مقالات

هو نفسه الذي يبكي اليوم

الشخص العربي الذي ينظر بتكبر إلى أخيه الإفريقي هو نفسه الذي يتذلل ويمسح حذاء الزائر الأوروبي. الشخص الأوروبي الذي ينظر بتكبر إلى العرب، هو نفسه الذي يتذلل ويمسح حذاء الجندي الأمريكي. الشخص الأمريكي الذي ينظر بتكبر إلى الأوروبي، هو نفسه الذي يتذلل ويمسح حذاء رجل الأعمال الصيني! الشخص الناجح الواثق من نفسه لا يشعر بالكراهية نحو المهاجرين ولا بالعنصرية ضد البشر المختلفين عنه في لون البشرة أو اللغة أو العرق أو الجنسية أو الدين.

من يلجأ إلى كراهية المهاجرين أو خرافات العنصرية عادة شخص فاشل أو معقد نفسيًا، يحاول تعويض هذه العقد النفسية بالشعور الوهمي بالتفوق على الآخرين.

وبما أنه لا يملك أي نجاح أو ذكاء يستمد منه الشعور بالتفوق أو الثقة بالنفس واحترام الذات، فإنه دائمًا يبحث عن المهاجرين المكافحين الفقراء أو المختلفين عنه في لون الجلد أو العرق أو اللغة والدين ليصطنع التفوق عليهم، ويحاول أن يعيش في وهم أنه أفضل منهم!

أو أنه عاطل عن العمل فاشل منخفض التعليم يشعر بالحقد نحو المهاجرين المجتهدين المكافحين الأذكياء المتعلمين، الذين يعملون في وظائف وأعمال أفضل منه ويجدون فرص العمل، في حين أنه فاشل وعالة على المجتمع (هذا نراه اليوم في العنصريين في المجتمع الأوروبي والأمريكي).

نفس هذا العنصري الذي يتمنى أن تستمر البلاد الأوروبية في سرقة البلاد الأخرى في التجارة والصناعة، مثل أيام القرن التاسع عشر والقرن العشرين، تحت شعارات التجارة الحرة والاستثمار الأجنبي والاتفاقيات التي تمنح أوروبا الميزات وتظلم الشعوب الأخرى.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هو نفسه الذي يبكي اليوم بسبب نشاط الصين والهند وماليزيا وإندونيسيا في الصناعة والإبداع وسبقهم للغرب، ويطالب بتوقف التجارة الحرة والاستثمار الأجنبي وفرض قوانين الحماية والجمارك العالية (protectionism) في القرن الواحد والعشرين، لأنه لن يستطيع سرقة مجهود الشعوب الأخرى وينقلب السحر على الساحر وتفلس أوروبا وأمريكا في حين ينهض الشرق.
العلم يقول أنه لا يوجد فارق بين البشر، البشر كلهم على اختلاف أديانهم ولغاتهم وأعراقهم وألوان بشرتهم وجنسياتهم وجواز سفرهم، فيهم الذكي والغبي، فيهم الطيب والشرير، فيهم المحترم والتافه.

الدين كذلك لا يقول بأي فارق بين البشر: “لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى”.

أي شخص عنصري أو يردد أفكارًا عنصرية خرافية تدعي تفوق شعب على شعب أو تميز مواطنين من دولة على مواطنين من دولة أخرى، هو في أغلب الأوقات شخص فاشل يحمل عقدًا نفسية مزمنة وشعورًا داخليًا بالدونية.

الشخص الناجح الواثق من نفسه الذكي لا يشعر بالعنصرية نحو المهاجرين ولا نحو المختلفين عنه في العرق أو الدين أو اللغة أو الجنسية.

مقالات ذات صلة:

أيقن الجميع أن خرافة الأوروبي

عن الواقع العربي أتحدث!

كيف تنهض الأمم أو البلاد؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس