مقالات

الرأسمالية وتشكيل الأيدولوجيات داخل المجتمع

المجتمع ينهش بمفاصله الجهل!
قد احترفت الرأسمالية بعد دراسة عميقة للعنصر البشري واختلافاته؛ فاستطاعت أن تغير فيهم بالقدر المناسب لكل الشخصيات سواء كانت دينية أو لا دينية، فتستعمل الأدوات المناسبة التي تناسب كل أيدلوجي، وتبدأ بتسفيه ما هو قيم وثابت وراسخ لديها مستعملة شهوة الناس وحبهم لما هو مادي، ومع ذلك لم تتمكن المجتمعات من رصد ما إذا كانت تغيرت في الحقيقة للأفضل أم للأسوأ، فإن نظرنا إلى مجتمعاتنا في الماضي القريب سنجد اختلافًا كبيرًا بين حاضرها وماضيها من حيث الفن والإعلام والثقافة أو حتى السلوكيات الناتجة عن أفكارها الجديدة، أهم ما في المشكلة هو عدم رصدنا لما هو كائن بالفعل أو ما نسير نحوه من سفه وانحطاط أخلاقي، لا يقدم أي شيء سوى زيادة الاستهلاك والتنمر والسرقة والقتل وكل ما هو إجرامي، حتى وإن كان فناً يدعو إلى البلطجة والانحطاط الخلقي.

بدأية الحكاية:

مجتمعات تحمل فكراً سليماً يمكنها من إقامة حضارة كاملة تشمل كل المجالات، وإن كانت لا تطبقه كاملاً، ولكن قد يخرج من أبنائها من ينهل من تلك المعارف ويحملها مطبقاً لها في سلوكياته؛ ليكون من النخبة فيتمكن من توعية الناس وإرشادهم إلى ما يُقوم سلوكياتهم، وبالتبعية تقدم المجتمع ورقيه في كافة المجالات، وهذا سيكون من أشد المجتمعات عداوة لنظام يدعو إلى الاستهلاك والتقدم المادي البحت دون مراعاة أي خُلق كالنظام الرأسمالي، فتحتم أن تسفه عقول أبناء تلك المجتمعات حتى لا تستمد القوة الفكرية الصحيحة فتصبح قوة تضعف قوتهم الفكرية والاقتصادية، ومن ثم استطاعت أن تُكون الكثير من الأيدولوجيات التي تختلف في الأسرة الواحدة قبل المجتمع والوطن الواحد؛ حيث ضاعت المبادئ والقيم التي كانت تُرسخ في الأجيال من قبل الأسرة والتعليم، فأصبح تقييم الأفراد بناءً على ما يتملكون من أموال وإمكانات مادية وليس ما يملكون من علم وخُلق، ليس فقط هذا الانهيار الأسرى والتربوي، ولكن تم أيضاً استخدام وسائل أخرى كالفن، فالطبيعي أن يتأثر كل شخص عاطفياً وفكرياً من خلال الفن طالما لا يرتكز هذا الشخص على مبادئ ثابتة، فأصبح الفن يسفه من الأفراد الطالبة للعلم، ومن الأشخاص الحاملة للأخلاق، ومن علوم مهمة كالمنطق والفلسفة ويهمش الكثير من قضايا المجتمع بل ويُوجِد قضايا أخرى ساذجة وغير أخلاقية، ويُلمع تلك الأفراد فيشجع المجتمع على تقليد هؤلاء ويستنكر أصحاب الخُلق الحقيقي.

نهاية الحكاية:

قد يكون لهذه الحكاية نهاية، ولكن هو قرار من يريد أن ينتهي من كونه جزءاً من القطيع الذى لا يستطيع فيه إلا أن يسير معه دون القدرة على التمييز ما إذا كان يمشي تجاه ما ينفعه أو يضره، فيجب أن يحصل على العلوم التي تعصم العقل من الوقوع في الخطأ والحصول على القواعد التي بدورها تكشف الحقائق وزيفها، ومن ثم معرفة المناهج المعرفية وأدوات كل منهج وسلبياته، ومعرفة دور التقدم التكنولوجي، وفى أي جهة ينفعنا هذا النوع من المعرفة، العديد من الناس يسفه كل ما ذكرناه ولكن من يريد التغير سيبدأ حتماً سواءً قرأ هذا الكلام أو لا. ما تحتاجه أجيالنا هو قتل الجهل والقدوم على المعرفة والتعلم والتسلح بكل ما يعين الفرد على إيقان الحقائق، وكشف كل ما هو زائف، وترسيخ أن القيمة الحقيقية للإنسان إنما هي فيما حمل من علم ونفع به غيره نتيجة لخُلقه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

عصر السيولة ومفاهيمه عن الإنتماء وعلاقة ذلك بالغزو الفكري

الكوميديا ودورها الهام والمؤثر في الغزو الثقافي والفكري في المجتمعات

جيلٌ هش .. الجيل المعاصر في خطر!

محمد سيد

عضو بفريق بالعقل نبدأ أسيوط