إصداراتمقالات

الدعاية الصهيونية العالمية

في ظل ضعف الدعاية الفلسطينية والعربية للتعريف بالقضية الفلسطينية وجذب أنظار العالم وفضح الانتهاكات والمجازر التي يتعرضون لها، بجانب التواطؤ العالمي من قبل الصحافة والأجهزة الإعلامية لإخفاء الحقائق، نرى في الجانب الإسرائيلي ازديادا ملحوظا في نشاطات الجمعيات والمنظمات الإسرائلية واليهودية التي تهدف إلى التعريف بالهولوكوست في الفترة الأخيرة، فلا يكاد يمر أسبوع إلا ونرى حدثا أو فاعلية هدفها تكريم الناجين من المحرقة اليهودية أو ندوة للتعريف بالهولوكوست والظلم الذي تعرض له اليهود على يد هتلر، وكان أبرز حدث خلال الأيام الماضية فيما يتعلق بهذا الأمر هو زيارة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، إلى القدس وزيارته لقبر (ثيودور هيرتزل) مؤسس الصهيونية ، ثم زيارته لنصب “ياد فاشيم” للمحارق النازية (تحت رعاية منظمة ياد فاشم)، واجتماعه مع ستة من الناجين، حيث قبل يد كل واحد واستمع إلى قصص حياتهم. ومن العجيب أن منظمة (ياد فاشم) هذه قامت في شهر سبتمبر من العام الماضي، بتكريم طبيب مصري متوفى، أخفى امرأة يهودية في كابينة كان يمتلكها في برلين أثناء الحرب العالمية الثانية، وليس هذا النوع من النشاط هو وليد اليوم، فكما تتبنى الآن منظمات المجتمع المدني التي تتلقى المليارات سنويًا والمنتشرة في جميع عواصم العالم، دور التعريف بالقضية اليهودية والهولوكوست، كانت الصهيونية العالمية في الماضي ومازالت تقوم بدور طمس الحقائق، وإظهار المظلومية المبالغ فيها، عن طريق عملائها وطابورها الخامس في جميع الدول والموزعين في المؤسسات الإعلامية والصحفية والثقافية، وقد ذكر العقاد في كتابه ( الصهيونية العالمية ) الطرق التي استطاع بها الصهاينة تحقيق مخططهم آنذاك، وهو عن طريق السيطرة على هذه الوسائل الأربع وهي: (أولًا) وسيلة الصحافة العالمية ، (ثانيًا) وسيلة الشركات التي لها اتصال وثيق بالصحافة ولا سيما شركات الإعلان، (ثالثًا) شركات النشر والتوزيع، (رابعًا) هيئات الثقافة العالمية ، فكانت هذه الوسائل الأربعة كافية لتمكين الصهيونية العالمية من السيطرة على الكتاب والقراء. وتتمكن الصهيونية العالمية من الصحافة بالمساهمة في رؤوس الأموال، والمساهمة في التحرير والمراسلة، ولكن الوسيلة النافذة هي الوسيلة الثانية، وهي شركات الإعلان. والصحيفة التي تجازف بالموت هي الصحيفة التي تهاجم الصهيونية العالمية ، أو تناهضها في دسيسة من دسائسها، فإن المساهمين في رأس مالها، يهددونها ويحرجونها في مجالس الإدارة، فإن لم تكن للصهيونيين حصة كبيرة في رأس مالها، ولم يكن لهم دخل في تحريرها وإدارتها، فهناك الإعلانات التي تعول عليها ولا تستغني عنها، فإنها تنقطع عنها فجأة وتتركها عرضة للإفلاس. وليس بالقليل بين دور النشر ما يملكه الصهيونيون منفردين بتمويله وإدارته، وأكثر من ذلك هو دور النشر التي يساهمون فيها بالحصص والأسهم أو الإدارة والإشراف، وكل هذه الدور لا تستغني عن الدعاية الصحفية وغيرها من أساليب الدعاية في العصر الحديث. تأتي بعد ذلك هيئات عالمية لا تخطر على البال لأول وهلة، لأنها مفروض فيها أن تعمل لخدمة الأمم الإنسانية جميعًا، ولكنها لا تعمل لخدمة أحد كما تعمل لخدمة الصهيونية العالمية . فمثلاً هيئة”اليونيسكو”، والتي يقال إنها مجعولة لخدمة الثقافة الانسانية في أرجاء العالم، والتي تتقاضى المال من كل أحد غير الصهيونيين، هذه الهيئة ينتشر في دواوينها الصهيونيون بين أمناء السر ورؤساء المكاتب، ومديري الحسابات، وزمرة المحررين والمسجلين، ولم تعمل حتى اليوم عملًا أظهر وأجهر من أعمالها في خدمة الصهيونية ومحاربة أعدائها، وبخاصة أعدائها المعروفين بكراهة الساميين. وقد أصدرت (اليونسكو) آنذاك، نحو عشرين رسالة في موضوع العنصر والسلالة تدور كلها من بعيد أو قريب على محور واحد، وهو الدفاع عن الصهيونية ، وتسفيه آراء الناقمين عليه والمشهرين بها، والقائلين بالفوارق الجنسية التي تمسها وتعيبها في نظر الأمم الأخرى .

وأزيد على ما ذكره العقاد، من طرق ووسائل اعتمدها اليهود في دعايتهم، مثل صناعة السينما، حيث عمل الإعلام الصهيوني على استغلال السينما من أجل الحصول على المزيد من التعاطف مع اليهود٬ وذلك عن طريق إنتاج الأفلام العديدة عن اليهود وأفران الغاز والهولوكوست٬ كما أن السينما الصهيونية قد عملت على تغيير الحقائق المتعلقة بالقضية العربية والصراع العربي الاسرائيلي من خلال عرضها لأفلام تقلب المفاهيم وتصور العرب على أنهم أنذال في حين أن اليهود هم الأبطال الحقيقيون، كما أنه لا يخفى أن ملوك صناعة السينما في أمريكا أغلبهم من اليهود.

بالإضافة إلى ذلك، هناك المتاحف التي تعرض كل ما يتعلق بالهولوكوست، سواء أعمال فنية وتحف أو مقتنيات لضحايا الهولوكوست أو الناجين منه، ومن أشهر هذه المتاحف، متحف (ياد فاشم) في إسرائيل والذي يوجد به أكثر من 27 ألف قطعة معروضة.

وفي الواقع لا أتوقع أن تتطور أساليب الدعاية العربية في الوقت الحالي، فبعيدًا عن ضعف الإمكانيات المادية أو إهدار الأموال في أعمال فنية هابطة لا تمس الواقع في أي شئ، فليس هناك الرغبة السياسية في دعم هذا النوع من النشاط، فما أكثر من اعتقل في مظاهرة كان هدفها مجرد إحياء ذكرى مجزرة أو نكبة تعرض لها الشعب الفلسطيني.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

كريم مجدي

خريج كلية دار العلوم
صحفى
عضو بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة