مقالات

الزراعة بعد عام من الوباء

لا شك أن الديون تمثل عقبة تعترض طريق النمو للأفراد والمؤسسات وبالطبع الدول. وتتجلى أبعاد المشكلة في القطاع الزراعي الذي يرتبط بشكل وثيق بحياة الإنسان، فمن استيراد التقاوي للمبيدات والمعدات والماكينات الزراعية للحاجة إلى الاستصلاح المستمر لمزيد من الأراضي مع ما يتطلبه ذلك من توفير للموارد -التي تأتي غالبا على شكل قروض داخلية أو خارجية، ونظرا لضعف الصادرات الزراعية وبطء العائد على الاستثمار الزراعي بحكم طبيعته فإن الديون تتراكم مع فوائدها ويتم الاقتراض لسداد ما تم اقتراضه سابقا، ومن ثم تبدأ الدائرة الجهنمية ولا تتم التنمية على أرض الواقع، ليست الديون فحسب ولكن ضعف الدخول والاستثمارات الزراعية مع صعوبة الإجراءات (وقبل كل ذلك وبعده أزمة وباء كورونا)، كل ذلك ولا شك أثر في القطاع الزراعي.

وها نحن على مشارف نهاية عام تفشي الوباء نحاول في السطور القادمة إجمال هذه الآثار وسبل مواجهتها في المستقبل.

إنتاج رغم المعاناة

وفقا لحسين أبي صدام نقيب الفلاحين فإن القطاع الزراعي يعاني من عدة مشكلات منها ما استجد مع الأزمة ومنها ما هو قائم واستفحل مع الوباء وهي:

  • ارتفاع أسعار استهلاك الكهرباء.
  • وجود فوائد للديون على الفلاحين لدى البنك الزراعي.
  • وجود عدد من المزارعين من السيدات والرجال الغارمين.
  • صعوبة إجراءات إنشاء مصانع الأعلاف وحظائر المواشي في الأراضي حديثة الاستصلاح.
  • ارتفاع إيجارات الأراضي الزراعية التابعة للوزارات والقطاعات الحكومية بما يثقل كاهل المزارعين.
  • عدم وجود صندوق لمواجهة الأزمات أو الكوارث الطبيعية.

ومن جانبه ذكر علاء فاروق رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري أن البنك يهدف للتيسير على العملاء غير المنتطمين في السداد عبر تسوية ديون الحاصلين على قروض قبل عام 2016 وذلك من خلال التقسيط على سنة أو ثلاث سنوات حسب ظروف كل حالة، بما يحقق إعادة دمج هؤلاء العملاء في النشاط الاقتصادي مرة أخرى، كما أكد أنه قد تمت تسوية ديون بحوالي 1.1 مليار جنيه مستحقة على 32 ألف عميل.

ووفقا لتقرير صدر عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن البطاطس هي الأشد تأثرا بأزمة الوباء، وذلك لتزامن ميعاد حصادها مع ذروة تفشي الفيروس حيث أصبح سعر الطن 1200 جنيه بالمقارنة بالتكلفة التي تساوي 4000 جنيه، كما انخفضت أسعار الفاكهة والتي تعتبر سلعة ترفيهية باستثناء البرتقال لاحتوائه على مواد معززة للمناعة. أما عن القمح فقد حدثت قفزة في أسعاره بداية من أبريل 2020 بسبب فرض الدول المنتجة حظرا على صادراتها من المحصول بينما تراجعت أسعار الذرة وقصب السكر نتيجة تراجع الطلب على الوقود الحيوي.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من ناحية أخرى فإن القطاع الزراعي تأثر بشكل غير مباشر للأسباب الآتية:

  • وضع حد أقصى للسحب والإيداع مما أثر سلبا على عمليات التمويل.
  • توقف المطاعم بشكل شبه كامل، وبالتالي انخفض الطلب على الخضروات والفاكهة بمقدار 20%.

كما أشار التقرير إلى انخفاض دخول العاملين في القطاع الزراعي في ظل الأزمة رغم عدم تأثر معدلات تشغيلهم نتيجة الحاجة للأيدي العاملة في موسم الحصاد. وأضاف التقرير أن هناك خطرا يلوح في الأفق يتمثل في قيام بعض المزارعين بتخزين جزء من محصول البطاطس لاستخدامها كتقاوي وبيع جزء منها في الموسم القادم، وفي ظل عدم دقة المعلومات حول ما تم تخزينه فقد يؤدي ذلك لانهيار السعر محليا أو عدم كفاية التقاوي المستوردة بسبب الاعتماد على تقدير خاطئ لمخزون التقاوي أو حتى فساد جزء منه.

ضوء في نهاية النفق

قد تبدو الصورة قاتمة، لكن مع قليل من الصبر واتباع المنهج العلمي لإدارة الأزمات يمكن العبور بالقطاع الزراعي بسلام، بل وتحويله لقاطرة تنمية لقطاعات أخرى ومصدر مهم للعملات الأجنبية ويمكن توضيح ذلك كما يلي:

  1. تفعيل قانوني الزراعة التعاقدية والتكافل الزراعي.
  2. التوسع في زراعة القمح في أراضي السواحل الشمالية لكي لا تتأثر المساحات القديمة وكذلك وجود مياه الأمطار.
  3. وضع البطاطس على بطاقات التموين بدلا من الأرز لمدة شهرين للاستفادة من وفرة الإنتاج هذا العام.
  4. إسقاط الديون عن صغار المزارعين مع الإفراج عن الغارمين والغارمات.
  5. إنشاء قاعدة معلومات عن الإجراءات الاحترازية التي قد تؤثر على المزارعين المصريين وتحديثها دوريا.
  6. دعم مدخلات الإنتاج من وقود وتقاوي وأسمدة.
  7. التحويل التدريجي لجميع الأراضي لنظم الري الحديثة.
  8. التوسع في التصنيع الزراعي لزيادة القيمة المضافة وإطالة مدة الحفظ للحاصلات الزراعية.
  9. قبل الموافقة على القروض من البنك الزراعي لا بد من عمل دراسة جدوى معتمدة من خبراء تابعين للبنك مع إشرافهم على التنفيذ مقابل مكافآت تصرف لهم من البنك وليس أصل القرض على أن يكون البنك شريك في المشروع.
  10. إنشاء صندوق لتكافل المزارعين بما يعمل على حمايتهم من الأزمات الطبيعية أو التقلبات السعرية وغيرها بتمويل وإدارة من المزارعين أنفسهم تحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

المصادر

  • موقع مصراوي.
  • جريدة أخبار المال.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

الزراعة المصرية

هل ستتأثر الزراعة بالجائحة؟

التعايش والكورونا

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط