أسرة وطفل - مقالاتمقالات

الاكتشاف

الإنسان بطبعه يحب كل جديد ويسعى إلى فتح المغاليق ومعرفة ما وراء الطبيعة ليشبع غريزة في نفسه: امتلاك المعرفة وأسرار الأشياء، فمتعة الاكتشاف لها وقْع خاص في النفس لا تُضاهيها مُتعة.

والاستكشاف موجود في الكون منذ الإنسان البدائي، ثم العلوم المختلفة، مرورًا بالقارات الجديدة والأمصال واللقاحات للأمراض المتنوعة، وما هذا كله وغيره إلا نتيجة تطفل الإنسان ومحاولة اقتحام المحجوب عنه.

لدينا مثال اكتشاف البترول والنفط في دول الخليج العربي والنقلة البعيدة التي حدثت وحوَّلت حياتهم، بعد أن كانت معيشتهم تعتمد على صيد الأسماك، واستخراج اللؤلؤ وصناعة الحُلِي والتجارة.

الاكتشاف وحب الفضول عند الأطفال

والطفل في مهده يحاول الكشف عن عالمه الجديد بوضع يديه ولمسه للأشياء من حوله، وهذا من الخبرة المباشرة، وبعد أن يكبر بضع سنوات يبدأ في الأسئلة الطبيعية البريئة مثل: مَنْ الذي خلق الكون؟ مَن الذي خلق الله؟ أين الله؟ كيف جئتُ إلى هذا العالَم؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هنا تتدخّل الأسرة وبقوة لتؤدي واجبها، الذي يتمثّل في الأب والأم داخل البيت، والمدرسة بدور المعلم داخل حجرة الصف، بأن تكون الإجابات تربوية منطقية ومقبولة، والحرْص على عدم نهر الطفل أو إرغامه على السكوت أو عدم التطرق لمثل هذه الأسئلة، فالإجابة على الطفل تقيه الإجابات والأفكار الخاطئة التي تصدر عن الشّلّة وأطفال الشوارع.

يتجلّى الاكتشاف للأبناء لِما كان يقوله الآباء ويُلحّون عليه، مما كان يُحدِث ثورة وضيقًا في نفوسهم من التكرار ليلًا ونهارًا سِرًا وإعلانًا للحرص الزائد على نقل الخبرة وعدم وقوع أبنائهم في مطبات الحياة، يأتي هذا وغيره عند تذكّر المواقف المختلفة في الحياة كلما ظهرت أمامهم مشكلة أو خطرت على بالهم خاطرة، أو مرّوا بمشهد في حياتهم، فعندئذٍ وعندئذٍ فقط يتذكرون شفقة الآباء ورحمة الأمهات.

التعلم بالاكتشاف

31946ace aa52 4818 9a63 c7cc7ef12dcb - الاكتشاف

الصداقة كذلك لها نصيب كبير في الاكتشاف، فأحيانًا لا يظهر الصديق الحق إلا عند الشدائد أو احتدام المواقف فتحدث المفاجآت، ويظهر المعدن ويتضح الشخص المزيف من الحقيقي والمحب من الكاره، فالرجال مواقف.

كذلك التعلم بالاكتشاف يكون عبر تنظيم المعلومات لمعرفة علاقات جديدة، ليست معروفة أو مألوفة على الأقل بالنسبة إلى من يبحث عن هذا النوع من التعليم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هنا يطل علينا عِلم التنمية البشرية برأسه لإدراك أهميته وتأثيره، فهو يشبه الجراحة الأقل إيلامًا وأقل تكلفة، واكتشاف الطاقات الكبيرة للإنسان، فقد يعاني شخص فوبيا ما، مثل الخوف من الأدوار العالية، أو الجلوس أو النوم في ظلام الليل، أو مشاهدة اللون الأحمر الذي يرمز للدماء، وهنا لا بد من تعامل الطبيب أو الاختصاصي النفسي بكل ذكاء وتدرُّج للحالة.

مشكلة الحديث أمام الجمهور تُعد مشكلة مؤرِّقة، فقد تبدأ منذ الصغر في غرفة الصف أمام الزملاء، وهنا لا بد من تدخلٍ حكيمٍ من المعلم أو المعلمة بعدم إحراج الطفل ومساعدته وتدريبه على اكتساب الثقة بنفسه وبث الطمأنينة لديه.

أهمية تفاعل الوالدين في تعلم وتطور أبنائهم

إنّ اكتشاف القدرات الكامنة ووضع اليد عليها لوصف العلاج الملائم لها أمر في غاية الأهمية، بخاصة في عصر السرعة وعدم التركيز والبعد عن الأخلاق والقيم والعادات والتقاليد التي عاشها الأسلاف الكرام (النبع الأصيل)، فشباب الأجيال الحديثة مساكين يقعون ما بين مطرقة فَقْد القدوة أو الحيلولة دون وجودها، وسندان وسائل التقنية الحديثة التي تلغي تفكيرهم وتقفز بهم هوَّات سحيقة، كالذي يتعلّق في منطاد.

إننا في أمس الحاجة لنكون أصدقاء لأبنائنا وبناتنا وطلابنا لتهدئة روعهم وإجابتهم عن أسئلتهم، وطرح الرأي والمشورة عليهم في حياتهم وعملهم بالإقناع ودون عنف أو فرض، ومعرفة مواطن قوتهم ومهاراتهم لتثبيتها والحفاظ عليها، ووضع اليد على مواطن ضعفهم لمعالجتها، والأخذ بأيديهم إلى الوصول إلى نماذج ناجحة للعطاء والإبداع.

مقالات ذات صلة:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الفضول علامة الشباب

أكتر مادة كنت بكرهها

أحسن نوع قصة ممكن يأسر عقلك

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

د. وائل زكي الصعيدي

خبير مناهج وطرق تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها/ جامعة الاقتصاد والتجارة الدولية

محاضر في: جامعة الدراسات الأجنبية كلية العلوم الإسلامية الصينية / بكين – الصين

دكتوراه فى المناهج وطرق تدريس اللغة العربية

ماجستير في أدب الأطفال، ودبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس، رئيس قسم الموهوبين بإدارة ميت أبو غالب التعليمية دمياط سابقاً

عضو اتحاد كتاب مصر

مقالات ذات صلة