أسرة وطفل - مقالاتمقالات

تخاريف عن الحمل

كثير من الناس يصدق بعض التخاريف ويعدونها علمًا أو طبًا!

هذا المقال يتكلم عن النصائح الطبية العامة! وليس علاج مرض معين، فعلاج مرض معين ليس وظيفتك ولا مهنتك التي تفهم فيها، لكن وظيفة الأطباء.

من هذه التخاريف أن الرضاعة أو كثرة الإنجاب تتسبب في إصابة الأم بهشاشة العظام!

يتخيل عقلهم البسيط أن الأم هي علبة مغلقة فيها كمية من الكالسيوم، والطفل أو الأطفال يمتصون منها هذا الكالسيوم، إلى أن تنتهي كميات الكالسيوم في العلبة! هاهاها، “خلاص يا مدام الكالسيوم عندك خلص، وبقيتي إنسان من غير عضم!”.

طبعا ظهر بحث أخيرًا في مجلة نيتشر العلمية يرد على هذا التخريف ويشرح سبب أن الأمهات لا تصيبهن هشاشة العظام من الرضاعة، وأن هرمونات معينة تُفرز في جسد الأم في أثناء الحمل والولادة تساعد على قوة العظام وإعادة بنائها وتجديدها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بل إنه من المعروف والمثبت علميًا أن هشاشة العظام تصيب أكثر النساء اللواتي لم يسبق لهن الحمل ولا الولادة، لأن أجسادهن تفتقر إلى هرمونات معينة خلقها الله في المرأة الطبيعية.

لكن أحيانًا تتناسب الخرافة مع مصالح الأطراف المتعددة!

مثلًا: في خرافة علاقة الهشاشة بالحمل والرضاعة هناك أربعة أطراف تستفيد من هذه الخرافة!

الطرف الأول: الطبيب

تذهب إلى الطبيب سيدة عليها ضغوط نفسية، وتشتكي آلامًا متنقلة في أجزاء متعددة من جسدها، والأشعات والفحوص الطبية طبيعية.

فلا يستطيع أن يقول لها إنها طبيعية وفحوصاتها طبيعية وإنها عوامل نفسية، لكن يجد مخرجًا بأن يقول لها إن هذا نقص فيتامين دال! فتفرح السيدة بالخرافة.

رغم أن نقص فيتامين دال وفق الأبحاث يسبب هشاشة في الكبار ولين عظام في الأطفال، وكلا المرضين غير مؤلم! ولا يحدث ألم في هشاشة العظام إلا لو صاحبها كسور.

أغلب السيدات من كبار السن يكون الألم بسبب الخشونة أو الأعصاب أو ضعف العضلات أو الحالة النفسية، لكن لا يكون فيتامين دال أو الكالسيوم سبب الألم!

لكن تصبح خرافة نقص الكالسيوم وفيتامين دال مخرجًا للطبيب كي يتخلص من مريضة تشكو وتبالغ في الشكوى، دون أي مرض!

الطرف الثاني: المريضة

يكون مخرجًا نفسيًا للنساء اللواتي يحببن الاعتراض على الحمل والرضاعة أو العيش في صورة الضحية، وتشكو من المجهود الخارق والأسرة والمجتمع والدنيا، كأنها أول امرأة في التاريخ تحمل وتلد أو تطبخ وتربي أبناء!

الطرف الثالث: الجهات التابعة لمؤسسات المرأة

التي تشجع على عدم الإنجاب وتقليل النسل وهدم الأسرة، إلى آخره من مصالح كلنا يعرف أنها مُوِّلت من الجمعيات الغربية والنسوية، فتنشر التخاريف نفسها في الإعلام على أنها علم وطب!

بناء عليه من مصلحتها تخويف النساء من الحمل والزواج والولادة، ونشر الخرافات والمبالغة فيها.

طبعًا القصص والحواديت كثيرة: “أنا أعرف واحدة كانت حاملًا وبعد الحمل ما لاقوش عندها عضم، وتحولت إلى فأر، هاهاها، طيب مين الواحدة دي؟ ما أعرفش، أي قصص وحواديت مصاطب، المهم الإثارة ومصمصة الشفايف، ياعيني يا بنتي”.

الطرف الرابع: شركات الدواء والمكملات الغذائية

التي تتاجر بخوف الناس وتبيع لهم الوهم أنهم سوف يعيشون حياة أطول وأفضل بتناول أقراص الفيتامين كل يوم، كأن البشر عبر ملايين السنين كانوا يتناولون هذه الأقراص!

يعني خرافة علاقة الحمل بالهشاشة خرافة لا تتناسق مع العلم، ولا حتى مع الحياة والطبيعة.

الحياة الطبيعية التي كلما تقدم العلم أثبت أن البعد عنها هو ما يصيب بالأمراض، في حين أن القرب من الحياة الطبيعية والبعد عن الأقراص والأدوية هو ما يجعل الإنسان يعيش بصحة أفضل.

فالله خلق البشر طوال التاريخ، يعيشون وينجبون، عادي، ولم نسمع أنه قبل اختراع أقراص فيتامين دال أن النساء كانت تذهب إلى كاهن القبيلة كي يكتب لها فيتامين دال!

الدرس، حين تسمع كلامًا في الطب، ونصائح من أشخاص، عليك أن تسأل 3 أسئلة (هنا أتكلم عن النصائح الطبية وليس علاج مرض معين، فعلاج مرض معين ليس وظيفتك ولا مهنتك التي تفهم فيها، لكن وظيفة الأطباء):

  1. هل هناك مصالح وراء هذا الكلام؟
  2. هل هذا مع الطبيعة أم ضدها عبر التاريخ؟ هل أجدادك عاشوا بهذه الطريقة؟
  3. هل هناك أبحاث علمية من مركز محترم وجهات موثوق في مصداقيتها وحيادها عن هذا الموضوع؟

مقالات ذات صلة:

الأمومة وطن .. والطفولة مستقبل

سكري الحمل

الثقافة المادية اليوم تطلب منا أن لا نتطور

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس