الشذوذ الجنسي في فكر د. عبدالوهاب المسيري
في فيديو لدكتور عبد الوهاب المسيري حول الرؤية المعرفية للشذوذ الجنسي في الغرب، يبدأ حديثه بمقولة تفسيرية للعلاقات الجنسية في الغرب حيث يقرر( عندما تشاهد نمط العلاقات الجنسية لشعوب الحضارة الغربية تأكد أن هذا النمط ليس له علاقة بالجنس فقط ولا يمكن أن نفسرها بمعزل عن البعد المعرفي لشعوب تلك الحضارة ).
تلك الرؤية توصلت لها عندما كنت أدرس في إحدى الجامعات الأمريكية حيث كان نمط العلاقات بين الشباب والإناث علاقات متداخلة ومنفتحة دون قيود تذكر يسمح فيها بعلاقات عابرة بين الجنسين دون أدنى مشكلة،
بالرغم من ذلك لم يمر يوم إلا ونسمع عن عدد ليس بقليل من حوادث الاغتصاب مما سبب للعديد منا حالة من الخوف استدعت بعض الاحتياطات فترة الإقامة في مبيت الجامعة.
وقد دفعتني تلك الحوادث عن التساؤل حول تلك الجرائم ومبررها، فما الداعي الذي يجعل بعض الأفراد يقومون بجريمة الاغتصاب في الوقت الذي يمكن فيه إقامة علاقات دون أدنى مشكلة؟!
أساس انتشار الشذوذ الجنسي في الغرب
ومع التدقيق في تلك الظاهرة اكتشفت أن الأمر ليس له علاقة بالجنس بل هناك رؤية مذهبية معرفية وراء تلك الحوادث وهي المحركة لها في المقام الأول، وإن عملية الجنس نفسها هي مجرد تفصيلة بسيطة في تلك الحوادث، ويمكن إدراج مثال يوضح تلك الحالة مرتبطة بالحضارة الرومانية،
حيث كان الشخص يتناول الطعام حتى التخمة، ثم يذهب لغرفة مجاورة يضع إصبعه في فمه ويتقيأ ثم يرجع ويعاود الأكل، تلك الظاهرة ليس لها علاقة بالشبع الذي هو الغرض من تناول الطعام، بل هي في الأصل مرتبطة برؤية متكاملة للكون وحياة الإنسان فيه حيث ترتبط باللذة والشهوانية وأن الإنسان مادة فقط.
ويؤكد المسيري أن مثل هذه الممارسات ما هي إلا تجسيد لفلسفة العدمية المحيطة بالشعوب الغربية حيث تغيب الغاية؛ مما يدفع الإنسان للانغماس في الشهوات للتعبير عن خوفه وفقدانه المعنى لوجوده.
وهكذا يربط المسيري هذا التفسير بظاهرة الشذوذ الجنسي في الغرب، ويؤكد على أهمية فهم ما يدور من علاقات جنسية شاذة بعيدا عن الجنس نفسه حيث يرتبط الموضوع برؤية معرفية كاملة لدى الغرب.
المسيري يتنبأ بزيادة الشذوذ الجنسي في المجتمع الأمريكي
ويتابع المسيري قوله؛ لقد تنبأت في رسالتي للدكتوراه بتلك الحالة من الشذوذ الجنسي في المجتمع الأمريكي، ولقد أطلقت عليها مسمى (الشذوذ الجنسي البروتستانتي) وقد سبب هذا المسمى نوع من الصدمة لدى الكثير من المشرفين على رسالة الدكتوراه كونهم من نفس المذهب،
لكن كان ردي صادم لهم حيث أوضحت أنه إذا كان التوجه في الحضارة الغربية نحو اللذة، فإن الجنس مع الأنثى حظر، لأن ذلك سيؤدي لعلاقة مع الآخر.
تلك العلاقة تفرض نمط من الأخذ والعطاء ووجود أطفال أحيانا بما يمثله من بعد اجتماعي، كذلك تعني نوع من الثبات في العلاقات بخلاف العلاقات العابرة. فإذا كان الأمر هو التوجه نحو اللذة؛ ستكون النتيجة الحتمية هي الشذوذ الجنسي.
السبب وراء رفض رسالة الدكتوراة
هذا في الوقت الذي لم تكن هذه الظاهرة بهذا الوضوح الفج والقبيح، غير أن دراستي عن شاعر اسمه “تويتمان” الذي أقر بأنه أصبح شاذًا جنسيًا نتيجة أسباب أيديولوجية مرتبطة بالحرية واللذة وأن هذه الحرية واللذة هي التعبير الحقيقي للمشروع العالمي للحرية.
ويذكر د. عبد الوهاب المسيري موقف له مع المشرف الأساسي على رسالته حيث طلب منه أن يقدم الرسالة لدكتور “بول باتر” لأخذ رأيه، فقال المسيري لمشرفه أن هذا الدكتور سيرفض الرسالة لأنه شاذ جنسيا بالرغم من أنه متزوج وله أولاد لكنه عقليا شاذ جنسيا،
لكن مع إصرار المشرف على أخذ رأيه قدمتها له ولم تمر سوى ساعتين فقط حتى أعاد الرسالة بالرغم من أن المراجعة كانت تتطلب وقتا كثير، وتسبب هذا الموقف في تأخيري سنة على الحصول على الدكتوراه.
الشذوذ الجنسي نتيجة حتمية للمادية الإيديولوجية
هذه الواقعة جعلتني أُعمق الأطروحة التفسيرية عن اللذة في الفكر الغربي، وأنها حتما ستؤدي لهذا الذي نشاهده من الشذوذ، وفعلا في نهاية المطاف حصلت على الدكتوراه.
ويكمل المسيري الحديث عن تلك الواقعة أنه بعد فترة ذهب لإحضاره من المطار وأثناء العودة حدثني عن ” بول باتر” هذا الذي رفض الرسالة، بأنه جمع أسرته وأولاده وأخبرهم بأنه قرر أن يُطلِّق زوجته ويقوم بالعيش بقية حياته مع صديقه.
وعلى هذا يمكن أن نلاحظ من خلال هذا السرد الواقعي أثر الفكر في تشكيل سلوك الفرد والمجتمع، كما يفسر لنا أهمية الفكر الصحيح والواقعي في رصد وحل المشكلات التي يعاني منها إنسان هذا العصر،
والأثر المُدمِّر الذي نتج عن الفلسفة المادية الغربية سواء على الفرد وسلوكه وسعادته أو على المجتمعات من ظهور سلوكيات شاذة منافية للفطرة والأخلاق مما ينذر بسقوط المجتمعات.
اقرأ أيضا:
أعلام “الرينبو” بين فلسفة اللذة والمثلية الجنسية
حوادث مؤسفة تكشف لنا أحوال المرأة في المجتمع الغربي
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا
