مقالاتفن وأدب - مقالات

التشخيص قبل التعليم ( المُعلم المُعالج) … قصة الطفل والمُعلم

الطفل “إيشان” ومعلمه

يتناول الفيلم الهندي “stars on earth” قصة الطفل إيشان الذي يعاني من صعوبة في قراءة الحروف و الكلمات؛ فيراها أمامه متحركة بين السطور أشبه بعرض رقص مسرحي وبالتالي يقف عاجزًا عن تحديد ما يقرأه بطريقة طبيعية كباقي زملائه في الصف؛ مما يؤثر على تحصيله في جميع المواد الدراسية وعلاماته، فيصبح موضع للسخريه والنقد من أقرانه ومعلميه دائما.

بجانب العنف الذي يلاقيه من والديه في المنزل واتهامهم له بالإهمال وعدم التركيز والفشل في دراسته؛ فيصاب الطفل بالإحباط  وعدم الثقة بذاته مما يترتب عليه انطوائه نظرا لما يتعرض إليه، حتي يأتي إلى المدرسة مُعلم جديد فيُغَيِّر من حياته المأساوية.

ففي يومه الأول يلاحظ الطفل وهو معاقب خارج الصف بالإضافة لانعزاله المتعمد أثناء أي تجمع، فيعزم المُعلم على محاولة فهم سلوك الطفل  ويبدأ رحلة  البحث ودراسة الحالة وجمع العديد من المعلومات عنه ودمجها مع الدراسات المؤيدة لتلك السلوكيات.

فيكتشف المُعلم مشكلة “إيشان” ثم يعرضها على أسرته لبدء خطة ممنهجه لعلاجه بشكل جماعي و فردي أيضًا؛ فيدربه على القراءة و الكتابة بشكل سليم كباقي زملائه حتى يتعافى الطفل تمامًا و يصبح مبدعا بفضل مُعلمه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

السبب

كان سؤال “إيشان” هنا دائمًا لماذا لا يفهمه أحد؟ فسلوكياته صادقة لما يعبر عنه و يراه و لا يتداعى الأكاذيب كما يزعم والده و لا يدّعي الكسل كما يحدثه مُعلميه، و هو أيضًا السؤال الذي يطرحه كل من هؤلاء الأطفال الذين يعانون من “صعوبات التعلم” التي يمكن تعريفها بـخلل أو مشكلة في تحصيل المواد الدراسية  كالقراءه و الكتابة و الحساب دون وجود أي إعاقة،

فالطفل يكون عاجز أثناء العملية التعليمية عن الاستجابة لأي من التعليمات وبعض المعلمين لا يستوعبون ما يواجهه هؤلاء الطلاب من تلك المشاكل. والأسوأ هو التسرع في الحكم على الطلاب بالغباء و الفشل و البطء و ينبذوهم بطرق قاسية تحبطهم و تعزز الضعف لديهم،

ولا يحاول أحدهم البحث أو مراعاة ما يحدث لهم و يكون شاغل المعلم هو سرعة إنهاء الدرس لمواكبة الخطة الزمنية للمنهج واللحاق بالموعد قبل الاختبارات النهائية، ويضيع الطفل في تلك المنظومة غير المستوعبة لقدراته و صعوباته.

المعلم

ما لا يدركه المعلم -هنا- أن دوره لا يقتصر على تقديم المادة العلمية فقط؛ فعدم الانتباه لبعض المشكلات الهامة قد تستمر مع الطفل لبقية حياته لعدم اكتشافها في بدايتها؛ فالمعلم بجانب كونه مُلقن إلا إنه مشخص لحالات هؤلاء الطلاب؛

فهو الذي يصاحبهم لفترات زمنية كبيرة و بالتالي يلاحظ الكثير من الإشارات التي قد تدله على ممَن يعانون من أي اضطرابات أو خلل؛ فيستطيع إنقاذ الطفل باكرًا واللحاق به منذ البداية؛ فتلك المشكلة لا تظهر غالبًا إلا بعد دخول الطفل المدرسة؛ فتبدو نتائجها والتي تتمثل في؛ تأخر دراسي ملحوظ عن بقية أقرانه الذين يماثلونه في العمر و الظروف.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فعلى المعلم أن يقوم بتقييم ذاته وآداء جميع طلابه باستمرار وفق مراجعة أهدافه التي يسعى لها، و يجب أن يكون الطالب من أولويات تلك الأهداف، لا تحقيق المكاسب أو السعي فقط لإثبات جدراته دون اعتبار لواجباته الرئيسية، فما أصعب أن يشعر أحد الطلاب بالهوان و التخبط مع عدم القدرة على التعبير عما يصارعه من شقاء.

أنا مدين لوالدي لأنه أمّن لي الحياة و مدين لمعلمي لأنه أمّن لي الحياة الجديدة   (الإسكندر المقدوني)

الجهود المشتركة من قِبل المعلم و الوالدين تساهم بفعالية أكبر على عكس إذا ما واجه المعلم بمفرده دراسة حالة الطلاب، فينبغي أن تكون الأسرة على اتصال بالمعلم و تُوجِّهه لطبيعة شخصية طفلهم و إمداده بما يتطلبه من بيانات؛ فقد توفر عليه الكثير من الوقت لمحاولة جمع أو استنتاج شيء ما و بالتالي يتكاتفا معًا لتحقيق حياة سوية للطفل.

اقرأ أيضا :

يعني ايه تربية ؟ ( الجزء الأول ) – ما المقصود بالتربية ؟ وما هو تأثير القدوة ؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تنشئة الأجيال الجديدة وعملية التعليم –المعلم الفاضل يبني إنساناً للمجتمع

دور المعلم في إحداث التنمية

خلود أشرف

طالبة بكلية العلوم جامعة القاهرة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة