مقالات

البناء الأخضر – كيفية التغلب على ما أحدثته المادية من ضرر على البيئة

كيف كانت المباني قديما؟

نشأت نتيجة لاستقرار الإنسان حاجته لإنشاء حضارة – والتي تشمل الإنشاءات والمباني كأحد تجلياتها المادية- وفى البداية كان البناء متوافقًا إلى حد كبير مع البيئة المحيطة من حيث حسن استخدام الطاقة في التبريد أو التدفئة فنرى المباني ذات القباب في المناطق الحارة لتخفيف الحرارة دون الحاجة للمُكيفات مع استخدام الطوب اللبن كأحد المواد جيدة العزل للحرارة،

بل إن عبقرية المعماريين لم تُهمل الجانب النفسي والجمالي للمبنى بل أخذته في الاعتبار لراحة السكان، يقول المعماري العظيم حسن فتحي: من الخطأ الفادح إدخال أي عنصر تصميمي يؤدى إلى زيادة درجة الحرارة ولو درجة واحدة أو تقليل سرعة حركة الهواء ولو سنتيمتر واحد في الثانية.

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

(بعض المنازل التي قام بتصميمها المعماري الراحل حسن فتحي)

 

 

أيضًا فإن التراث المصرى يزخر بالعديد من تصميمات البناء المتوافقة بيئيًا مثل البيوت النوبية فى أسوان والتى تمتاز بالاتساع والشكل الجميل إضافة لكونها صديقة للبيئة.

(بعض المنازل النوبية)

العمارة البيئية الحديثة

كما لا تقتصر العمارة البيئية على المنازل فحسب بل يمكن تطويرها لملائمة استخدامات تجارية أو اقتصادية ومن أشهر الأمثلة على العمارة البيئية الحديثة (الفندق البيئي في واحة سيوة) حيث اعتمدت الأساليب المستدامة في بنائه من مواد محلية مثل الحجر الجيري والصخر الملحي مع الطين -مادة الكرشيف- والتي تُوفر عزلًا جيدًا للحرارة كما أنها متوافقة مع البيئة ويحتوى الفندق على 39 غرفة ويقع أسفل سفح جبل،

ورُوعي في تصميمه أن تكون الجدران سميكة وبها نوافذ ضيقة لمزيد من العزل الحراري في هذه المنطقة ذات المناخ القاسي أيضًا؛ فإن أثاث الفندق مُصنَّع من جريد النخيل ومواد أخرى محلية مع ديكورات من الكرشيف.

(الفندق البيئي في واحة سيوة)

أثر الفكر المادي

أما في الوقت الحاضر فقد سيطر الفكر الاستهلاكي البحت وأصبح الربح هو المحرك الأول لأى نشاط فبدأت تظهر ناطحات السحاب التي على الرغم من التقنيات المتقدمة المستخدمة في إنشائها إلا أنها غير مستدامة بيئيًا؛ فبالنظر للمواد المستخدمة نجد أنها مواد تنتج أثناء صناعتها انبعاثات كربونية عالية -الإسمنت- فضلاً عن صعوبة إعادة تدوير مثل هذه المواد.

 

أما بعد أن أصبحت تأثيرات التغير المناخي واضحة للعيان مع عدم إمكانية التخلي عن ناطحات السحاب -لاعتبارات المساحة والنمو الاقتصادي؛ فقد ظهرت فكرة المباني الخضراء بغرض الدمج بين وجود ناطحات السحاب الملوثة للبيئة والمستهلكة للطاقة بشكل كبير وبين الحفاظ على البيئة، لكن ما هي المباني الخضراء وما هي شروطها وأهدافها وكيف يتم الحكم على مبنى ما بأنه مستدام؟ هذا ما سوف نستعرضه في السطور القادمة.

العمارة الخضراء

العمارة الخضراء أو المستدامة عبارة عن منشأة يُراعى فيها البعد البيئي من حيث المواد المستخدمة في البناء وكذلك أثر المبنى نفسه على البيئة مع مراعاة تقليل استهلاك الطاقة والموارد.

وتهدف هذه التقنية إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية من الاستنزاف لضمان حق الأجيال القادمة وذلك من خلال مجموعة من الأساليب مثل إعادة تدوير مياه الصرف لري الحديقة الملحقة بالمنزل – الاعتماد على الطاقة الشمسية في التدفئة والتبريد – استخدام مواد مُعاد تدويرها سابقًا فى الإنشاء وغيرها.

وقد وضعت عدة معايير للحكم على مبنى معين بأنه مستدام أو متوافق مع البيئة مثل معيار  (BREEAM) المطبق في بريطانيا منذ عام 1990 ومعايير نظام الطاقة والتصميم البيئي (LEED) في الولايات المتحدة  وهي اختصار لـ  (Leadership in Energy and Environmental Design)

وقد تم تطوير هذه المعايير من قبل المجلس الأمريكي للبناء الأخضر كما يتم حاليًا منح شهادة LEED للمشاريع المتميزة في العمارة الخضراء بناء على مجموعة معايير منها موقع البناء – توفير الطاقة – انبعاثات غاز CO2 كفاءة استخدام المياه وبناءًا على المعايير السابقة تُصنف المباني لثلاث رتب 1- البلاتينية 2- الذهبية 3- الفضية. وقد حصل برج هيرست على شهادة LEED  بالمرتبة الذهبية كما يعتبر مبنى التجارة العالمي من أشهر المباني الخضراء في نيويورك.

                               

  ” برج هيرست- نيويورك”

“مبنى التجارة العالمي – نيويورك”

كيفية تحويل المنازل العادية إلى منازل خضراء

لكن هل يمكن تحويل المنزل العادى إلى منزل أخضر؟ نعم وبطرق بسيطة تعتمد فى مجملها على إنتاج الطاقة ذاتياً في المنزل مع تدوير المخلفات قدر الإمكان، والشكل التالي يوضح هذا الأمر:

 

حيث تعتمد فكرة تحويل المبنى العادي لمبنى أخضر على عمل عزل حراري باستخدام الأشجار في الجانب المواجه للشمس مع تغطية السطح بالنباتات – زراعة الأسطح – مما يعطى أيضًا غذاء صحى مع وضع خلية طاقة شمسية لتوفير الكهرباء واستخدام إضاءة مُوفِّرة مع تعديل النوافذ لتفادى فقد الحرارة شتاءًا أو زيادتها صيفًا مع عمل نظام لتدوير مخلفات المطبخ لصناعة الكومبوست اللازم لتسميد زراعات الأسطح،

وجدير بالذكر أن هذه التعديلات ليست إجبارية بل تنفذ طبقًا لظروف كل منزل وإمكانياته؛ إذ الهدف منها التوافق مع البيئة وتوفير الموارد قدر الإمكان وهى لا تحتاج لتقنيات معقدة أو تكاليف باهظة وإنما أفراد يطمحون ويعملون لغد أفضل.

 

المصادر

موقع الباحثون السوريون http://www.syr-res.com/article/6851.html

https://ar.wikipedia.org

https://ae.linkedin.com/pulse -eng-safa-al-roby

 

اقرأ أيضا:

 الإنسان ومطرقة المادية

رائحة الطبيعة من كوكب اليابان !

لماذا يجب علينا مواجهة المادية؟

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط