مقالات

من ذاق ظلمة الجهل أدرك أن العلم نور – المعرفة كنز لا يفنى

مع مرور الزمان تتسع بشكل مستمر دائرة الاحتياجات والتساؤلات وتتعقد الإشكاليات ويشتد الظمأ إلى منهل المعرفة العذب وتزداد الآذان شوقًا إلى سماع تعاليمها.
كما تتسع مساحة المخاطَبين، ويزداد الغزو الثقافى شراسة وإصرارًا على تغييب الفكر الفعّال والدفع بالعقول إلى عوالم وهمية وإلهائها بالمواضيع الخاوية.

مسؤولية حامل المعرفة

هنا تظهر مسؤولية حاملى العلم ومُبلِّغيه؛ فهم المسؤولون عن إرواء ذلك الظمأ وصد تلك الهجمات؛ حيث أقلامهم هى البنادق وكلماتهم الدروع.
إن مهمة نشر المعرفة وتوعية الناس هى الوسيلة التى اختارها الخالق لهداية المخلوقين، هى الاتصال بين السماء والأرض؛ فالشخص الناقل للعلم الناشر له لابد أن يكون على وعى تام بأهداف وقيمة ما يفعل؛ فهو يستهدف تزكية الناس والارتقاء بفكرهم وفعلهم وحديثهم، يريد إيقاظ الفطرة والعقل وإحياء القلوب والضمائر، يصحح لهم المسار الخاطئ، ويعيدهم للتساؤل عن هدف وجودهم.

ولذا لابد أن يكون صادقًا فى إعطائهم الحقيقة دون تضليل، ولابد أن يكون ملمًّا بالمعارف التى تخص ما يقول حتى يتكلم عن علم ووعى؛ لأنه حين يكون جاهلًا بحقيقة ما يسعى لنشره وغير ملمًا بتفاصيله وقع الناس فى متاهات وظلمة تبعدهم عن الفكرة.

الإيمان والإخلاص شرطان

كما أنه لابد أن يكون مؤمنًا بالفكرة لا أن يكون فقط يعمل بها؛ فهناك من يعمل بفكرة وينشرها ويروج لها وهو فى نفس الوقت غير مستعد للالتزام بتكاليفها الاجتماعية والأخلاقية، فالفكرة لابد أن تتحد بكيان الناشر لها وإلا بدا شخصًا غير متزن وبدت الفكرة للجمهور عقيمة لا تعود على صاحبها بالنفع.

وناشر المعرفة عليه أن يتحرى الإخلاص فهو ميزان صحة العمل وقوام الفضائل؛ فيأخذ بالأسباب ويلتزم بما تفرضه عليه قوانينها، يستفيد من الوسائل الظاهرية لتحقيق هدفه ثم لا يشغله بعد هذا كيف تكون النتيجة، فمقياس النجاح والإخفاق يتعلق بصحيح وصدق البلاغ وهذا بالطبع لا يتعارض مع الرغبة الصادقة فى الوصول للناس والتأثير فيهم بل إنه كلما التحم بالمخاطَبين أصبحت الرغبة فى تحسين أوضاعهم لا تنفصل عن وجدانه

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكن المقصد هو ألا يتوه عن عقله الهدف الأعمق وهو التبيان ونشر الحقيقة والعمل لها فلا يتحول الحزن لضعف النتائج المادية الملموسة إلى شعور بالإخفاق والندم، فمودة الناس ليست قيمة مطلقة على الإطلاق؛ هى أمر يُسعى له ولكنه ليس المعيار.

وعي ودراية

إن حامل المعرفة هو فى الأصل طالب لها، يبدأ بتعليم نفسه وترسيخ القيم والفضائل فيها وهو دائم التحصيل، وهو على دراية بأن الجزاء الحسن لطلب العلم مشروط بتوصيله للناس ونشره بينهم، بل قد يتبدل الجزاء الحسن لو تلقى العلم وقعد عن نشره؛ إذ أن نشره والسعى لنصرته ليس تطوعًا منه بل هو تكليف وواجب يقوم به، حتى إذا بلغ أشده صار هو من يدير دفة عملية نشر المعرفة والوعى ويحدد متى وأين وكيف يكون الخطاب وبأى أسلوب

وبقدر ما يكون وعيه أعلى تكون اختياراته أدق وتكون الرسالة أبلغ وقعًا وأثرًا فى نفوس الناس؛ هو من يٰشخِّص الأهم فالمهم، هو من يعرف أن مقتضيات الزمان واحتياجات الناس هى القالب الذى يُشكل خطابه، فهو يواكب مشاكلهم ويضع الإجابات لإشكالياتهم فهو لا يعيش فى كوكب منعزل عنهم، هو مؤتمن على الناس.

اقرأ أيضا:

خلود جلجامش في عصر العولمة .. ولنا من روايات السابقين عبرة

 المعاناة والألم … هل من سبيل للخلاص من المعاناة ؟ ولماذا نعاني من الأساس ؟

بعد فضيحة الفيسبوك… ما هو مصير المعلومات المسروقة؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة