الحياء نمبر وان
يقوم بعض الفنانين بعرض صور سيارتهم الفارهة على وسائل التواصل الاجتماعي متباهين بها غير عابئين ولا مراعين لمشاعر غير القادرين، ثم يقوم بعضهم بتصوير نفسه وهو يلقي الأموال على الماء بعبث وبدون اكتراث وكبرًا وبطرًا في سلسلة من المواقف والتصرفات المستفزة والتي لا هدف لها إلا الاستفزاز.
أما عن الفن فيحتمل أن يكون ذاك الفنان عنوانا لفن البلطجة والعري والأغاني الهابطة والموسيقى الشاذة.
إذن ومن خلال تلك الظواهر والسلوكيات السابقة؛ فلا هو قدَّم فنًا ينشر الحق والخير والجمال بين الناس ولايمتلك سلوكيات مسؤولة تراعي مشاعر الآخرين.
ولا أرى لذلك سببا إلا قلة الحياء وغيابه.
الحياء خلق الإنسانية
والحياء ضد الوقاحة وهو الحشمة وهو خُلق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح والمذموم ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، ويصعب الحديث عن أي خلق بدون الاحتكام إلى الدين الذي يُمثل المصدر الحقيقي للأخلاق ويدعمه في ذلك العقل وما يقره من البديهيات العملية والمبادئ العقلية التي تستحسن كل ما هو جميل وتستنكر كل ماهو قبيح والحياء خُلق حسن وجميل لا شك في ذلك.
وروي في الأثر أن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستح فاصنع ما شئت، فخلق الحياء هو خلق كل الأديان السماوية وخلق كل الأنبياء وأنه ما من نبي إلا وقد حث عليه. ولذلك قيل ما كان الفحش في شيء إلا عابه وما كان الحياء في شيء إلا زانه.
والحياء هو خلق الإنسانية عامة فمن لا حياء فيه؛ فليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة حتى أن أهل الجاهلية الأولى في الجزيرة العربية كانوا يتحرجون من بعض القبائح ويمتلكون من خلق الحياء الكثير مما يفتقر إليه البعض اليوم فها هو عنترة يقول
أغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
الوقاحة غياب الحياء
وهكذا فإن غياب الحياء هو الوقاحة بعينها وإذا كان الفنان الذي تكون أفعاله وآثاره الفنية طبقا لمدرسة الفن للفن؛ فهو الذي يقوم بنشر الفن من أجل اللذة والشهوة و ليس من أجل النهوض بالمجتمع فلا ينضبط فنه بالأخلاق ولا يستحي من أي فعل مهما كان منحطا أو غريبا .
فها هي بعض المسارح في فرنسا تقدم مسرحيات جنسية في فرنسا أبطالها فنانون معروفون، وانظر أيضًا إلى كثير من مسلسلات رمضان هذا العام و إلى المواضيع التي تتناولها من قتل وزنى وخيانة وارتكاب للموبقات مما يندى له الجبين ويستحي أن يشاهده صاحب الفطرة السليمة خاصة في هذا الشهر الكريم.
وخلاصة القول أن ما يقدمه الفنان للمجتمع من فن لا يتمتع بالحياء ولا بقيم الحق والخير والجمال هو فن فارغ من مضمونه؛ بل هو نوع من الوقاحة ونشر لكل ماهو قبيح بين الناس الذين يقلدون ما يشاهدونه من ممارسات قبيحة وبالتالي لاعجب بعد ذلك في أي شئ يأتي به الفنان مهما كان غريبًا أو شاذًا أو مؤذيًا لمشاعر الناس.
وأختم المقال بقول الشاعر
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء