مقالات

الدوائر المُضيئة

أنت لست مطالبا بأن تكون ذا صيت عالٍ أو شهرة واسعة، لست مطالبا بأن تكون دائرة علاقاتك أو اهتماماتك أو نفوذك كبيرة أو أن ينزل اسمك مانشيت عريض في الصحف الكبيرة ويشير إليك الناس بالبنان أو أن تكون حديث الجميع، أنت فقط مطالب بأن تكون ذا دائرة مضيئة (دائرتك مضيئة).

بمعنى:

أنه لو كان هناك رجلان أحدهما متزوج ويعول طفلين ولديه سوبر ماركت صغير يُدر عليه دخلا معقولا، وهو يؤدي واجباته كاملة تجاه أسرته وعمله ويقدم أفضل ما لديه ليوازن ما بين متطلبات الأسرة والعمل، فهو بذلك صاحب دائرة صغيرة لكنها مضيئة.

رجل آخر متزوج ويعول طفلين ولديه ثلاث شركات عملاقة يديرها ويستطيع تلبية متطلبات الأسرة والعمل فهو بذلك صاحب دائرة كبيرة ومضيئة أيضا.

الطالب الذي يستذكر دروسه ويهتم بواجباته هو صاحب دائرة صغيرة مضيئة. ربة المنزل التي تهتم بزوجها وبيتها وتربية أبنائها هي صاحبة دائرة صغيرة مضيئة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الوزيرة التي تهتم بشئون وزارتها وتبدع في الإدارة  هي صاحبة دائرة كبيرة أيضا مضيئة. كل منا له دائرته التي ربما تكون صغيرة أو متوسطة أو كبيرة، ليس المهم أن تكون الدائرة صغيرة أو كبيرة المهم أن تكون مضيئة.

حينما تكون كل الدوائر مضيئة سيتوهج المجتمع

وحينما تكون كل الدوائر مضيئة -الصغيرة والمتوسطة والكبيرة- ستتكامل الدوائر فيما بينها ويتوهج المجتمع ويعم الخير والرخاء. أي خلل أو إهمال في دائرتك الخاصة سيؤدى بدوره إلى انطفائها، ومع ازدياد عدد الدوائر المنطفئة يتسلل الظلام شيئا فشيئا إلى المجتمع إلى أن نتخبط في ظلمات الجهل والظلم والإهمال وسيخسر الجميع. لذا فكل إنسان مطالب بأن تكون دائرته مضيئة سواء كانت دائرة صغيرة أو متوسطة أو كبيرة.

هناك دوائر الإضاءة فيها وهمية، هي في الحقيقة دوائر مظلمة ولكن تظهر للعيان على أنها مضيئة، كأن يظهر الإنسان بمظهر المحافظ على عمله المتقن له وهو في الحقيقة غير متقن لعمله ومهمل له، أو كأن تظهر ربة منزل وكأنها محافظة على بيتها مهتمة بنفسها وبزوجها وبأولادها ونتفاجأ بإهمالها لزوجها وأبنائها وبيتها، وربما نجد شكوى زوجها وأقربائها وجيرانها، والأمثلة كثيرة.

كل هذه الدوائر هي دوائر ذات إضاءة وهمية أو مزيفة، وتحتسب في الحقيقة  ضمن الدوائر المظلمة، وأصحاب الدوائر ذات الإضاءة الوهمية يجب عليهم أن يتوقفوا عن التظاهر بالمثالية ويبحثوا عن نور لظلامهم من خلال إيجاد حلول جذرية لمشاكلهم، واتباع سلوك سوي يجعل حياتهم أكثر صحة وإضاءة ونورا.

و إذا تفكرنا في الأمر سنجد أن فكرة بدء الإنسان بإضاءة دائرته الخاصة هي تحقيق لمبدأ التغيير والتطوير الشهير “ابدأ بنفسك”، وتندرج تحت مظلة قوله تعالى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”، وهي فكرة فعالة للغاية للارتقاء بالمجتمع والوصول به إلى درجة عالية من الصحة والجودة والاستقرار والرخاء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

التغيير الحقيقي من أين يبدأ 

هل فكرت يوماً أن تغير العالم؟

سفينة نوح والتغيير

د. كارم محمود حمدان

مدرس لغة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة جنوب الوادى

مقالات ذات صلة