مقالاتقضايا وجودية - مقالات

…الباطل مرفوض، إلا إذا

يبدو من العنوان أننا من مؤيدي الباطل أو الداعين له أو المدافعين عنه، ولكن الأمر غير ذلك نحن نحتفظ بحق إبداء التساؤل، وتفنيد الاستدلال ونقد مقدمات تلك النتائج التى سنتعرض لها على  سبيل المثال، ويدور موضوعنا بالتساؤل عن: هل الباطل شيء حسن؟ بمعنى هل عند قبولنا بالباطل نكون قد اكتسبنا شيئا حسنًا أم العكس ويؤكد السواد الأعظم من الناس قبح هذا المعنى، لكن مع وجود واقع يؤكد لنا وجود هذا الباطل بأشكال أكثر تخفي؛ مما أدى إلى وجود نوع من التناقض غير الواضح في أذهان البعض دون علم منهم. فمثلا نرى أشخاصًا مدافعين عن الحق ومنادين به ولكن إما أن ينادوا به عن طريق تقبل هذا الظلم والاعتراف به وسنوضح ذلك لاحقًا، أو نجد من يتبنى الباطل دون أن يوضح أن هذه الممارسة أو هذا السلوك هو في حد ذاته باطل وأيضا سنوضح ذلك.

فمثلا من يعتقد بالحق وينادى به ولكن من خلال الباطل، ويتضح ذلك بوضوح عندما نجد أشخاصًا ينظرون لنا بقبول ممارسة ما منطلقين من مبدأ يقول “طالما سيحقق لنا نفعًا ماديًا ما” وعليه يكون هذا النفع المادي هو سبب قبوله فنجده يقول: ما المانع أن أقيم علاقات مع المحتل الغاصب للأرض مثلا طالما ذلك سيحقق لي مكسبًا ماديًا. بالتالي هذا النمط من الذين يتبنون أن الباطل مرفوض.. إلا إذا كان ذا نفع مادي، ويظهر هنا التناقض بوضوح في أن الباطل سار حسنًا وقبيحًا في نفس الوقت.

أما النمط الآخر من الأفراد والذين يتبنون الباطل دون أن يبينوا أن هذه الممارسة هي في حد ذاتها باطل، ويتضح لنا ذلك من خلال ما يرسخ في عقولنا من قبول الأمر الواقع الذى هو في الأساس باطل ومناط القبول هنا هو “إن الكل بيعمل كده” أو بصيغة أخرى وهى “هو انت اللي هتغير الدنيا يعنى، انت بس اللي صح، طالما الناس كلها كده نعمل احنا ايه… الخ  

وهذا النمط أيضا هم الذين يتبنون أن الباطل مرفوض.. إلا إذا كان غالبية الناس أجمعوا على اعتناقه. وأيضا هنا تناقض واضح وهو أن الباطل يمكن قبوله طالما يمارسه الأكثرية، والتساؤل هنا ماذا لو بقت الأغلبية في يوم من الأيام أقلية؟ بالتأكيد سيكون الرد هنا هو رفض الظلم لأنه لا يمارسه الأغلبية.

وهناك نمط آخر هو أكثر خطورة وتجبر وهو ذلك النمط الذى يرى أن الباطل مرفوض.. إلا إذا امتلكت القوة على فرضة وتحقيقيه وهنا سيكون مقبولا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ويظهر قبح هذا النمط وخطورته من كونه يعلم أن من ممارسته هي باطلة، والطرف الآخر الذى  يمارس عليهم الباطل يعرف أنه باطل وبمعنى أننا في هذه الحالة عندنا نوع من التميز إلا أن هذا النمط من منطلق امتلاكه القوة يفرض أمرا واقعًا ويدعوا إلى قبوله بالقوة.

كل هذه الإشكالات التى طرحناها هي في الأساس إشكالات في المقدمات أو المعايير التى ينطلق منها الكثير في الحكم ففي النمط الأول الذى عرضناه يرى أن معيار الحق هو النفع المادي؛ وعليه فالباطل إن أتى بالنفع المادي فهو حق..

والنمط الثانى يرى أن معيار الحق هو أن يتبناه الأغلبية فإذا تبنى #الباطل الأغلبية فسيصبح حقًا..

والنمط الثالث يرى أن معيار #الحق هو القوة وإذا امتلكها سار الباطل الذى ينشره بالقوة هو الحق..

فإذا صحت معايير حكمنا على الأشياء صحت النتائج التى نصل إليها، وعليه من حقنا أن نسأل هل ما ننطلق منه كمعايير حاكمة هي سليمة وحقيقية أم هي متناقضة وغير واقعية. ذلك لأننا في كل حياتنا نرفض ونقبل أفعالًا وأقوالًا ويكون رفضنا وقبولنا ناتجًا مما نتبناه من معايير أو قيم نؤمن بسلامتها وبما أن ذلك يؤثر على حياتنا بالسلب أو الإيجاب؛ فالواجب علينا إذن كل فترة أن نضع علامات استفهام على المعايير الحاكمة عند كل منا باستمرار.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

#بالعقل_نبدأ