التحرش يعني المضايقة دون ترك أثر أو إصابة واضحة، سواء تحرش جنسي أو تحرش لفظي أو مضايقة بتعليق أو كلام سخيف. ويستعمل اللفظ في مضايقة شخص أقوى لشخص أضعف، يعني مدير أو رئيس لمن هم تحت إدارته، أو شخص قوي لمن هم أضعف منه. والتحرش يكون بين شخص وآخر، ويمكن أن يكون المتحرش رجلا أو امرأة، وكذلك الضحية.
في بحث قامت به كلية الجراحين الملكية الأسترالية وأبحاث مشابهة في عدة بلاد أوروبية للبحث عن التحرش في مجال الجراحة _يعني بين الأطباء وبعضهم_ وجد البحث أن ٦٠% من الجراحين (ذكور أو إناث) تعرضوا للتحرش بالقول أو الفعل! ونحو ٣٠% من التحرش يكون بمعنى جنسي! وإن أغلب الأطباء يتعرضون للتحرش من أحد الأطباء الكبار في صورة تعليقات سخيفة أو سخرية لاذعة!
وجد البحث أن الأغلبية من ضحايا المضايقة والتحرش لا يتكلم ولا يشتكي ويفضل السكوت، و٥% فقط يبلغ السلطات المسؤولة! رغم توفر قوانين كثيرة لحماية الأطباء من تحرش الزملاء بهم.
وسبب عدم الشكوى هو:
١.. إن الكثير من الشكاوى عن التحرش تكون كذب أو مبالغة من شخصيات غير متزنة، مما يعطي سمعة سيئة لأي شخص يفكر في الشكوى الحقيقية.
٢.. عدم اهتمام السلطات في الكثير من الأوقات أو عدم تصديق الشكوى.
٣.. الخوف على المظهر العام والسمعة والعلاقات مع باقي الزملاء على المدى الطويل.
ويحكي مقال من مجلة كلية الجراحين عن مثال بسيط، طبيبة قال لها رئيسها أنه لن يوافق على إجازتها إلا لو حضرت إلى بيته وخلعت ملابسها بالكامل! وحين اشتكت قال لها المسؤولون لا داعي للمبالغة وتكبير أمور صغيرة، هذه مجرد دعابة!
وهذه الأمثلة كثيرة بحكم أن الطب يحتاج تعاملا لفترات طويلة بين الزملاء والبقاء بعيدا عن المنزل لفترات طويلة والضغوط النفسية التي قد تخرج وتظهر معها العيوب النفسية لدى البعض.
ويجب أن نتذكر أن التحرش كلمة فضفاضة تعتمد على التواصل بين طرفين، وما يفهمه البعض أنه تحرش يفهمه البعض الآخر أنه مجاملة أو نكتة ظريفة! بل حتى في المجتمعات المختلفة قد يدعو رجل غريب امرأة إلى العشاء فيعتبر هذا تحرشا في بلادنا، بينما يعتبر شيئا مقبولا في أمريكا!
التحرش أو المضايقة شيء مزعج، وهو نتيجة طبيعية وشر لا بد منه في العمل المختلط، ومنعه لا يعتمد على القانون بل يعتمد على تصرفات وشخصية كل إنسان وقدرته على مواجهة هذه المواقف السخيفة.
