علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

الْحَيَاةُ الطِّيِّبَةُ

أَلَا مَا أَجْمَلَ أَنْ يَحْيَا الْإِنْسَانُ حَيَاةً إِيْجَابِيَّةً، يُؤَثِّرُ فِيْمَا حَوْلَهُ، وَيَهَبُ غَيْرَهُ، وَيَمْنَحُ مَنْ سِوَاهُ، وَيَحْبُوْ مَنْ عَدَاهُ، يَتْرُكُ فِيْهِمْ وَسْمًا، وَيَدَعُ فِيْهِمْ بَصْمَةً وَرَسْمًا، بَلْ يَحْفُرُ وَشْمًا عَصِيَّا عَلَى الْإِخْفَاءِ، صَامِدًا رَغْمَ عَوَادِي الزَّمَنِ وَالَّلأْوَاءِ، بَاقِيًا رَغْمَ تَقَلُّبَاتِ الْحَدَثَانِ وَالْفَنَاءِ،

وَمِنْ ثَمَّ تَرَاهُ دَائِمًا وَأَبَدًا مَصْدَرَ سَعَادَةٍ لِلْآَخَرِيْنَ، وَأَيْقُوْنَةَ فَرَحٍ فِي الْمُحِيْطِيْنَ، يُخَفِّفُ عَلَى الْمَسَاكِيْنَ، وَيُعْطِي الْأَيَامَى وَالْمُشَرَّدِيْنَ، وَيَرْحَمُ الْمَنْكُوْبِيْنَ، وَيَتَمَاهَى مَعَ التَّائِهِيْنَ، وَيُؤَمِّنُ الْخَائِفِيْنَ، وَيَتَرَاءَى وَالْمُخْبِتِيْنَ، ويَرْبِتُ –مِنْ ثَمَّةَ– عَلَى النُّفُوْسِ الْمُتْعَبَةِ،

وَيَعْطِفُ عَلَى الْأَرْوَاحِ الْمُنْهَكَةِ، وَيَرْوِي الْأَنَوَاتِ الصَّدِئَةَ، وَيُطَبِّبُ الذَّاوَاتِ الْمُدْنَفَةَ، وَيُهَدْهِدُ الْقُلُوْبَ الْمُنْكَفِئَةَ، الَّتِي أَضْنَتْهَا السُّنُوْنُ، وَتَمَلَّكَتْ مِنْهَا الشُّؤُوْنُ، وَكَسَاهَا الْحُزْنُ الْخَؤُوْنُ، فَسَربَلَهَا مِنْ ثَمَّةَ الْأَلَمُ وَالْغَمُّ، وَلَازَمَهَا السَّقَمُ وَالْهَمُّ، وَصَاحَبَهَا الظَّلَامُ الْمُدْلَهِمُّ.

دع الخلق للخالق

عِبَادَ اللهِ، دَعُوْا الْخَلْقَ لِلْخَالِقِ، وَلَا تُفَتِّشُوْا فِي الضَّمَائِرِ، وَلَا تُنَقِّبُوْا عَمَّا فِي السَّرَائِرِ، وَلَا تُرَاقِبُوْا الْبَشَرَ، وَلَا تَتَطَلَّعُوْا خَلْفَ الْأَبْوَابِ الْمُغْلَقَةِ، وَأَحْسِنُوْا الظَّنَّ، وَلَا تُأَوِّلُوْا سُلُوْكَ الْبَشَرِ، وَكُوْنُوْا لُطْفًا يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، أَمْنًا، وَسَلَامًا، وَسَكِيْنَةً، وَوِئَامًا، وَطُمَأْنِيْنَةً، وَرَأْفَةً،

وَرَحْمَةً، وَشَفَقَةً، وَلَا تَقْفُوْا مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ؛ فَمَا خَلَقَنَا اللهُ أَوْصِيَاءَ عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا مُوَقِّعِيْنَ عَنْهُ، وَلَا مُمْتَلِكِيْنَ مَفَاتِحَ جَنَّتِهِ، وَلَا خَزَائِنَ نَارِهِ، وَلَا تَحَسَّسُوْا، وَلَا تَجَسَّسُوْا، وَكُوْنُوْا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانَا؛ مَكَارِمَ خِلَالٍ، وَجَمِيْلَ خِصَالٍ، وَرَفِيْعَ شِيَمٍ، وَعَظِيْمَ قِيَمٍ،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وَاللهَ، اللهَ، عِبَادَ اللهِ، فِيْمَنْ يَتَتَبَّعُ الْعَوْرَاتِ، وَيَتَلَمَّسُ السَّقَطَاتِ، وَيَنْتَظِرُ الْعَثَرَاتِ، وَيَتَرَصَّدُ الْخَيْبَاتِ، وَيَتَمَنَّى السَّوْءَاتِ، وَرَحِمَ اللهُ مَنْ إِذَا رَأَى حَسَنَةً نَشَرَ وَقَالَ، وَإِذَا رَأَى سَيِّئَةً سَتَرَ وَأَقَالَ.

الرفق بالآخرين

الحياة الطيبةواُرْفُقُوْا بِالْآَخَرِيْنَ، وَتَسَامَحُوْا مَعَ الْمُحِيْطِيْنَ، هَدْهِدُوْا ذَوَاتِهِمْ، وَأَرِيْحُوْا أَنَوَاتِهِمْ، وَارْبِتُوْا عَلَى صُدُوْرِهِمْ، وَاشْفِقُوْا عَلَى قُلُوْبِهِمْ، وَوَضِّحُوْا لَهُمْ دُرُوْبَهُمْ، وَكُوْنُوْا سَبَبًا فِي حُبُوْرِهِمْ، وَطَبْطِبُوْا عَلَى أَرْوَاحِهِمْ، وَامْسَحُوْا دَمعَاتِهِمْ، وَأَمِّنُوْا رَوْعَاتِهِمْ، وَخَفِّفُوْا جِرَاحَاتِهِمْ،

وَانْظُرُوْا شُعُوْرَهُمْ، وَأَوْفُوْا نُذُوْرَهُمْ، وَاحْفَظُوْا أَسْرَارَهُمْ، وَاحْمِلُوْا عَنْهُمْ أَوْزَارَهُمْ، وَابْتَسِمُوْا فِي وُجُوْهِهِمْ، وَرَاعُوْا جُنُوْبَهُمْ، وَاجْبُرُوْا كُسُوْرَهُمْ، وَأَعِيْنُوْا ضَعِيْفَهُمْ، وَسَاعِدُوْا كَفِيْفَهُمْ، وَارْأُفُوْا بِسَائِلِهِمْ، وَأَقْرُوْا نَازِلَهُمْ، وَأَعْطُوْا مُحْتَاجَهُمْ، وَانْظُرُوْا مُلْتَاجَهُمْ، وَتَعَهَّدُوْا كَسِيْرَهُمْ، وَاحْتَرِمُوْا كَبِيْرَهُمْ، وَهَذِّبُوْا صَغِيْرَهُمْ، وَلَا تَغْدُرُوْا، وَلَا تَفْجُرُوْا، وَلَا تَخْتَصِمُوْا، وَلَا تَنْتَقِمُوْا!

وَكُوْنُوْا دَائِمًا الْكَفَّ الْحَانِيَةَ، وَالنَّظَرَةَ السَّاجِيَةَ، وَالْقُبْلَةَ الْمُرَطِّبَةَ، وَالْكَتِفَ الْمُطَبِّبَةَ، كُوْنُوْا لَهُمُ الْعَصَا الَّتِي يَتَوَكَّؤُوْنَ عَلَيْهَا، وَيَسْتَنِدُوْنَ إِلَيْهَا، كُوْنُوْا لَهُمْ نِعْمَ النَّصِيْحُ، وَالْأَخُ السَّمِيْحُ، طَبِّبُوْا آَلَامَهُمْ، وَحَقِّقُوْا – إِنِ اسْتَطَعْتُمْ- آَمَالَهُمْ، وَكُوْنُوْا لَهُمُ الْمَأْوَى وَالسَّكَنَ، وَالْمُتَّكَأَ وَالْأَمْنَ، وَالْمُرْتَجَى وَالْمُسْتَكَنَّ، وَالْقَلْبَ وَالْجَفْنَ!

خطوات الطمأنينة والسكينة

وَقُوْلُوْا لِلنَّاسِ حُسْنًا، وَلَا تَرْقُبُوْهُمْ مَنًّا، وَاعْلَمُوْا أَنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا الْخَلْقَ بِأَمْوَالِكُمْ وَضِيَاعِكُمْ، أَوْ بِمَنَاصِبِكُمْ وَبَاعِكُمْ، وَلَا بِأَبْنَائِكُمْ وَعَشِيْرَتِكُمْ، وَلَا بِمَا مَلَكْتُمْ أوْ تَمَلَّكْتُمْ، وَإِنَّمَا بِحُسْنِ أَخْلَاقِكُمْ، وَطِيْبِ خِلَالِكُمْ، وَرَهَافَةِ مَشَاعِرِكُمْ، وَجَمِيْلِ مَنَازِعِكُمْ، وَلْيَكُنِ الْحُبُّ شِعَارَكُمْ، وَالسَّكِيْنَةُ دِثَارَكُمْ، وَالْإِخْلَاصُ دَارَكُمْ، وَالطُّمَأْنِيْنَةُ وِشَاحَكُمْ، وَالْوَفَاءُ سَاحَكُمْ، كُوْنُوْا رَايَةً خَفَّاقَةً تَعْلُوْ وَتُرَفْرِفُ، وَرُوْحًا طَيِّبَةً تَسْمُوْ وتُهَفْهِفُ!

طُوْبَى لِلسَّلِيْمَةِ صُدُوْرُهُمْ، الْغَائِبَةِ شُرُوْرُهُمْ، النَّقِيَّةِ أَفْئِدَتُهُمْ، الْمَأْمُوْنَةِ طَوِيَّتُهُمْ، الْمُتَلَأْلِئَةِ سِيْرَتُهُمْ، السَّامِيَةِ سَرِيْرَتُهُمْ، الْمُسْتَقِيْمَةِ دُرُوْبُهُمْ، الطَّاهِرَةِ قُلُوْبُهُمْ، الْمُمْتَنِعَةِ خُطُوْبُهُمْ، الْمُتَجَافِيَةِ جُنُوْبُهُمْ، الْمُتَعَالِيَةِ نُفُوْسُهُمْ، الْأَبِيَّةِ رُؤُوْسُهُمْ، الْمُبْتَسِمَةِ وُجُوْهُهُمْ، الشَّامِخَةِ أُنُوْفُهُمْ،

الرَّائِعَةِ صِفَاتُهُمْ، الْمُزْدَهِرَةِ صَفَحَاتُهُمْ، الْعَظِيْمَةِ سِمَاتُهُمْ، الْجَلِيْلَةِ شِيَاتُهُمْ، الْجَمِيْلَةِ خِلَالُهُمْ، الْحَاضِرَةِ خِصَالُهُمْ، الْمُتَرَائِيَةِ هِمَّتُهُمْ، الْمُشْرِفَةِ قِمَّتُهُمْ، الْمُشْرِقَةِ قَامَتُهُمْ، الْوَاضِحَةِ مَكَانَتُهُمْ، الشُّرَفَاءُ نِطَافَا، الْمُوَطَّؤُوْنَ أَكْنَافَا، الَّذِيْنَ يَأْلَفُوْنَ وَيُؤْلَفُوْنَ.

اقرأ أيضاً:

الحياة الإنسانية والإنسان

روح الحياة

في مفهوم التسامح وسماته

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*********

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. محمد دياب غزاوي

أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية- جامعة الفيوم وكيل الكلية ( سابقا)- عضو اتحاد الكتاب