التقييم والتقويم وصولًا للقيمة – الطريق إلى المعنى
الطريق إلى المعنى
كما اعتاد البشر في علوم التربية البدنية أن ينموا قدرة البدن بالرصد والتدريب بالتدرج، وصولاً لمستويات أعلى، وتلك سياسة صائبة في ذاتها في التعامل مع النفس البشرية، فإن لم يتبع الإنسان سياسة الرصد و التقويم لما تحتويه نفسه وما يحمله عقله من معتقدات، لن يصل للمعنى الحقيقي للقيمة.
فالكثير من الناس يقوم بتداول أن الصدق حسن والجمال رائع، ولكن أين المعنى الذي توصل له هذا الشخص؟ فقد سار على نهج من قال له ذلك، ولذلك ظهر التناقض بين ما يقوله أو يعتقده وبين ما يفعله؛ لأنه في الحقيقة هو لا يعتقد بل ينقل ولا يعقل،
الأجدر بكل إنسان أن يسعى لتطوير ذاته، وتلك عبارة ليست بالجديدة على مسامعنا ولكن هنا نذكر تفاصيل دقيقة موثقة بأدلة واقعية وطبيعة بشرية…
النفس كالطفل
فالطبيعي حين يقدم الطفل على السير يتدرج بالتعود والتطبع وصولاً لاستطاعته المشي. فماذا حدث هنا؟ قد تمت تقوية العضلات وكسبها الانسجام للعمل كوحدة متكاملة بين العضلات العاملة والعضلات المساعدة، ولهدف واحد، وكذلك اكتسابه التوازن بعد هذا الانسجام،
فيقول علماء فسيولوجيا الرياضة أن التدريب يتم من خلال التقييم ثم التقويم والتدرج فيه، يصل بنا لحالة من التطور في المستوى، وذلك باستخدام التقييم (الاختبار والرصد) ومن ثم البدأ في البناء بعد تحديد المستوى (التقويم) والذي بواجبه يعطينا مقدار التقدم الذي حدث في المستوى وذلك الذي يحدث في البدن، كالذي يحدث في تدريب النفس والعقل،
التقييم ثم التقويم
فبداية نقوم برصد ما نحن عليه، ومن ثم تقديم التدريب المناسب، ونتدرج في صعوبته ونقوم برصد ذلك التقدم من خلال التقييم ونعاود تلك الخطوات لإحداث تطورات كبيرة ولإظهار مثالنا الذي سردناه بالأعلى نقول كيف لشخص أن يتصرف وفق قيمة هو لا يعلم ضروريتها وجمالها إلا حين يتم تدريب نفسه عليها.
في البداية فليس كل شخص لديه الطبع الذي يجعله يطبق القيم، ولكي يطبق من هو بعيد عن تلك القيمة، فلا بد أن يعي أنها مهمة، ليس فقط لمن حوله ولكن له أيضًا، فيهم بتطبيقها تدريجيا على نفسه حتى يكتشف فائدتها ويصل بمعناها السامي والنبيل، ونعاود بمثال للتبيين،
الكل يرى الجمال قيمة رائعة في حين أن أفعالهم تتناقض مع ذلك، ويظهر اهتمامهم وحكمهم على ما هو مادي بأنه جميل لمجرد أنه يمتلك المال أو المظهر؛ فيقولون انظر لهذا الممثل الجميل! يا ليتنى أكون بجماله! في حين أنه لم يتعامل معه، ونسب القيمة لما هو ظاهر ومادي، في حين أنه ليس معيار القياس،
فقد يتعامل مع شخص أسمر البشرة ليس على قدر من الجمال، ولكن بمعاملته معه وحديثه إليه قد يترك أثرًا في نفسه، مما جعله يحكم عليه بأنه جميل، وهنا يظهر لنا ما نقصده أن القيمة لا تقاس بأشياء مادية، وإنما هي في حد ذاتها معنوية، فيصل بنا إليها كل ما هو معني.
اقرأ أيضا :
يعني ايه تربية ؟ ( الجزء الأول ) – ما المقصود بالتربية ؟ وما هو تأثير القدوة ؟
أين أجد إجابات للأسئلة المصيرية ؟ وكيف يتم التوافق ؟
لا تتركوني وحيدا – التربية ودورها في إنشاء الطفل تنشئة سليمة وسوية