تتنوع علاقة الفرد داخل المجتمع سواء علاقات قرابة أو صداقة، وتختلف درجة العلاقة من بيئة لأخرى، ولما كان شباب اليوم هو من ينفعل بطبيعة العلاقات القائمة بالمجتمع ويشكل منها فهما معينا لتلك العلاقات، ويكون هو في الغد القريب من يحدد ويرسم تلك العلاقات للجيل اللاحق عليه، لذلك يجب أن يعرف شبابنا بنوع من التبسيط المعنى الحقيقي لأغلب تلك العلاقات ومنها على سبيل المثال:
“العلاقة مع الوالدين”
لا يخفى على شبابنا قدر الحب الذي يحمله لنا الوالدان، وكم من المشقة تحملها الوالدان ليؤمّنا حياة كريمة للأسرة، ولا يمكن أن يتحمل كل تلك المتاعب أي أحد من أجلنا دون أن نقدم له مقابلا غير الوالدين، فللوالدين أعظم الحقوق علينا، فضمير كل شخص منا يجب أن يأمره باحترامهم وتقدير تلك الجهود، وأن نطيع تعاليمهم، وأن نسامحهم على كل تقصير خارج عن إرادتهم، كذلك تجب الرحمة لهم عندما يدب فيهم الوهن والعجز.
يجب أن يفهم شباب اليوم أن الأسرة بما تحمله من قيم الرحمة والمودة هي عرضة للخطر، خطر تفككها وتغير العلاقات بين أفرادها ونكران الجميل بين الأبناء والآباء نتيجة الظروف الاجتماعية التي تعتبر مدخلا كبيرا جدا لهذا التغير، كما تعتبر الدعوة للتخلص من الوصاية الأبوية بدعوى الحرية والتحرر لهو سلاح ذو حدين يجب على شباب اليوم التنبه له، ويمكن ببساطة أن ندفع عن أنفسنا بعضا من هذا الخطر بفتح النقاش المستمر مع الوالدين والصبر على توجيهاتهم وذلك لعلمنا بحبهم الكبير وتضحياتهم لنا.
“حب الوطن”
تصور معي لو أخذت عصفورا جميلا من موقعه لتحتفظ به على بعد عدة كيلومترات ولمدة من الزمن من موطنه الأصلي، فإن ذلك العصفور يتحين الفرصة ليفر ويعود لموطنه، الإنسان بدوره يحب موطنه، يحب ذكريات الطفولة وعلاقات الآباء والأصدقاء والدراسة، كل ذلك يشكل له سيرته وعلاقاته التي تربى عليها،
يجب أن يعلم الشباب أن وطننا ليس مجرد مكان فقط، بل هو وطن في تاريخه الكثير من النقاط المضيئة، وتحمل الكثير من الصعاب، لم يتركه المستعمرون ينهض ويقدم مسيرة مشرفة لدول العالم، لذلك يتآمر عليه الكثير من الدول الاستعمارية، من فترات غزو مباشر بالقوة العسكرية تارة، وبالتدخلات غير المباشرة تارة أخرى،
مارس أعداء هذا الوطن أحط الأساليب لبث روح الخلاف واليأس بين أبناء الوطن الواحد، أشاعوا في وطننا وكثير من دول العالم نمطا سلوكيا وأخلاقيا غير مناسب لثقافتنا وتراثنا الفكري الأصيل، نهبوا الكثير من ثروات البلدان خلال فترات الغزو وبعدها،
مارسوا الكثير حتى أضعفوا الأوطان لذلك يجب علينا نحن شباب اليوم ليس مجرد النقد فقط بل النقد والبناء معا يجب أن نعرف من نحن حقا حتى نستطيع أن نرسم مستقبلنا ومستقبل من يأتي بعدنا، ولن يكون ذلك بغير العلم والمعرفة والصبر كل هذا مغلف بغلاف حب الوطن، حب القيم، حب الأخلاق الحسنة وممارستها.
“علاقاتك مع المحيطين لك وحفظ السر”
كما ذكرنا تتنوع علاقة كل منا بين شرائح كثيرة من حولنا، ولكل نمط من تلك العلاقات أحداث ومواقف خاصة، تحمل درجة من الخصوصية، وقد تتكون خلال العلاقات أحداث ومواقف وكلام نحدث به بعضنا البعض بصفة السر والأمانة فيما بيننا، يبوح الشخص لمن يظن فيه الأمانة وحفظ العهد،
يجب أن نكون كشباب على تلك الدرجة من الأمانة وحفظ أسرار الغير، حتى نشعر باحترام ذاتنا وتشيع الثقة بيننا كأفراد في المجتمع حتى يمكننا الاعتماد على بعضنا البعض ونجد من يقف بجوارنا في أوقات المحن، فالشخص الخائن قد يفوز ببعض المكاسب، لكن بكل تأكيد سيخسر نفسه والمحيطين به عاجلا أم آجلا، وهذا ما يجب علينا الابتعاد عنه قدر المستطاع حتى ننشأ كشباب نشأة طيبة عزيزة تحترم المواثيق وتفي بالعهود والأمانات.
” الشرف وعزة النفس والتضحية”
يعني الشرف السمو والرفعة الناتجة من التمسك بمحاسن الأخلاق من مساعدة الضعيف والتضحية لأجل الغير فيما هو يستحق، فيجب أن نعلم أن عزة الناس وشرفهم لا يحصل لهم من أنسابهم وأموالهم ووظائفهم، بل يحصل عليها الفرد بما يحمله ويطبقه من قيم شريفة في علاقاته ومعاملاته،
ومن المواقف التي يتخذها في مواطن التضحية وخدمة الآخرين والدفاع عن النفس والوطن وحقوق الغير، فالشرف قرين الحرية الحقيقية للفرد، والذي يعتمد على غيره من مأكله ومشربه ويرضى الذل والمهانة هو إنسان غير حر ولا يملك أن يكون شريفا عزيز النفس.
” العدل”
العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، تلك القيمة هي القيمة الأساسية التي تحقق الرحمة وتحفظ بها حقك وحق غيرك، ويجب أن نعلم نحن شباب اليوم أن لا تقدم ولا عزة ولا شرف بدون عدل، فقد نستطيع أن نظلم غيرنا، لكن هذا الظلم عواقبه وخيمة لا يمكن من بعدها أن نحيا سعداء مرفوعي الرأس، يجب أن نعلم أن كل الممارسات الحسنة أساسها العدل، كل الأديان تدعوا للعدل، العدل ينجي صاحبه وترك العدل يهلك صاحبه.
يجب أن يكون العدل أساس العلاقات فيما بيننا حتى نستطيع أن نقيم علاقات ومعاملات صحيحة، ونتجنب العلاقات القائمة على النفع والمصلحة وحب الظهور والنفاق، ذلك لأنها علاقات غير سوية سيصيبنا منها الضرر عاجلا أم آجلا .
اقرأ أيضا:
إلى شباب اليوم – رجال الغد – الجزء الأول