الزواج سهل، فلما نصعبه على أنفسنا؟
يُعتبر الزواج و تكوين الأسرة فريضة وتكليفًا يقوم به الرجل والمرأة، لا باعتباره تشريعًا ولكن باعتباره حادثة خالدة ومؤثرة فى الحياة والمجتمع، فالله تعالى جعل البشر أزواجًا من أجل السكينة الروحية، أما كل واحد فى نفسه فهو ناقص ومحتاج للآخر، فلو كان الزواج مقدمة لأمر ما؛ فهو مقدمة لاتحاد روحين، اتحاد يوصل إلى حقيقة أسمى مما يسعه الأفق الإنسانى الفردى.
فكيف بأمر كهذا لو أصبحت الأمور المادية هى مقياس نجاحه أو فشله عند اختيار الطرف الآخر المناسب!!!
ماذا لو أن بابًا للسعادة والفضيلة والثواب والارتقاء جعلناه نحن بابًا للإفراط والمغالاة والتبذير والمشاحنة حتى شُغلنا عن حقيقته!!!
الأصل فى الزواج أن الناحية المادية هى الأسهل. والمهم هو تربية ومراعاة الجوانب البشرية والإنسانية، فليس هناك مال أو ثروة تعادل قيمة الإنسان.
فلا مهرًا أو شبكة تعادل إصبع امرأة تحلت بالخلق والمعرفة، ولا أثاث أو دخل مادى يعادل سلوكًا قيمًا واحدًا تراه من رجل تحلى بالخلق والمعرفة.
إن المهر أو الشبكة صداق يمنحه الرجل للمرأة التى يتزوجها كتعبير عن صدق رغبته فى الزواج منها وهو حق للمرأة، والحق أيضًا أنه وسيلة لهدف سامٍ شريف، هو رمز لصدق النية والأصل فيه التيسير، فقديمًا كان الرجل يهب لزوجته قدر ما يستطيع، فقد يمنحها الفلاح من زرعه، والتاجر من تجارته أو بعض ماله، وقد تنال من المتعلم بعضًا من علمه، ولكن عندما يكون الأمر سببًا فى إخراج الزواج عن أهدافه السامية فهذا بعيد كل البعد عن المهر المقصود.
فلا يوجد تشريعًا، نصًا أو عقلًا يقول بأن يُطالَب الرجل أن يعانى لدفع أموالًا طائلة لأجل شبكة أو شكليات لا طائل منها، ولا يُطالب أهل العروس بأن يدفعوا كل ما يملكون لأجل تجهيز العروس، حتى أصبح الزواج فى هكذا مجتمع عبئًا وبابًا للهم والضيق.
للأهل كل الحق فى الاطمئنان على أبنائهم وبناتهم، بل إن هذا واجبهم ولكن هل الذين يتزوجون زواجًا مليئًا بالمظاهر هم أسعد من الذين يتزوجون ببساطة، هل الشكليات والتكاليف الباهظة تزيد عزة وشرف الابن أو البنت! البساطة فى الزواج سواء كانت فى المهر أم الأثاث أو الاحتفال ليست أمرًا يدعو للخجل، فالأصل أن نعمل بالتدبير لا التبذير وألا نوجد احتياجات وهمية نُثقل بها أنفسنا.
إن الشبكة والنيش والأثاث الفاخر لا يسعدون أحدًا؛ فإذا كان الزوجان غير مسؤولين وليسا على وعى بحقيقة الزواج فالشبكة والنيش لن يصنعا المعجزة، فكم من زوجة قالت أهب أكثر مما أخذت لأنجو بنفسى من حياة هى فى حقيقتها جحيم!!
ولكن عندما يكون الزواج قائمًا على المحبة والمودة وبطريقة سليمة فلن ينهار حتى ولو كان لا يوجد نيش.
فعلى الأهل أن يُعينوا أبنائهم على اختيار وبناء حياة زوجية سليمة ولا يجروهم بلا مبرر نحو الإفراط والتبذير وفقدان المعنى السامى للزواج، وعلى الأبناء ألا يسمحوا بذلك وأن يتصدوا له، فالخضوع لمعايير خاطئة فى أمر مهم كالزواج سوف لن تقف بعده الموجات المتتالية من الخضوع للمعايير الخاطئة التى تدمر الحياة الزوجية للشباب والفتيات، حتى تصير الحياة الزوجية أمر تقليدى نقوم به لا روح فيه ويصبح حملًا ثقيلًا على الزوج المطالب بالهدايا القيمة لأهل زوجته والولائم التى لا تضعها فى موقف محرج أمام أهلها، وأهل العروس المطالبون بالمواسم “الزيارات” التى تشبه القوافل التجاريه، ويصبح الأمر شبيهًا بما يقوله البعض؛ ( وإنى لمشتاق إلى موت زوجتى….ولكن قرين السوء باقٍ معمر) فهذا بالطبع نتيجة ابتداء أمر قائم على أسس واهية بعيدة كل البعد عن القيم والرقى وهذا ليس بزواج.
الزواج عبادة وامتثال لأمر الخالق وفطرته وتحصين للنفس، وسكن للفرد فى كل النواحى، نفسيًا واجتماعًا وماديًا وغير هذا، فالزواج هو الحياة، والحياة قليلها القليل يحتاج للأمور المادية، وكثيرها الكثير هو الأمور المعنوية، الروحية، والخلقية
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب
.