الجهل المركب وثقافة الموت – عندما يغيب العقل!
أنواع الجهل
قد يظن البعض أن مفهوم الجهل هو واحد، أو أن الجهل يشمل في عدم المعرفة فقط، ولكن الحقيقة أن للجهل نوعين: أحدها مفتاح المعرفة والباعث عليها وهو ذلك النوع الذي يطرح التساؤلات والاستفسارات التي تجعل من حياتنا رحلة شيقة من البحث والتعلم، وتمنحنا الحرية بالعلم والمعرفة.
النوع الأكثر خطرا للجهل
وهناك نوع آخر من الجهل وهو في غاية الخطورة، ذلك أن صاحب هذا الجهل لا يدرك جهله، بل العكس هو الصحيح، فهو يظن أنه يعلم بحقائق الأمور، وهو في الحقيقة لا يعلم بحقائق تلك الأمور وحقيقتها، ولا يعلم أيضا أنه جاهل لذلك يسمى صاحب هذا الجهل (بالجهل المركب) حيث إنه لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم.
وكلما كانت الموضوعات المعنية أكثر أهمية؛ كلما كانت مخجلة؛ ذلك لأن صاحب هذا الجهل لا يجهل الأشياء الأهم وحسب، وإنما يظن أنه يعرفها.
فصاحب هذا الجهل يلقي بنفسه في الموضوعات التي لا يعرف عنها شيئًا، ومع ظن منه أنه خبير بها؛ فيزيد الطن بلة من حماقة وجهل جديد لهؤلاء القابعين في سجن الأوهام في مغارتهم التي حددها لهم كهف الأعلام، حتى أصبحوا خبراء في الظل مسرورين بذلك لأنهم لا يعرفون شيئا آخر.
الجهل المركب اليوم
وجديد هذا الجهل المركب اليوم هو تلك الأشكال الرهيبة في التدمير الذاتي للقيم والأخلاق والثوابت حتى في الفن والثقافة تغيرت قيم الجمال والفن؛ حتى أصبح العنف نتيجة طبيعة لذلك الجهل وأصحابه؛ ذلك أن بديل العقل هو العنف،
هو اقتباس مباشر من عالم الحيوان الذي خرج علينا منه أصحاب هذه الأفكار، مدعية تارة البقاء للأقوى وتارة أخرى الحق هو المنفعة بغض النظر عن أي قيم. فعندما يغيب العقل؛ ينمو العنف ويتجه الإنسان للفراغ والملل واللامبالاة بالحياة، والتعصب الذي يؤدي إلى التدمير
والسبب العميق لثقافة الموت التي نحن فيها هو جهل الإنسان وفقدان عزته وكرامته الإنسانية، وما دمنا لا نعي ذلك؛ فإن تأثير ذلك الجهل سيزاد أكثر وأكثر في حياتنا، وأن الكوارث البشرية ستزداد يوما بعد يوم، وما دام السبب مستمرًّا؛ فإن مفاعيل هذا الجهل ستحدث وتشتد يومًا بعد آخر.
اقرأ أيضا :
مات وارتاح .. عن رحلة الحياة ونهاية الطريق
المعاناة والألم … هل من سبيل للخلاص من المعاناة ؟ ولماذا نعاني من الأساس ؟