الدراسات الموريسكية: محاذير
1- استخدام القضية الموريسكية لأهداف لا تمت للموريسكيين
منذ ثلاثة عقود تقريبا حذرت الزميلة غارثيا أرينال من استخدام القضية الموريسكية لأهداف لا تمت للموريسكيين بصلة. كانت الدكتورة تتحدث عن الباحثين الإسبان بالتأكيد، الذين سينطلقون من دراسة الموريسكيات إلى تبني مطالب قومية.
مرت الأيام والسنين، وبدأ عالمنا العربي يقترب شيئا فشيئا من القضية الموريسكية، وبدأنا نقرأ عند هذا الباحث أو ذاك نغمة تبتعد عن القضية، لتتبنى أطروحات بغيضة، تهدم أكثر مما تبني.
من المحزن أن تنعكس الخلافات السياسية الحالية على البحث التأريخي. كل باحث يريد أن يثبت -بسند أو بدون سند- أن بلده هو الذي قدم للموريسكيين مساعدة ذات قيمة.
بدأنا نلمح تلاعبا في الأرقام يهدف إلى أن بلدا بعينه هو الذي استقبل العدد الأكبر من الموريسكيين، إلخ. هناك من يربط بشكل ساذج بين القضية الموريسكية وقضية فلسطين، رغم وجود فرق جوهري بينهما: كانت إسبانيا مستعدة لقبول الموريسكيين إذا تخلوا عن الإسلام، بينما لا تقبل إسرائيل أن يتهوّد الفلسطينيون.
قضية فلسطين لها بعد ديني واضح، إذ يتحدث اليهود عن نصوص في التوراة أساسا لدولتهم، بينما لم يقل أحد بنصوص في الإنجيل عن دولة إسبانيا.
ثم إن وجود المسجد الأقصى يسمو بقضية فلسطين عن غيرها من القضايا. هذه الأبحاث “الموجّهة” لا تصمد كثيرا في ساحة البحث العلمي، وربما يتعين على جيل كامل من الباحثين الشبان أن ينحّوا جانبا هذه الأبحاث الموجهة ليكتبوا شيئا ذا قيمة.
2- هناك فروق لغوية وثقافية واقتصادية بين الموريسكيين
2- منذ سنوات قلائل قرأت للزميلة لوبيث بارالت تعبيرا أعجبني. إنها تتحدث عن “قضايا” الموريسكيين، بدلا من القضية الموريسكية. إن المتابع لتاريخ الموريسكيين لا يملك إلا أن يسلّم بهذه الحقيقة التاريخية، فهناك فروق لغوية وثقافية واقتصادية بين الموريسكيين.
هناك وثائق كتبها موريسكيون باللغة العربية، بينما لم يجد أبو الغيث القشاش إلا اللغة الإسبانية لتعليم الموريسكيين القادمين إلى تونس شعائر الإسلام.
هناك موريسكيون بقوا في إسبانيا لأنهم لم يجدوا ما يكفي لدفع تكلفة السفر، بينما كان هناك موريسكيون أثرياء باعوا أملاكهم لليهود وقبضوا الثمن في فاس.
هناك موريسكيون حمدوا الله على أن أخرجهم من إسبانيا “كما أخرج أتباع موسى من ظلم فرعون”، وهناك موريسكيون ندموا على خروجهم وأرادوا العودة إلى موطنهم (رغم محاكم التفتيش، ورغم كل شيء).
*الموريسكيون أو الموريسكوس بالقشتالية هم المسلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الحكم الإسلامي للأندلس، وأجبروا على اعتناق المسيحية أو ترك الأندلس. فرديناند وإيزابيلا في 14 فبراير 1502. في الفترة الواقعة ما بين 1609 و1614، أجبرت الحكومة الإسبانية المورسكيين على مغادرة المملكة إلى شمال إفريقيا بطريقة مُنظمة. كانت أعدادهم كبيرة في أراغون السفلي (طرويل حاليًا) وفي جنوب مملكة بالينسيا وفي غرناطة، بينما كانت أعدادهم أقل في بقية مملكة قشتالة، وذلك حسب المعلومات التي بلغتنا من سجلات الضرائب. وقد تم تهجيرهم نحو دول شمال إفريقيا وتجاه الشام وتركيا بعد سقوط الأندلس، ويوجدون حاليا في الجزائر وتونس والمغرب وليبيا.
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا