مقالاتعلم نفس وأخلاق - مقالاتقضايا شبابية - مقالات

إلى شباب اليوم – رجال الغد – الجزء الأول

الأخلاق

من منا لا يفرح عندما يحصل على قدر من المال، يستطيع من خلاله فعل ما يريد من أمور حسنة، وهذا يعبر أن شيئا فينا يحب المال، كما أن شيئا فينا يحب المدح والظهور، عندما نقوم بعمل ما ويمدحنا الآخرون فهذا يدخل السرور علينا.

لكن ما الذي يفرحنا عندما نساعد ضعيفا لا يملك المال كي يكافئنا على فعلنا؟ كما لا يوجد من يمدحنا على فعلنا هذا، بل قد يتطلب الأمر _مساعدة الضعيف المحتاج_ أن ندفع نحن المال ونبذل الجهد دون مقابل، فبالرغم من تلك المشقة نجد السرور قد حضر داخلنا فما سبب ذلك؟

إنها ببساطة الأخلاق تلك القوى أو الملكة التي تدفعك للقيام بالأعمال الحسنة، ذلك لاحتياج عند كل منا وهو الاحتياج الأخلاقي لفعل الخير.

وهنا يجب أن نفرق بين شخص يريد أن يفعل الأعمال الحسنة من مساعدة الناس وقول الحق والبعد عن الكذب والخداع، لكن لا يعرف كيف السبيل إلى ذلك، هذا شخص يمتلك تلك الملكة الأخلاقية الوجدانية لكنة يفتقر لشيء أخر وهو ” علم الأخلاق “، ذلك العلم الذي يعلمنا ببساطة ما هي الصفات الجيدة وما هي الصفات السيئة، حتى نستطيع من خلال تلك المعرفة أن نبدأ في تكوين الشخصية التي نتمنى أن نكون عليها، وهنا تنقلنا تلك المعرفة لما يسمى بواجبات ومسؤوليات.

علم الأخلاق

يمكن أن نعرّف علم الأخلاق بأنّه: “علم يُبحَث فيه عن المَلكات والصفات الحسنة والسيئة وآثارها وجذورها”.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبعبارة اُخرى: “علم يُبحَث فيه عن أسس اكتساب هذه الصفات الحسنة، وطرق محاربة الصفات السيئة، وآثارها على الفرد والمجتمع”.

فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الإنسان معاني الإنسانية الرفيعة وتحيطه بهالة وضاءة من الجمال والكمال وشرف النفس والضمير وسمو العزة والكرامة، كما تمسخه الأخلاق الذميمة وتحطه إلى  مستوى الهمج والوحوش. لكن قد يتبادر إلى ذهنك سؤال ما الذي يدفعني إلى عمل هذا الفعل؟

يمكن تبسيط الإجابة بالقول أن هذا الفعل يحقق لك السعادة، فلو أجبرنا شخصا بالقوة على فعل شيء ما  سيفعله لكن دون إحساس بالرضا والسعادة، أما الالتزام الأخلاقي بالعمل الحسن بالرغم من المشقة والتعب إلا أنه يحقق السعادة والرضا للنفس.

وهنا يجد الإنسان العاقل نفسه أمام مجموعة من الواجبات التي تكون في مقدمة الواجبات على الإنسان:

  • الواجب تجاه خالق الوجود واهب الحياة رب العالمين

قديما بالرغم من بدائية حياة الإنسان وسعيه الدائم للحصول على الغذاء وحفظ النفس من الحيوانات المفترسة إلا أن التاريخ يقدم لنا مواقفا من حياة هذا الإنسان البدائي من بحثه عن خالقه فتارة يعمل له تمثال من حجر أو غير ذلك، كل ذلك يؤكد على احتياج الإنسان للعلاقة مع خالقه وشكره ومعرفة سبيل سعادته منذ قديم الأزل.

فمعرفة الله هي ليست بالقديمة ولا الحديثة بل هي ملازمة للإنسان، كذلك القوى الأخلاقية موجودة داخل الإنسان قديما وحديثا والكل قد حدد لنفسه واجبات أخلاقية تجاه خالقه سواء واجبات صحيحة أو خاطئة، وبناء عليه يجب أن يؤدي كل من يمتلك تلك القوة المعنوية الشكر لواهب الحياة وكل النعم، وأول تلك الواجبات الاعتقاد بأن الله هو خالق كل هذا الوجود، ويجب التأكيد هنا أن إثبات هذا الاعتقاد متاح عقلا ومثبت بالدليل.

وأنه تعالى جل شأنه هو المتحكم بهذا الوجود كله ولا قوة تفوق قوته وقدرته، ولا يوجد له شريك ولا نظير يشابهه، ومن رحمته وعدله بعث الأنبياء لهداية البشر لطريقه المستقيم، ونؤكد أيضا أن إثبات هذا الاعتقاد متاح عقلا ومثبت بالدليل.

  • واجب الإنسان تجاه نفسه

لكي يشعر شبابنا وأبناؤنا اليوم بالسعادة والراحة يجب عليهم معرفة حقيقة أنفسهم، تلك المعرفة الصحيحة هي مقدمة الوصول للسعادة، ويمكن الإشارة هنا لوجود جانبين للإنسان جانب مادي يسعد بالأكل والملابس والسكن النظيف وجانب معنوي.

ذكرنا جانبا من احتياجاته المعنوية كالعلم والتخلق بالأخلاق الحسنة، وهذا الجانب هو الروح والفكر في الإنسان وهما أكثر أهمية من البدن لسبب مهم  أنهما باقيان لا يفنيان كما يفنى الجسد، وقيمة كل إنسان تتحدد وفق طبيعة روحه وفكره.

فواجبنا تجاه أنفسنا جانبان أحدهما  للبدن فيجب الحفاظ على الصحة والنظافة والرياضة والأكل الصحي وغير ذلك، وعمل ذلك بدقة حتى يعيش الإنسان سليم البدن، وجانب تجاه الروح والفكر حيث يجب أن يحسن أخلاقه ويتطور فكره ولكي يتم ذلك يجب أن نغذي أرواحنا كما نغذي البدن، وغذاء الروح هو المعرفة وأدبها والأخلاق وتطبيقها.

اقرأ أيضا:

ما يجب على الشباب تجاه مجتمعاتهم

فتّح عينك تُدرك نفسك

لا تشرق شمس حضارة إلا بالأخلاق