بحثًا عن إجابات
الألم المُعتصر بأعماقنا، يمكن أن تتعدد أسبابه، لا ندركها رأي العين، رُغم ذلك نعلمها يقينًا، هناك ما يبعدنا ويقربنا ولا نتحكم به، تلك الأحاسيس المتراكمة بأحشائنا بعد المواقف التي وقفنا فيها للحظات وتساءلنا بخاطر مكسور “هل استحق كل هذه الخيبات دفعة واحدة؟”، وكل تساؤل جر وراءه الآخر، وتناسينا مع مضي الزمان أن نتوقف للحظة أمام المرآة لنجيب أنفسنا، نحب ذواتنا التي علقت بعوالم لا تشبهها وأحوال لا ترضيها، كانت أسبابها اختياراتنا البلهاء أحيانًا، أو السعي بجنون بالأرض بحثًا عن الإجابات.
مؤلم للغاية أن تدرك في نهاية المطاف أن عجوزًا ثلاثينيًا مثلك تلاشت بهجته وزالت أفراحه لحظة إدراكه حقيقة الأشياء، التي لا يجب عليها أن تحمل بأعماقها كل هذا الزيف، يتطلب الأمر أن تخاطب نفسك مرارًا وتكرارًا تحادثها بألا تخاف ولا تخشى أبدًا مضي الزمان، وكل سطح عبرت منه المعاناة لتلتهم أحشاءك لم تستحق كل هذه المجازفات، الاحتمالات عدة للنجاة وأنت بالغالبية ستختار أكثرها خطورة.
ترى أن الإنسان يلعب “الميسر” بالحياة والقمار بأعماره المدماة، فيعود أدراجه حثيثًا باحثًا عن الوطن الذي منه خرج نادمًا بعد أن فقد أدق الأشياء بالروح المستقاة من أصل كل الأشياء، ففقد اتصاله بالنور وانعدمت الأضواء بعينيه، جثمان هامد يسير فوق قدمين لعينتين لا تزالان تحملانه رغمًا عنه، فتدفعه قسرًا لاستمراره في الحياة يومًا تلو الآخر دون رغبة حقيقية منه، وقد أثقلت كاهليه أعباء اختيارات الحياة الدنيا، فظل يقاوم والمحبس تتسع رقعته ويرى بعين المتآكلين ولا يدرك منفذًا يهرب منه، فتآكلت روحه بالكامل ولا سبيل لإنعاشها، جسد ينبض بالحياة لا يحمل روحًا في أعماقه.
بهذا الكون إن انفصلت عن رؤياك عديد من الرؤى “دروسًا” تنتظر منك اقتطافها، انظر بعيون الكون، لا تعتبر لما ترى بالمرآة، فأنت أكثر بكثير من هذا الجسد، لا تحجم ذاتك، خلق الكون بعيناك ولعيناك أن ترى وأنت لا ترى.
تشاهد بعين جافة تلك الزهور في حين تزرعها وتلقي بذورها في الأرض وتنتظر، فتنمو وتنمو معها أوراقها وتشتعل رائحتها زهوًا وألوانها تزداد بريقًا، ولأيام معدودات حتى ينسحب عنها رحيقها وتبدأ الذبلان، وهكذا أنت يا ابن الإنسان تسري بك الدنيا فتزدهر قليلًا وتنسى الحقيقة أنك والذبلان متحالفان، ولا مناص لك بالابتعاد عن مصير حتمي، كما شهدْتَ الزهور يشاهدك الكون تنمو وتزدهر فتذبل وتندثر حتى الفناء، العدم لا يوافق الرؤية التصورية لواقع محسوس، والوعي الإنساني بآخره عدم وأوله صمود.
تسري النجمات بالملكوت تخدعك بأنك تراها، تعلم حجمها، تدرك تمامًا حجم الطاقة الكامنة، والخدعة أنك لا ترى إلا ما قد سُمح لك بأن تراه، هذا الواقع المحسوس حدود رؤياك، والحقيقة أبعاد لا تعكسها المرآة، الارتباط بالمادة مخيف، يدمي عقلك ويذهب عنه حقيقة هذا الكون.
تذكر حضن أمك وهذا الدفء الذي سرى في أحشائك، نسيت أنها امرأة مثل كل السيدات بالكون اللاتي وضعن قبلك ملايين آخرين، هذه الحرارة تماثل الطاقة الناقلة للاتصال، كان حضن أمك الدافئ نظير لك أن تتصل بالكون وتعيد اتصالك بالنور النابض بالملكوت.
إننا من الله، الخالق الواحد الواجد لكل المحسوس واللا محسوس، يدعوك دومًا لأن تقيم اتصالك به وأن تؤمن بما لا يُرى، وأن يدرك عقلك واعيًا بواطن الأمور وتنظر فتدرك الحجم الحقيقي للأشياء، وأن الذبلان منوط بالجسد وأما النور الدافئ الذي يهدي الروح فتنمو وتزدهر ولا تموت مربوطًا معلقًا بالملكوت.
مقالات ذات صلة:
لماذا عليك أن تقاتل في هذه الحياة؟
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا