أصداء واسعة داخل المجتمع المصري بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لـ”قائمة العفش” التي عادة ما يتم فيها تسجيل المشتريات التي جلبها أهل العريس والعروس وقيمتها المادية، لضمان حقوق الطرفين في حالة الانفصال، بعد أن كتب عليها ولي أمر الزوجة “من يؤتمن على العِرض لا يُسأل عن المال (اتق الله في كريمتنا)”.
تلك الجملة انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التوصل، مع دعوات بالستر والصحة وتيسير الحال لولي أمر الزوجة، كونه قرر التيسير على الزوج وعدم المبالغة في كتابة القائمة.
أسرة العروس
ويقول الأب، ناصر مخلوف، في حديثه مع موقع سكاي نيوز عربية: “الفكرة جاءت في البداية من منطلق أننا مجتمع ريفي في بلقاس بمحافظة الدقهلية، وبحكم اختلاطنا بالناس نرى حالات انفصال كثيرة تتم قبيل كتب الكتاب بسبب خلافات العائلة حول تقدير القائمة”،
وأضاف: “أعتبر دوما القائمة ورقة فتنة، وأنا أرفضها تماما لأن ابنتي لا تقدر بملايين الدنيا كلها، لقد تركت الأمور مفتوحة، وجميعنا قام بشراء ما تيسر له لتجهيز منزل زوجية مثالي يقام على الود ويشرّف الجميع”، وأوضح الأب أن العروس رحبت بالفكرة، بينما الأم كانت في البداية رافضة لكن بعد الحديث معها اقتنعت بالفكرة، وبأن أموال الدنيا لا تساوي غضب ابنتها أو لا قدر الله حدوث مكروه لها، وأن هذا يعد من باب التضامن والتيسير على الشباب.
الواقعة حظيت باهتمام كبير من قبل الرأي العام العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة بين مؤيد ومعارض للفكرة، وذلك من باب أن قائمة المنقولات أصبحت سيفا مسلطا على رقاب الأزواج والشباب، ومن باب التيسير على الزوج وعدم المبالغة في كتابة “القائمة”.
وقد أثارت تلك الواقعة كثيرا من الجدل، كما أثارت موجة من السخرية وفتحت من جديد النقاش حول فكرة قائمة المنقولات أو ما يعرف بـ “القايمة” بين أوساط المجتمع، حيث رحب بعضهم بتصرف الأب باعتباره يؤسس لزواج مبني على المودة والرحمة، ولا داعي للدخول فيه بـ “إيصال أمانة” كما وصفه بعضهم أو اعتبار الزيجة مثل صفقة بيع وشراء.
أما كثيرون آخرون ومنهم حقوقيون مدافعون عن المرأة، فقد كان لهم رأي مختلف، إذ اعتبروا أن تصرف هذا الأب “تفريط في حق لا يملكه”.
بيان دار الإفتاء المصرية
تلك الحالة من الجدل، دفعت دار الإفتاء المصرية إلى التدخل وحسم الأمر، حول بيان شرعية توقيع الزوج على قائمة المنقولات التي يحضرها أهل العروس.
وقالت دار الإفتاء في بيان لها: “قرر الشرع الشريف حقوقا للمرأة، معنوية ومالية، وجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها، وفرض لها الصَّدَاقَ، وهي صاحبةُ التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجَعل مِن حقها أن تبيع وتشتري وتَهَب وتقبل الهِبَة وغير ذلك مِن المعاملات المالية، ما دامت رشيدة، شأنها في ذلك شأن الرجل”.
وأضاف البيان: “عادة ما يكون ذلك الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوج، أو يؤجره من الغير، فيكون الجهاز تحت قبضة ويد الزوج، فلما ضعفت الديانة وكَثُر تَضييعُ الأزواجِ لِحُقوقِ زوجاتِهم، رَأى المُجتمَعُ كتابة قائمة بالمنقولات الزوجية (قائمة العفش) لِتَكون ضمانا لحق المرأة لَدى زوجها إذا ما حدث خلاف بينهما، وتعارَف أهل بلادنا على ذلك”.
وأشار البيان إلى: “أن القائمة إذا استُخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمرا قبيحا، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ، ولا تُصادِمُ نصا شرعيا، ولا قاعدة فقهية، وإنما هي مُتَّسِقَةٌ مع الوسائل التي استَحَبَّها الشرعُ في العُقودِ بِعَامَّةٍ، كاستِحبَابِ كتابةِ العُقودِ، واستِحبَابِ الإشهادِ عليها، وعَدَمُ وجودها في الزمنِ الأولِ لا يُشَوِّشُ على مشروعيتها، لأنها تَتَّسِقُ مع المقاصد العامَّةِ للشريعة مِن السعيِ لضمانِ الحقوقِ، ورَفْعِ النـِّزاع، فهي ليست البدعةَ المذمومةَ المَنهِيَّ عنها، بل هي بدعةٌ مُستَحسَنَةٌ مَمْدُوحَة، يَصِحُّ أن يُقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر رضي الله تعالى عنه: “نِعمَتِ البِدعةُ”.
واختتم البيان، أنه لا حرج شرعا في الاتفاق على قائمة العفش عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، مع التنبيه على عَدَم إساءة استخدامها.
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.