أتجوز وأقعد في البيت ولا أشتغل وأبقى اندبندنت؟
كانت تمشي في شارع من الشوارع المطلة على البحر قريبا من البيت ، ذهنها صافٍ وحضورها يكاد يكون كاملا ولكن تفكيرها مشغول فيما ستفعله في المرحلة المقبلة من حياتها، فلقد أنهت دراسة شطر ولا يستهان به في اللغة العربية ومازال قلبها معلقا بالمزيد وطلب المزيد.
وأثناء سيرها سمعت صوتًا يناديها باندهاش من بعيد، وجهت نظرها نحو الصوت لتعرف صاحبه فإذا بها صديقتها القديمة. تعانقها عانقاً حارا يناسب الزمن الطويل الذي فرق بين لقائهما، وانتبهت لوجود فتاة بجانب صديقتها علمت أنها إحدى قريبات صديقتها وبعد السلام بدأ الحديث:
– شكلك اتغير خالص، واضح إنّ الدراسة أثرت عليكي
– اه شوية فعلا، كنت بسافر وبذاكر، وامتحانات وضغوطات كتيرة.
– طب ناوية تشتغلي فين بقى؟ انا سامعة إن في مدرسة كويسة أوي هنا ومرتباتها حلوة جدًا فحاولي قدمي فيها.
هنا تدخلت قريبتها قائلة:
– تشتغل أيه يا بنتي! هي تتجوز وتقعد في البيت وتريح دماغها.
انتهى الحوار لا اختياريًا ولكن إجباريا عندما رنّ هاتف الصديقة القديمة وانتهت المكالمة الهاتفية بوجوب ذهاب الصديقة وقريبتها إلى البيت فورًا.
لم تستطع دارسة اللغة العربية هنا الرد وإبداء الرأى حول هذا الموضوع، فعادت إلى انفرادها حاملة معها حصيلة هذا الحوار السريع المفاجئ حول فتاتين في نفس عمرها تقريبا تحملان رأيين متضادين، الأولى تشجع العمل والأخرى تؤيد ملازمة البيت و”ترييح الدماغ”.
لم تقتنع هي بأي من الرأيين السابقين وشعرت بكلمات تملأ خاطرها وتتزاحم مطالبة الخروج، فعادت إلى منزلها ولازمت غرفتها وقررت الرد في مذكراتها اليومية، وكانت النتيجة كالتالى:
إن الله خلق الرجل والمرأة وجعل لكل منهما طبيعة مختلفة تتناسب مع أداء المهمة المطلوبة بشكل فريد ويسير. وسن سنة الزواج وأودع الغرائز ووضع القيم والقواعد والقوانين ليقيم كل منهما أسرة يكون أساسها المشاركة والتكامل والترابط. مهمة الرجل الرئيسية هي العمل والحركة والسعي لتوفير حياة كريمة ومأوى مادي ومعنوي، ومهمة المرأة الرئيسية هي رعاية الأبناء وتربيتهم على أسس سليمة وقيم وأخلاق لإنتاج أفراد أسوياء نفسيًا وجسديًا قادرين على العلم والعمل والعطاء.
ولمناقشة دور المرأة بشكل أعمق يجب الإشارة لبعض النقاط:
1- المرأة بطبيعتها لا تحتاج للعمل ولا تثيرها فطرتها إلى وجوب العمل كجزء أساسي في حياتها.
2- المرأة وبشكل ملحوظ قادرة على الفهم والاستيعاب الكبير لكثير من العلوم واللغات والأدب والشعر، ولأعمال المرأة ظهور واضح بأشكال متعددة ومتميزة وفي مجالات مختلفة تبرهن تلك القدرة.
3- المجتمع كيان مترابط يقوم على المشاركة والتعاون بين أفراده، وهو يحتاج لمشاركة المرأة في أدوار متعددة كالطب والتمريض والحياكة وغيرها من الوظائف والأماكن التي تتطلب وجود المرأة باحترافية فيها لما يترتب على وجودها من إنتاج أفضل نفسيًا وأخلاقيًا في بعض الأحيان.
4- القدرة على القيام بفعل ما وتركه هو ظلم للنفس وللمجتمع بأكمله رجلًا كان او امرأة.
5- طبقاً لاختلاف حقائق الأفراد وشخصياتهم وظروفهم فلا يمكن الجزم باختيار واحد يلائم الكل، فالمرونة والتفهم وحسن التصرف القائم على ترتيب جيد للأولويات والأهداف أساسيات للحياة المستقرة.
آخذة لتلك النقاط في الاعتبار، فإن المرأة إذا رأت في نفسها أنها قادرة على التميز والإنتاج في علم ما أو عمل ما، ستكون ظالمة إن امتنعت عن آداء هذا الإنتاج وممارسة هذا التميز، ولكن..
إن كان هذا الإنتاج والمشاركة يقلل من مشاركتها وإنتاجها في دورها الأساسي في التربية والرعاية لشئون أسرتها فالأولوية ستكون بالطبع للمهمة الأساسية والأولى وهي التربية وإدارة شؤون الأسرة.
ببساطة لو تركت كل النساء تلك المهمة الأساسية ونزلت ساحات العلم وقاعات المحاضرات ومؤسسات العمل والشركات، فمن سيربى؟ من سيدعم الاستقرار ومن سيقيم الأفراد والأجيال القادمة حتى تستطيع استكمال طرق العمل والإنجاز والإصلاح؟ المجتمع بالطبع سيتخلله خلل كبير وسينهار، ولا أستطيع تخيل تبادل الأدوار الذي سينتهي بنزول المرأة للعمل والرجل للتربية، فعدم التخيل أهون.
ويجب لفت النظر لنقطة أخرى محورية ألا وهي وجوب نزول المرأة أحيانًا لتلقى العلم الذي من خلاله تستطيع ممارسة دورها الأساسي بأفضل صورة له. مثال على ذلك التربية، فالتربية ليست فطرية وتحتاج للمعرفة والعلم حتى توجه بشكل سليم. بالإضافة إلى علوم أخرى كعلم الأخلاق لتهذيب النفس وترويضها وعلم المنطق والفلسفة لإصلاح أي خلل في التفكير ومن ثم توجيه السلوك لإنتاج حياة أفضل.
يجب أن ترسم المرأة طريقها وفقًا لما سبق الحديث عنه، ولا تقع في ثنائية: إما العمل أو البيت.
إذا أدت دورها الأساسي بشكل متقن ورأت أنها قادرة على إعطاء المزيد من الوقت والجهد في وظيفة أو عمل توعوي أو تطوعي ما فينبغي ألا تتأخر عن هذا العطاء
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.
.