أسئلة عامةمقالات

تعريف التفكير النقدي وأهميته، أدوات التفكير الناقد

مغنٍ شاب فاجأ جمهوره بما يرتديه على المسرح في إحدى حفلاته بإحدى الدول العربية، فما بين سترته الخضراء اللامعة والسروال القصير ذي اللون البنفسجي، لاقى سخرية وهجومًا ممن استهجن مظهره، حتى خرج أحدهم بصورته بالملابس المذكورة بجانب صورة لفنان راحل ببزة كلاسيكية، وقد عنون الصورة بـ(كيف تدهور الفن في مصر)،

في محاولة لنقد ملابس الفنان الشاب، ليرد آخر عليه بصورة للفنان الشاب ببزة بسيطة بجانب صورة للفنان الراحل وهو يعزف البيانو في منزله مرتديًا سروالا قصيرا وقد عنونها بـ(كيف ارتقى الفن المصري)!

الفكرة ونقيضها بنفس الأسلوب ونفس الاستدلال، فأين هي المشكلة؟ المشكلة هنا في نقد الفكرة الواهي الذي استدعى نقدًا آخر لهذا النقد، مما أثر بالضرورة على متلقي النقد بالسلب، هذا الأثر الذي كان يمكن تجنبه بامتلاك أدوات التفكير النقدي السليم، التفكير القادر على اكتشاف الخطأ بصورة سليمة ودقيقة.

التفكير النقدي، قد يظن البعض أن المقصود به هنا هو الانتقاد المستمر، أو السعي الدائم لإيجاد العيوب والأخطاء، ولكن التفكير النقدي لفظة تحمل مفهومًا أوسع وأشمل، إذ بمعرفة الخطأ يسهل الوصول للصواب، وبالنقد البناء يمكن الوصول للحلول الصحيحة والأفكار المبدعة.

تعريف التفكير النقدي

التفكير النقدي هو القدرة على القيام بعمليات تحقق من صحة أو خطأ المعلومات المطروحة باستخدام عملية التفكير والتحليل العقلي، أما التفكير بمفهومه الواسع هو حركة الذهن في المعلومات المتاحة للوصول إلى المجهول،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومن خلال هذا التعريف يتضح ارتكاز عملية التفكير النقدي بشكل أساسي على التفكير وأدواته للفصل في حقيقة المعلومات والحقائق والاستدلالات التي يتفاعل معها الفرد.

أهمية التفكير النقدي

التفكير النقدييقول توماس كارليل: “يمكنني القول أن أعظم الأخطاء هو أن يكون المرء غير مدرك للأخطاء التي يرتكبها”، لتلخص تلك المقولة أهمية التفكير النقدي، فبدون القدرة على النقد يمكن بسهولة الخلط بين الحقيقة والأوهام وبين الصواب والخطأ.

كما أن التفكير النقدي قادر على تفكيك المشكلة وتحليلها للبحث عن حلول، ويساعد على تعزيز القدرة على التعبير عن النفس بشكل واضح خالٍ من اللبس أو الغموض.

فبالنظر إلى أنماط التفكير نجدها تنقسم إلى:

  1. تفكير معياري (استدلالي/قياسي).
  2. تفكير تعميمي (استقرائي).
  3. تفكير تشبيهي (تمثيلي).

لذا كانت الحاجة إلى التفكير النقدي لـ:

  • التمييز بين ما هو ظني (تعميم أو تشبيه) وما هو يقيني (معياري).
  • معرفة حجية كل استدلال ومدى صحته.
  • اكتشاف المغالطات وتفنيدها بالاستدلال.
  • القدرة على فهم الآخر ومخاطبته بميزان الحجة والدليل العقلي.
  • اكتساب القدرة على قبول الآراء والبحث بتجرد في الحقائق والتعامل مع الأفكار الجديدة بمرونة.
  • تأجيج النهم للمعرفة والفضول العلمي للحقائق.

اقرأ أيضاً:

الهروب من النقد!

حاجتنا إلى النقد الأدبي الخلَّاق

الناقد والمبدع والحرب الباردة

أدوات التفكير الناقد

كما أسلفنا أن التفكير النقدي هي عملية أساسها التفكير، ولكي تكون تلك العملية سليمة يجب أن يكون التفكير منطقيا وسليما، فتكون أدواته:

  1. الفهم: الفهم الصحيح للمشكلة المطروحة ووضوح المفاهيم المستخدمة وتعريفها بدقة.
  2. جمع المعلومات بشكل حيادي ومجرد.
  3. الحصر العقلي والتحليل المنطقي: تفكيك المشكلة وتحليل الحلول.
  4. سؤال (لماذا؟): الإجابة عن سؤال لماذا، أو البحث عن الدليل.
  5. البحث في الأفكار دون النظر لأشخاص أو عاطفة أو اتجاهات فكرية.
  6. التطبيق: القدرة على نقل وتنفيذ الحلول المطروحة.

كيفية استخدام التفكير النقدي

التفكير النقديلاستخدام التفكير النقدي فالخطوة الأولى هي التجرد، والتجرد يعني أن تتخلى عن الانتصار لفكرة، فئة، أو طرح ما، بل النظر بشكل موضوعي ومحايد للفكرة المعروضة من جميع الجوانب والآراء الممكنة، دون أي تأثر عاطفي، بل الانتصار للدليل الصحيح فقط لا غير.

وهذا يعني بالضرورة القدرة على إعادة النظر فيما تملكه من أفكار وآراء، بل والانفتاح على أية آراء جديدة أثناء البحث والتحليل.

الخطوة الثانية وهي اكتشاف الأخطاء والاستدلالات الظنية الواهية، وهو ما لا يمكن إلا بتحليل عقلي ومنطقي.

الخطوة الثالثة وهي طرح الحلول والأجوبة القائمة على الدلائل اليقينية الصحيحة.

معوقات التفكير النقدي

وكأي عملية فإن نجاحها يتوقف على التغلب على المعوقات التي تعوق تنفيذها بشكل صحيح ولعل أهم هذه المعوقات:

  • العصبية (القبلية): الانتصار لفئة أو التعصب لفكر.
  • العاطفة العمياء: الانتصار لعاطفة تجاه فكر ما سواء كانت بالكراهية أو المحبة أو حتى الغضب أو التعاطف.
  • الانحياز وغياب الموضوعية.
  • الجمود والانغلاق: رفض أي فكرة دون بحث وتمحيص.
  • التفكير العشوائي المفتقر لقواعد التفكير المنطقي السليم.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد صابر

مهندس حر

باحث في علوم التربية وفلسفة التعليم بمركز “بالعقل نبدأ”

دراسات عليا في كلية التربية جامعة المنصورة

حاصل على دورة إعداد معلم (TOT) من BRITCH FOUNDATION TRAINING LICENSE المعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية