عمرك سألت نفسك، إيه اللي كان موجود قبل الانفجار الكبير؟! المفروض إن كل حاجة ليها بداية ونهاية، ولو الانفجار الكبير ده كان بداية الكون، طب إيه اللي كان موجود قبله، وتسبب في وجود الانفجار الكبير ده أصلًا؟!
السؤال ده في ناس كتير ضيعت عمرها في البحث والإجابة عليه، بداية من علماء الفيزياء والكونيات، ولحد علماء الدين والفلاسفة، وعلى مر التاريخ البشري، حاولنا كتير وفشلنا إننا نوصل للإجابة، بس من قريب، ظهرت نظرية جديدة بتقدم إجابة مذهلة على السؤال ده، والإجابة دي كانت بتقول حاجات أغرب من الخيال حرفيًا.
الكون مبدأش من الانفجار الكبير! والانفجار الكبير ده نفسه مكانش البداية ولا حاجة! بل كان في قبليه زمن كامل مر على كون مختلف عن اللي إحنا نعرفه دلوقتي، واللي حصل في الزمن ده هو اللي أدى إلى الانفجار الكبير وبداية الكون اللي نعرفه!
حضر بقى كوباية شايك الحلوة والنعناع في إيدك، وتعالى معايا النهارده أحكيلك عن النظرية الغريبة دي!
نظرية الانفجار العظيم
بص يا سيدي، الموضوع كله بدأ زمان أوي، من بدايات القرن اللي فات، لما عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل اكتشف إن المجرات البعيدة عننا بتتباعد عن موقعنا في الكون بشكل متزايد، وده كان معناه المباشر إن الكون مش ثابت زي ما إحنا كنا فاكرين، بل بيتوسع وبيتمدد.
النتيجة المبشرة اللي استنتجها العلماء وقتها من الاكتشاف ده، إن ما دام الكون بيتوسع وبيتمدد، إذًا فهو لازم يكون بدأ من نقطة واحدة، والنقطة دي المفروض يكون عندها بداية الفضاء والزمن نفسه، ومن هنا بقى كانت بداية نظرية الانفجار الكبير!
النظرية دي قالت إن الكون كله بدأ من نقطة واحدة بيسموها نقطة تفرد أو (Singularity)، والنقطة دي كتلتها كانت لا نهائية، وكانت بتضم جواها كل الطاقة اللي في الكون والفضاء والزمن مندمجين مع بعض، لحد ما حصل خلل مجهول في النقطة دي ونتج عنه انفجارها وتوسعها، وده اللي أدى لخلق الكون كله مع الوقت.
ما بعد حقبة بلانك
على مر السنين، العلماء حاولوا يدرسوا إيه اللي كان موجود عند نقطة التفرد دي، بس كلهم كانوا دايمًا بيفشلوا، وكل التصورات والمعادلات بتاعتهم كانت بتقف عند نقطة معينة اسمها حقبة بلانك.
حقبة بلانك دي يا صديقي أصغر وحدة زمنية كانت موجودة في بداية الكون، وبتتقاس بوحدة زمنية اسمها زمن بلانك، ودي صغيرة جدًا لدرجة إن الثانية الواحدة اللي بتعدي عليك دلوقتي وإنت بتشوف الفيديو ده، فيها عدد وحدات زمن بلانك أكتر من كل عدد الثواني اللي مرت على الكون كله من ساعة الانفجار الكبير ولحد دلوقتي!
المهم بقى إنهم مكانوش عارفين يوصلوا بمعادلاتهم لأبعد من حقبة بلانك دي، ومهما عملوا كانت المعادلات كلها بتنهار تمامًا وبتدي أرقام مش حقيقية، ومع مرور الزمن وظهور نظريات علمية جديدة زي النسبية وميكانيكا الكم، الموضوع أصبح أصعب على الفهم، وتأكدنا ساعتها إن مستحيل نقدر ندرس نقط التفرد بأي واحدة من النظريتين لوحدها.
هتسألني ليه هقولك عشان النسبية معادلاتها بتنفع مع الأجرام السماوية الضخمة العملاقة جدًا، اللي كتلتها شديدة الضخامة، أما ميكانيكا الكم فهي كانت بتركز على الجسيمات الذرية الصغيرة جدًا اللي كتلتها محدودة وصغيرة، والاتنين مينفعش يتم دمجهم مع بعض لإن معادلاتهم بتتعارض مع بعضها.
لما ييجي العلماء بقى يدرسوا نقطة التفرد اللي كانت موجودة في بداية الكون، هل يستعملوا ميكانيكا الكم عشان النقطة دي أصغر من الذرات، ولا النسبية عشان كتلتها كانت ضخمة جدًا وشبه لا نهائية؟!
تعرف على: الانفجار الكبير وسر الخلق
نشأة نظرية الأوتار الفائقة
هي دي بقى كانت المعضلة، دراسة النقطة دي من الفضاء والزمن كانت محتاجة نظرية تقدر تدمج بين النسبية وميكانيكا الكم مع بعض، معادلة واحدة موحدة تقدر تكسر السر وتوصل بينا للنقطة اللي محدش وصلها قبل كده.
رغم إن الإجابات لسه لحد دلوقتي موصلتش لحل شافي، ففي نظرية معينة قدرت توصل لمفهوم وتخيل مذهل للكون؛ أغرب من الخيال حرفيًا، وممكن يغير كل حاجة نعرفها عن نشأته وبدايته الحقيقية، تعالى بقى معايا أحكيلك النظرية دي بتقول إيه بالظبط.
مع بداية التسعينات من القرن اللي فات، ظهرت نظرية جديدة اسمها نظرية الأوتار الفائقة، وبدأت تنتشر بشكل كبير وضخم جدًا ما بين الفيزيائيين، وخلت أنظار المجتمع العلمي كله تتجه ليها، والسبب في ده إن النظرية دي كانت فريدة من نوعها فعلًا، عشان كانت شبه نجحت في إنها تحل اللغز اللي كان محير علماء الفيزياء كلهم بقاله قرن كامل!
النظرية دي أخيرًا قدرت توحد ما بين النسبية وميكانيكا الكم، والطريقة اللي عملت بيها ده كانت مذهلة فعلًا، وممكن عقلك ميقدرش يستوعبها بسهولة في الأول، وده عشان النظرية دي قالت إن الجسيمات الذرية الأولية مش هي أصغر حاجة في الكون، وإن كل حاجة موجودة جوه الكون حرفيًا بتتكون من أوتار صغيرة جدًا من الطاقة، بتهتز من خلال 11 بعد علوي كاملين!
اهتزازات الأوتار دي بقى، وتردداتها اللي بتنشأ من الـ11 بعد دول، هي اللي بتدي لأي مادة خواصها اللي إحنا نعرفها، وهي اللي بينتج عنها الجسيمات الذرية نفسها!
نظرية الأوتار الفائقة تفسر كل شيء
الأغرب بقى، المفهوم المذهل اللي طرحته النظرية دي عن الكون الكبير اللي إحنا عايشين فيه! ركز بقى معايا في الكلام اللي جاي، عشان صعب وممكن يسحلك ويثير خيالك لحدود غير مسبوقة.
شوف يا سيدي، حسب نظرية الأوتار الفائقة، فالكون بتاعنا كله عبارة عن شريحة عملاقة ثلاثية الأبعاد بيسموها غشاء أو (Membrane)، والشريحة ثلاثية الأبعاد دي موجودة جوه كون كبير رباعي الأبعاد، بيحتويها هي وشرائح تانية كتير غيرها. والكون الكبير رباعي الأبعاد ده بيسموه الكومة أو (The Bulk)، يعني مثلًا ممكن تتخيل إن الكون بتاعنا ده ورقة كراسة موجودة وسط عشرات الأوراق اللي شبهها في قلب كشكول عملاق!
طيب تمام، الفكرة بقى إن الشريحة أو الـ(Membrane) اللي شايلة عليها الكون بتاعنا دي مش ثابتة في مكانها، بل بتتحرك من خلال الكومة أو الـ(Bulk) بحرية تامة، ولو عايز تتخيل الموضوع بمثال سهل، تخيل إن كوننا ده كله عبارة عن ورقة مقطوعة من كراسة، وطايرة في الهوا مع الرياح. أهو الكون بتاعنا زي الورقة دي بالظبط. طاير في قلب فضاء كوني ضخم ورباعي الأبعاد، وحركته اللي بيتحركها من جواه دي، هي اللي بتخلق تأثير مرور الزمن على الكون!
اقرأ أيضاً: الكون الغامض واحتمالات المستقبل
الأكوان الموازية
المذهل بقى إن الكون بتاعنا ده مش هو الكون الوحيد، لأ خالص، ده في شرايح تانية موازية للشريحة الكونية بتاعتنا، وبتتحرك معاها في قلب نفس الكون العملاق أو الـ(Bulk)، كأن ورقة الكون بتاعنا بيطير جنبها وبالتوازي معاها ورق تاني كتير جدًا في قلب الهوا! والفكرة بقى إن الشرايح دي مش مستقرة، وحركتها في قلب الـ(Bulk) حركة شبه عشوائية، وبسبب ده، فممكن من وقت للتاني تحصل حاجة مرعبة!
الحاجة دي تصادم ما بين شريحتين! كأن ورقتين من الورق الطاير ده كله، خبطوا في بعض بدون سابق إنذار!
المذهل بقى إن التصادم ده مش بس هيتسبب في إنتاج قدر هايل وشبه لا نهائي من الطاقة، مستحيل تستوعبه بعقلك، بل ده شكله بالنسبة لأي حد عايش جوه الكون أو الشريحة دي هيبقى بالظبط كأنه واقف بيتفرج على انفجار كبير! انفجار هيأدي إلى خلق الفضاء والزمن والعناصر الأولية، والمساحة نفسها!
أنت فاهم الكلام ده معناه إيه؟! معناه إن الانفجار الكبير ده حصل بسبب تصادم شريحتين من الشرايح الكونية دي، من مليارات السنين! والتصادم ده مكانش بداية الكون الكبير ولا حاجة! بل مجرد مرحلة من ضمن المراحل العمرية اللي مر بيها الكون، واللي تسببت في خلق العناصر الذرية والمساحة جوه البقعة الكونية بتاعتنا إحنا بس، اللي هو جزء صغير جدًا من الكون الضخم أو الـ(Bulk)!
عارف بقى اللي هيلفلك دماغك حرفيًا إيه؟! إن بعد التصادم ده، بيحصل تنافر ما بين الشريحتين، وبتبدأ الطاقة اللي نشأت جواهم دي في خلق كون صغير كامل بيفضل يتوسع ويتمدد لزمن طويل جدًا ممكن يوصل لتريليون سنة!
الأوتار الفائقة ونظرية الكون الحلقي
في خلال التريليون سنة دول، ومع تمدد المساحة الرهيب ده، بيفضل حجم الشريحة يتضخم لحد ما المسافات نفسها اللي بين النجوم والكواكب والمجرات تبقى أكبر بكتير من استيعابنا، وساعتها وبسبب نمو حجم الشريحة اللي شايلة جواها الكون بييجي عليها وقت وبتتصادم تاني مع شريحة تانية، وفي اللحظة دي بيتكرر نفس الانفجار الكبير، وبيتولد منه كون تاني جديد! وهكذا!
كأنها دايرة وبتتكرر كل تريليون سنة تقريبًا! شريحتين يتصادموا ويعملوا انفجار كبير وكون جديد يفضل يكبر لحد ما يخبط في شريحة تانية ويعمل انفجار كبير تاني، وتبدأ القصة كلها مرة تانية من الأول!
الموضوع مذهل مش كده؟!
النظرية المذهلة دي سماها العلماء باسم نظرية الكون الحلقي أو الـ(The Cyclic Universe)، والحلو فيها بقى مش مجرد إنها بتفسر سبب حدوث الانفجار الكبير، بل كمان بتقولك إنه مكانش الكون ولا بداية الزمن! وإنه واحد بس من ضمن سلسلة كبيرة ولا نهائية من الانفجارات العظيمة اللي نتج عنها عدد لا نهائي من الأكوان الصغيرة، جوه كون واحد ضخم شايلهم كلهم!
الفكرة بقى إن كل حلقة بتحصل في الكون وبينتج عنها انفجار كبير، بتأثر في اللي بعدها، بمعنى إننا لو قدرنا نعرف خصائص الحلقة اللي حصلت قبل وجود الكون بتاعنا، فإحنا نقدر منها نستنتج مستقبل الكون بتاعنا، ونعرف كل حاجة عنه تقريبًا!
اقرأ أيضاً: زمنُ ليلةِ رأسِ السنة
نظرية الأوتار الفائقة تثير الجدل
حاليًا، في جدل حصل ما بين علماء الفيزياء في العالم كله على النظرية دي، وجزء منهم بيؤيدها وجزء تاني شايفها خيال شاطح حبتين، والطريقة الوحيدة لإثباتها إننا ندور على موجات الجاذبية اللي المفروض إنها حصلت في بداية الكون وبداية التصادم ما بين الشريحتين اللي أدى إلى الانفجار الكبير بتاعنا، وده جزء كبير من أسباب بناء مراصد الجاذبية اللي أنت شايفها في أماكن كتير من العالم دلوقتي دي!
فأنت بقى إيه رأيك؟!
تفتكر النظرية دي ممكن تطلع صح فعلًا، ونطلع مجرد جزء صغير جدًا لا يذكر من عمر الكون؟! وهل ممكن فعلًا إن بداية كوننا كانت نهاية كون تاني قبلنا، ويومًا ما في المستقبل البعيد، هتكون نهايتنا هي بداية كون تاني جديد؟!
هسيب الإجابة على السؤال ده لخيالك أنت!
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا