التكنولوجيا والابداع والاصاله والفرادة
في نهاية القرن التاسع عشر كانت هناك ثورة في الاختراعات والابتكارات والنظريات العلمية والفلسفية والجمالية، وكان من أهم الاختراعات آلة التصوير الفوتوغرافي وآلة التصوير السينمائي أو المتحركة، ويستمر التطور إلى التصوير الثلاثي الأبعاد والهيلوجراف والليزر، ويستمر إلى أن نصل التجسيم البارومتري واليوم نصل إلى الذكاء الاصطناعي ومن قبله الحاسوب وبرامج الكمبيوتر والبرمجة والروبوتات.
حالة مستمرة! إنه العلم والتطور والتقدم.
يستمر الارتباط بين الفن والعلم حالة من الأخذ بما يقدم وبين الرفض، وبين صراع الأضداد والتناقض والمقاومة، حالة مباشرة وغير مباشرة.
الموقف: ما الفن؟ وما الإبداع؟ وما مواصفات النتاج الفني والإبداع؟ وما العلم؟ وماذا يقدم؟ والهدف من التكنولوجيا ودورها؟ تقنيات وأدوات وخامات ساعدت على تحقيق أفكاره الفنية التي كانت يصعب تحقيقها دون ما تقدم من تطور.
ويبقى الفن والفنان: هل التكنولوجيا تصنع الفن؟ لا إنها توفر الجهد والوقت نعم! لكنها ليست بديلًا! فالإبداع إضافة ذات بصمة شخصية، لهذا يوجد فرق بين الاختراع والابتكار والابداع، الجامع بينهم الإضافة بشيء جديد، نعم.
لكن هنا الفردانية التي تميز إنتاج المبدع والفنان وأصالته، إنما الاختراع والابتكار نتاج للاستخدام البشري في أي مجال، أما الفن لا إنه نتاج وحالة فردية تمامًا وبصمة خاصة، والمنتج التكنولوجي منتج عام متعدد ينتج وفقًا لما قدم، ما قدم من تكنولوجيا هي وسائط ووسائل وأدوات وتقنيات لخدمة الإنسان كلٌ في مجاله.
الموقف للفنان: كيف تفكر؟ وكيف تستخدم؟ وما هو نتاجك في نطاق مفهومك للإبداع وليس الابتكار؟ هذه إشكالية كبيرة من صفات العمل الإبداعي للأصالة والفرادة.
ونذهب لرصد الحالة في مجال الفن البداية التحدي بين آلة الكاميرا والفنان: الكاميرا دقة وسرعة في الإنجاز ومهارة فائقة ورسم اللوحة واستغراق الوقت والجهد وقدرة الفنان وموهبته، فكان الطرح من التأثيرين لوجود رؤية جديدة تجاه رؤية الطبيعة وتناوب التطور بالحركة الإيهامية والفعلية أمام آلة السينما في أعمال المستقبليين والحركين فيما بعد.
وأمام المنتج الصناعي مواصفات المنتج من الجودة والتعدد كانت رؤية الفنان، أما هذا المنتج الصناعي في توظيفه واستعارات النتاج الصناعي في الأعمال الفنية والاستخدام والتوظيف التكنولوجي له حدود في الفن والنتاج الإبداعي، كما في أعمال الدادية مرورًا بالواقعية الجديدة وفن البوب وفن المنيمال، وتوظيف الصناعة في تحقيق الفكرة الفنية دون التدخل العاطفي للفنان في التفاعل مع العمل في أثناء تنفيذه فيغير منه.
فالفنان وضع الفكرة والصانع الماهر نفّذها، إذًا الفنان هو الأساس والمنتَج ينسب له. والانتقال إلى مراحل أعلى من فن التصوير وتوظيف الضوء في نقل الصورة ومحاكاتها، أو الرؤية الإبداعية للفنانين في أعمال التصوير الضوئي بالليزر في فن الهيلوجرام والتشكيل الضوئي، ونتخطى هذا إلى علم البرمجة والسبرانية في الفن وجماعة الضوء والحركة وجماعة الزيرو إلى أعمال الميكاترونكس.
إنها جميعًا وظفت التكنولوجيا لخدمة الفن والفكر الإبداعي ولم تكن بديلًا للمبدع ونتاجه، مشكلة لمن لا يدرك دور التكنولوجيا للفنان ومفهومه لها وإمكانياتها وحدودها ودور المتلقي للتفرقة بين العمل الفني والعمل الصناعي بوصفه منتج. هناك فرق بين الإبداع والاختراع والابتكار. وما التكنولوجيا ودورها للفنان وحدودها.
مقالات ذات صلة:
الفن الرقمي والذكاء الاصطناعي والغباء البشري
الحل في الإيجابية والبحث والإبداع
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا