السيدة سميرة والحاج عبد المنعم
القصة الأولى:
في ٢٠٠٧ في بلد صغيرة اسمها رويان في محافظة مزادران في إيران، حصلت خناقة بين اتنين شبّان لسبب تافه، الأول اسمه “عبد الله” والتاني اسمه “بلال”، المهم عبد الله ضرب بلال بالرجل في بطنه، فبلال اتعصب، وراح جاب سكينة وجه من وراه ودبحه وفضل يضرب فيه بالسكينة لحد ما مات. اتقبض على بلال، ومشيت القضية في طريقها لحد سنة ٢٠١٤م لما اتحكم على بلال بالإعدام.
الإعدام في إيران في القضايا دي بيتم قدام العامة، وبيتحط القاتل على حبل الإعدام أو المشنقة ويوقفوه على كرسي، وبييجي أهل المقتول يزقوا الكرسي كنوع من القصاص يعني. المهم، أم الضحية الست “سميرة علي نجاد” اللي اتقتل ابنها الوحيد الشاب غدر، طلعت على منصة الإعدام، وراحت ضاربة بلال بالقلم، وبعدين قررت إنها تفك حبل المشنقة عن رقبته وهيا بتعلن إنها عفت عنه. نعم؟ إزاي؟ دا قتل ابنك يا حجة، اقتليه دا هيشفي غليلك!
لكن الست سميرة أصرت وسط دموع أهل بلال وبلال نفسه اللي مصدقوش نفسهم إن ابنهم هيعيش مش هيتعدم، ونزلوا بوس على إيديها.
جوزها وأبو بلال “السيد عبد الغني حسين زادة” قال في تصريح صحفي بعد الواقعة إن الست سميرة قبل الإعدام ب٣ أيام بس، حلمت بإبنها عبد الله وهوا فرحان وفي مكان حلو وبيضحك وبيقولها “بعد إذنك يا ماما متخليش الحكم يتنفذ وسامحيه”، وصحيت سميرة وفكرت وقررت إنه خلاص اللي حصل حصل ومش هنكون سبب في إن أهل بلال يترحموا على ابنهم زينا، وراحت سميرة وحصل اللي حصل.
القصة التانية:
في ٢٠١٥ في مدينة ليكسينجنتون، ولاية كنتاكي في أمريكا، شاب صغير اسمه “صلاح الدين” أمريكي من أصل تايلاندي، كان شغال ديلفري في محل بيتزا ووحيد أمه وأبوه، خرج عشان يودي أوردر بالليل، فطلع عليه واحد من الأفريكان أميريكان اللي بيبقوا في عصابات الشوارع اسمه “ألكسندر ريلفورد” عشان يثبّته وياخد اللي معاه ويتسلى.
المهم إنه ثبته بالسلاح ولما صلاح الدين حاول المقاومة والهروب، لحقه ألكسندر وسبّه لأنه مسلم وإرهابي وبتاع وراح قاتله وهرب. قتل الشاب اللي ملوش ذنب غير إنه مسلم وإنه عايش في أمريكا.
اتقبض على ألكسندر ريلفورد واتوجهتله تهمة القتل، وبعد سنتين من المحاكمات كان خلاص هيتحكم على القاتل بالإعدام، وفي جلسة النطق بالحكم في ٢٠١٧م ، قام أبو الضحية “عبدالمنعم سمباط جتمود” واستأذن المحكمة إنه عايز يقول كلمتين، طلع عبد المنعم، وقال إن دين الإسلام بيعلّم العفو عند المقدرة والرحمة والتسامح،
وقال إنه قرأ الآية ٥١ من سورة التوبة: “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون”، وإنها أهدته في النهاية إنه يسامح قاتل ابنه عشان يديله فرصة تانية إنه يعيش حياة جديدة، وأضاف إنه الله بيغفر ذنب الخاطئين لما أصحاب الموضوع نفسه يغفروا، وإنه مع إنه عاش سنتين من العذاب على فقدان ابنه الوحيد،
إلا إنه عرف في النهاية إن الشيطان هوا اللي أجبر ألكسندر إنه يعمل العملة دي، ولو حد هيتحاسب يبقا الشيطان مش ألكسندر، ألكسندر عيّط وقام عشان يعتذر للأب راح الأب حضنه قدام الناس كلها، والمحكمة كلها عيطت وصدر الحكم بإخلاء سبيل ألكسندر.
ثقافة التسامح
طبعا القصتين اتشهروا في العالم وقتها ويمكن في مصر، بس خلونا نقول حاجة..
التسامح والعفو دول على فكرة مش سهلين، هما حاجة صعبة جدا إنك تغفر لحد غلط فيك أو جه عليك أو اتكلم وحش في ضهرك مثلا، الصعوبة كلها في إنك تحاول تسامح في حاجة حصلت خلاص وأذتك سواء نفسيا أو جسديا، بس قولولي كدة، كام علاقة زواج أو حب أو صداقة انتهت بسبب إن فلان عينه وحشة، أو فلان اتسبب في مشكلة عندك في الشغل، أو فلانة قالت في ضهرك كلام يمس شخصيتك؟
كام فضيحة حصلت وحالات انتحار بسبب إن بني آدم غلط وعمل حاجة من زمان والناس مش قادرة تنسهالوا؟ عدلي كدة كام صاحب قطعت معاه لسبب من الأسباب دي؟ إنه مقلكش إنه مسافر مع صحابه، إنه معزمكش في فرحه، إنه قال لصحابه إنك سخيف أو دمك تقيل؟
قولي كام ريليشن اتفركشت بسبب غلطات قديمة معرفتوش تنسوها سوا، غلطات قديمة حتى ولو كبيرة اللي للأسف بترفضوا إنكوا تدوا فرص تانية في سبيل التغيير وبتفضل الحاجات دي نقط سودا في تاريخكم؟
فاكرين الراجل اللي قلعوه ملط في صفت اللبن ونزلوا ضرب فيه لحد ما مات، لأنه ضرب خرطوش بالغلط من كام سنة جت في عين بنت، والبنت بعدها ماتت لأنها مكانتش شايفة وهيا بتنضف؟
إحنا معندناش ثقافة التسامح دي أبدا، لحد النهاردة الناس بتتكلم في التار وأخد الحق والقتل، تقوم خناقة في الطالبية بين اتنين، يبقا التاني لازم يجيب ناس ويرجع يضربه، دا لازم يعني أكيد لو معملش كدة الناس تاكل وشه، قيس بقا كل ده على كل حاجة، وقولي إمتى آخر مرة كنت متسامح مع حد؟ أو إمتى قدرت إنك تغفر خطأ أو أصل قديم لحد كنت تعرفه ورجعت تتعامل معاه عادي؟!
شكرا.
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا