداية ببث مجموعة العادات والتقاليد للطفل، وأيضًا القيم والمعايير والأفكار التي تظهر قوية وثابتة عند الأطفال، كما تقدم له الرعاية بالحب والتفهم والاهتمام والثقة والتشجيع. عادة يكون أسلوب الوالدين من العوامل المؤثرة على تقدير الذات لدى الأطفال، ومن هنا تتكون الصورة الذاتية ووعي الطفل وفهمه عن ذاته وعن صفاته الشخصية، وعن مهاراته التي يتمكن منها، وعن قدراته ومميزاته وعيوبه، ومن صور ذلك ما يلي:
- تطوير الطفل في محددات الصورة الذاتية الثابتة جميعها، وتدعيم الصفات والمميزات وتقويتها.
- تصحيح المفاهيم الخاطئة التي تكونت عن نفسه.
- عدم مقارنة الطفلة البنت بالطفل الولد من حيث الاختلافات الجسمية أو العقلية أو الذهنية.
- ترسيخ فكرة تقبل الذات لدى الطفل.
أساليب تشكيل الصورة الإيجابية عن الذات لدى الأطفال
العناية بالصحة الجسمية للأطفال
بتفعيل البرامج والمسابقات الرياضية في المدراس أو الروضات التربوية، وتشجيع الأطفال على المشاركة في الأندية الرياضية لممارسة الألعاب المختلفة، والالتزام بنظام غذائي متوازن وصحي يحتوي على الخضروات والفواكه والبروتينات والكربوهيدرات والدهون المفيدة، والابتعاد عن الأغذية المصنعة والغنية بالدهون والسعرات الحرارية الزائدة، واتباع نمط صحي للنوم.
العناية بالصحة النفسية للأطفال
ببث روح التفاؤل والأمل في نفوس الأطفال، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، عن طريق تكليف الأطفال بأعمال بسيطة وتحميلهم مسؤوليات صغيرة يمكنهم أداءها، وتدريبهم على مواجهة الأفكار السلبية واللا عقلانية، والتعامل مع ضغوط الحياة على نحوٍ إيجابي، وتجنب الإجهاد والقلق الزائد، ومن البرامج التي تنمي الصحة النفسية: ممارسة الاسترخاء، تقنيات التنفس، قراءة القصص الملهمة، مشاهدة الأفلام التعليمية الهادفة.
تحسين المهارات الشخصية للأطفال
بتدريب الأطفال على المهارات الأساسية كالقراءة والإملاء والتعبير والخط، ومهارات العصر المتمثلة بالتعامل مع الحاسوب واللغة الإنجليزية والرسم والتصوير والتصميم والبرمجة والدورات الصحية، وأيضًا تنمية الاهتمام بالثقافة العامة والفنون الهادفة، وتشجيع الأطفال على التعلم المستمر والوصول إلى أعلى مراتب النجاح الدراسي، والاستفادة من التقنيات الحديثة في التعلم الإلكتروني، والاطلاع على آخر المستجدات العلمية والتكنولوجية، ولا شك أن اكتساب الطفل للمهارات تشعره بتميزه عن غيره مما يكوِّن لديه صورة إيجابية عن نفسه.
تشجيع الأطفال على تحقيق الإنجازات
وذلك بإظهار الاهتمام بما يقومون به، والإشادة بإنجازاتهم حتى لو كانت صغيرة، بكلمات الشكر والثناء والمكافآت المادية والمعنوية، وإتاحة الفرصة للأطفال للتحدث عن أنفسهم ومشاعرهم ومشاركة أفكارهم أمام زملائهم وأولياء أمورهم ومعلميهم، في جلسات التعارف أو جلسات خاصة بمناقشة الإنجازات التي حققوها، وعدم تقييم شخصية الطفل بناءً على أدائه أو مستواه التعليمي، وربط التقييم بعملية التعلم وليس على درجة التحصيل النهائية، واستبعاد كلمة فاشل من قاموس المربي وتوفير بيئة تعلم ممتعة، ومن ذلك: المكافأة على إنجاز الواجبات المنزلية، تفعيل لوحة النجوم بحيث يمنح الطفل نجمة عن كل عمل إيجابي يقوم به في الأسبوع، ثم تقديم مكافأة مقابل ذلك، ولا شك أن تحقيق الإنجازات يعزز الصورة الإيجابية عن الذات لدى الأطفال.
مساعدة الأطفال على وضع خططهم الشخصية
وذلك بتدريبهم على تحديد رؤية ورسالة وأهداف في الحياة، ووضع خطة مرنة لتحقيقها وكتابة الخطة الشخصية وتعليقها في مكان بارز في البيت لمشاهدتها باستمرار، والعمل بجد لتنفيذها، وتدريبهم على إدارة الوقت، والسرعة والدقة في إنجاز الأعمال، ولا شك أن وضع الخطة الشخصية يشعر الطفل بأنه صاحب رسالة ورؤية وأهداف، وأنه من الناجحين في المستقبل.
تحسين العلاقات الاجتماعية للأطفال
مساعدة الأطفال على تكوين علاقات مستمرة وناجحة، وذلك بحسن التواصل مع الآخرين لا سيما الإيجابيين منهم، والاستماع لهم وتقديم المساعدة عند الحاجة، وقضاء أوقات ممتعة مع العائلة والأصدقاء، والجلوس مع المرشدين التربويين والحكماء في المجتمع وكبار السن في العائلة للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم وإرشاداتهم، وتكوين صداقات قوية مع زملائهم بالتفاعل الإيجابي وممارسة الألعاب الجماعية معهم.
منح الأطفال الحرية الكافية
وذلك بإعطاء الأطفال المساحة الكافية والمناخ الملائم لأداء أعمالهم وتجربة أشياء جديدة، والسماح لهم بالتعلم من أخطائهم، وذلك بتحويل الأخطاء إلى فرص للتعلم، وليس للنقد والتوبيخ والسخرية من الطفل، وترشيد الرقابة في الأسرة والمدرسة حتى لا تتحول إلى عائق أمام الأطفال ومصدر للخوف والإرهاب.
مساعدة الأطفال على الاعتناء بجمال مظهرهم
وذلك بتوجيه الأطفال إلى العناية بمظهرهم الخارجي، بارتداء الملابس النظيفة والمناسبة الذي يؤثر على مشاعرهم نحو الآخرين ومشاعر الآخرين نحوهم، بالإضافة إلى أن ارتداء الملابس المناسبة يعزز الارتياح والقبول الاجتماعي، كما أن النظافة الشخصية لها تأثير على تكوين صورة إيجابية عن الذات.
مقالات ذات صلة:
علاقة الأسرة بالبناء الفكري للطفل
النمو ومهارات التفكير لدى الأطفال
علاج مشكلة إساءة معاملة الأطفال
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا