مقالاتعلم نفس وأخلاق - مقالات

التأرجح بين التبرير والدليل – تربية النفس وسبيل الخروج

أحمد ومصطفى صديقان، كل منهما يخبر صديقه عما يقوم به، وببعض تفاصيل يومه… أحد الصديقين وهو مصطفى يؤمن بأن الصديق الحقيقي هو من يكون مرآة لصديقه، وهو ما يفعله مع صديقه أحمد، في يوم ما كان يتحدث أحمد إلى مصطفى عن شيء ما يريد أن يفعله، فقام مصطفى بالإفصاح عن رأيه مقدِّماً له دليلاً على رأيه، فبدأ أحمد يخبر عن التبرير لما هو قادم على فعله، وراح كل منهما يتبادل الجدال دون جدوة منه.

البعض يتخذ التبرير حجة للخروج من أي مأزق!

كل منا قد يكون أحمد أو لديه صديق كأحمد، ولكي نكون صادقين مع أنفسنا، من منا اتبع الدليل لأي شيء يقدم على فعله! سنجد أننا قليلاً ما نفعل ذلك، وكثيراً ما ننجذب عاطفياً إلى ما نريده، فنبرر له ونضع ألف سبب، لا يظهر الأمر طبيعيا،

ولكن هل حين نقوم بأي شيء، ويقوم صديق قريب بإخبارنا أن ما نقوم به في الحقيقة هو خطأ والدليل على ذلك كذا كذا… هل سنتبع الدليل وسنتجرد؟! أم سنجادله باتخاذنا تبريرات كثيرة أضعف بكثير من أن تصمد أمام صحة الدليل الذي قدمه الناصح، من منا لم يبرر لغيره ما يريده أو ما يفعله، وكأنه يضع سبب غطاء لغيره وراحة لنفسه؟

بين التبرير والدليل

إنه التأرجح بين التبرير والدليل، وهو الأمر الذي يشكل مسار حياتنا، فقد نقف أمام قضايا محورية في حياتنا ونجد الدليل، وهنا يظهر قدرة الشخص على التجرد للحقيقة، فإما أن يتبع الدليل ويختار مساره وإما أن تغلبه عاطفته ولا تستطيع قدرته العقلية على التجرد فيقدم الكثير من التبرير ،

تلك في الحقيقة نقطة محورية في حياتنا، إن تربينا عليها أمسكنا بزمام أنفسنا وانطلقنا في تطويرها وتقويتها، وإن لم يكن فالعكس سيحدث بالتدهور و التبرير لكل شيء مهما كان صحيحاً أو خاطئاً، الذي يبرر يأتي بدليل قد يكون صحته ضعيفة جداً أمام الدليل المطروح أمامه من الناصح،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكن هو ليس على قدرة كافية من التجرد ليتبع الدليل! هو يفضل أن يظل على ما هو عليه ويقدم التبرير كغطاء كاف له ليغطي ضعف موقفه، ولكن في الحقيقة هي مسألة انقياد عاطفي للشيء الذي يقوم به أو خوفاً من أن يبدو على خطأ أو خوفاً من الخروج عن الموروث!

فما بالنا إن كان كل ما نقوم به في حياتنا قد يكون خاطئاً، ومع ذلك نقدم التبرير لأهلنا وأصدقائنا وأي ناصح لنا لنستمر فيما تنجذب له عاطفتنا وتضعف عقولنا عن اجتيازها وتربيتها.

وهنا يأتي واجب مهم لدى كل منا وهو تربية النفس على التجرد والانصياع للحقيقة أينما كانت، طالما كانت مثبتة بدليل وأن نتجرد ولا نتمادى في تبريراتنا، فهذا لن يقوينا كما يبدو للبعض وإنما هو مؤشر لانهيار قدراتنا العقلية وضعفها، تربية النفوس تحتاج منا أن نتدرج في تطبيعها على اتباع الشيء إذا كان عليه دليل بدلاً من اتخاذ التبرير لنا كسبيل.

اقرأ ايضاً:

من أين تستمد قيمتك؟ (الجزء الأول): هل قيمة الفرد تستمد من الآخرين؟

كمال الحب في حب الكمال … عن المعشوق الحقيقي

 المثاليون خبـراء التعطيل.. كيف توصل الفراعنة لبناء الهرم المتين ؟

 

 

محمد سيد

عضو بفريق بالعقل نبدأ أسيوط