الحركة والتكنولوجيا الحديثة
الحركة الميكانيكية للجسم تشكل الجسد البشري عند الطفولة وفي مرحلة البلوغ؛ فالحركة هامة جدًا حتى إن الفضائيين الذين يعودون من الرحلات الفضائية بعد غيابهم على مركباتهم الفضائية لمدة شهور عند وصولهم للأرض يضعونهم على كراسي متحركة حتى يستعيدوا قدرتهم على المشي مرة أخرى؛ لأننا نعلم أنه أثناء تواجدهم في الفضاء نظرا لانعدام الجاذبية اللازمة للمشي على الأرض فإنهم يتنقلون في مركباتهم الفضائية في الفضاء فيما يشبه وضعية الطيران لانعدام الجاذبية الأرضية.
الحركة لا تتأثر فقط بالرحلات الفضائية خارج الغلاف الجوي؛ بل قد تتأثر الحركة وأنت على الأرض وبالتكنولوجيا الحديثة بصورها الكثيرة المتعددة ومنها :-
الهواتف المحمولة واللوحات الإلكترونية
الحركة الجسمانية:
أغلب من يقتني مثل هذه التكنولوجيا هم الأطفال والشباب البالغون، حتى إن الأطفال من سن 16 إلى سن 24 سنة يعانون من آلام الرقبة والظهر؛ نظرًا للوضعية الخاطئة في الجلوس أثناء لعب الألعاب الإلكترونية أو تصفح الإنترنت، فالجلوس يكون بانحناء ضار بعضلات وفقرات الظهر والرقبة،
وهذا الانحناء يأخذ وقتا طويلا دون أن يدري من يستخدم الهاتف المحمول أو اللوح الإلكتروني مع هذه الوضعية الخاطئة في الجلوس ولفترات طويلة مع انعدام الحركة خلالها مما يُسبِّب ضغطًا على الفقرات ثم هشاشة القرص والغضروف في الظهر ومع الوقت تتكون النتوءات العظمية؛ مما يسبب ضيق في القناة العصبية التي يمر بها النخاع الشوكي وهو الجهاز العصبي المسئول عن الحركة في الجسم.
ولتلافي هذا الوضع الخطير علينا أن ننظم عملية استعمال الهواتف المحمولة واللوحات الإلكترونية بالنسبة لأطفالنا فلا يستخدموه طول الوقت كما هو الحال الآن؛ بل يكون الاستخدام لفترات معينة يحددها الوالدان مع تعليم الأطفال الوضعية السليمة للجلوس عند استعمال هذه الأجهزة، ومن المستحسن إشغال الطفل في أنشطة أخرى بديلة عن الهواتف المحمولة كاللعب بالألعاب التقليدية الأخرى ودمج الطفل مع الأطفال الآخرين في اللعب؛ مما يكون له الشبكة الاجتماعية اللازمة لتنمية مهاراتة .
أما الشباب البالغين العارفين بخطورة الاستخدام المفرط لهذه التكنولوجيا أن يقوموا بتوعيتهم ويشرحوا لهم الخطورة الصحية في الانكباب على هذه الهواتف المحمولة طول الوقت وأثرها السيء على الجسم، وعلى الشاب أن يعرف أن الحياة ليست تصفح الإنترنت وفقط؛ بل هناك من الأنشطة الأخرى التي تستحق الاهتمام كممارسة الرياضة والقراءة والخروج مع الأصحاب، وإنه ليس من المفيد الاستسلام الكامل للهاتف المحمول .
الحركة العقلية
وإذا كنا تكلمنا على تأثر الحركة الجسمانية بالتكنولوجيا الحديثة؛ لاننسى أيضا الحركة الذهنية والتى تتأثر أيضا بها، فقد كثر المتصفحون للشبكة المعلوماتية في معرفة ماخفي عن جوجل مثلا؛ ملاذ من يبحث عن المعرفة في كافة شئون الحياة حتى أن المهتمون بهذه الظاهرة يقولون إن هذا الوضع يؤثر على الحركة العقلية للإنسان وذلك لسهولة ما يصل للمعلومات محل البحث؛ فيكفيه ضغطة على جوجل فتأتيه المعلومات من كل حدب وصوب دون أى مجهود منه في التفكير والبحث. هذا بلا شك يؤثر على العقل وحركته في البحث والتفكير .
درسنا في علم النفس أن أهم مايميز الإنسان من ضمن ما يتميز به الإدراك والانتباة وكلاهما يتأثر باستغراق الإنسان في استخدام الهاتف المحمول أو اللوح الإلكتروني. فإنه وقتها يكون مشغولا، آخذًا المحمول بكل تركيزه وإدراكه وانتباهه حتى إنك لو جلست بجانبه؛ قد لا يشعر بك ولو تحدثت إليه؛ لا ينتبه لك.
حركتنا الجسمانية والعقلية مليئة بالطاقة والحيوية لو استُخدمت في نشاطات مختلفة لعمت الفائدة علينا وعلى من حولنا. وعلينا استثمار هذه الطاقات، وإعادة اكتشافها لأن التكنولوجيا الحديثة قد طمرتها وأخفتها عن عيوننا، وعلينا أن لا نستسلم لهذه التكنولوجيا بالكلية، وأن نسيطر عليها لا أن تُسيطر علينا. وقد يكون الأمر محتاجًا إلى التنظيم حتى نخرج بأجسامنا وعقولنا آمنين؛ فهي البقية الباقية لنا في هذه الحياة.