مقالاتقضايا شبابية - مقالات

إلى شباب اليوم -رجال الغد- الجزء الثالث

أمراض خفية خطيرة "موانع للفهم الصحيح"

يجب أن يعلم كل الشباب أن جودة الإنسان الحقيقية أنما تتحقق من سلامة رؤيته وتفكيره من جانب، وسلامة أخلاقه وتطبيقها تطبيقا سليما في كل نواحي حياته من جانب آخر، لذلك من الجيد أن نتعرف على بعض الأمراض التي تصيب الأخلاق ولا تظهر إلا في مواقف بعينها، لذلك يمكن أن نسميها أمراضا خفية أو باطنية تسكن داخل الإنسان.

الخطير في تلك الأمراض أن من يمتلكها قد لا يشعر بوجودها، كما يوجد لها جانب لا يقل خطورة عن مجرد وجودها، هو أنها تمنع صاحبها عن الفهم السليم للواقع من حوله، وتجعل من رؤيته للأمور غير صحيحة، ذلك لأنها تضر بسلامة عملية التفكير نفسها.

ويمكن أن نستعرض بعضا منها لنعرف مدى الترابط والتأثير المتبادل بين الأخلاق والتفكير السليم، وأن عدم التخلص من تلك الأمراض حتما سيؤثر سلبا على أغلب جوانب الحياة التي نعيشها، خاصةً لو كنا في عمر الشباب ونرسم خططا لأنفسنا ونحدد ما يجب أن نكون عليه.

يمكن أن نقسم تلك الأمراض المشتركة ما بين الفكر والأخلاق كالتالي:

نماذج لأساليب خاطئة في التفكير

المبالغة: هي الميل إلى التضخيم والتهويل في إدراك الأشياء وتأثيرها وإضفاء دلالات مبالغ فيها عن حجم الخطر والدمار. الأشخاص المصابون بالقلق والتشاؤم هم من يتميزون بالمبالغة في تفسير المواقف.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

التعميم: إصدار حكم عام على موقف أو قضية ما، ويصاحبه حالة من الخلط بين المفاهيم الكلية والجزئية، ويستخدمه عادة الأشخاص المصابون بالاكتئاب.

الثنائية أو التطرف: اتخاذ مواقف متطرفة “إما أقصى اليمين أو اليسار” بسبب حصر الاحتمالات داخل حدود احتمالين اثنين، وبتحليل الاضطرابات الوجدانية كالغضب والاكتئاب والعصاب نجد أن عامل التطرف من العوامل الهامة في إثارة هذه الاضطرابات.

بعض من المشكلات النفسية

القلق المبالغ فيه وغياب الثقة بالنفس والتشاؤم الشديد يؤدي إلى الانهزامية والاستسلام كبديل عن المقاومة والمواجهة وإلى المبالغة في حجم المخاطر وهو ما يولد بالحتمية غياب المنطقية في التفكير.

إن غياب الشعور بالطمأنينة والاستقرار النفسي للفرد نفسه يعد مصاحبا للشخص القلق، لذلك كانت الوقاية الفعالة في تلك الحالة تكمن في استلهام مصادر السكينة والطمأنينة ولا يتم ذلك إلا عبر إيمان الشخص بقضية شريفة ونبيلة يحيا لأجلها ومنها يستمد أمنه واطمئنانه ويقضي على خوفه الدائم من ضرر المستقبل على حياته ونفسه وما يتعلق بها.

كذلك فإن هذه الحالة المطمئنة المصحوبة بالتفاؤل تكسب أيضا الإنسان المكتئب الفاقد لذاته قيمة حقيقية يستمدها ذلك الشخص من قيمة وقوة القضية والمبدأ نفسه، فيذوب إحساسه الدائم بالفشل والتفاهة وعدم القيمة ويتحول الإحساس بالعجز والضعف إلى قوة وعزيمة وطاقة تأخذ دافعيتها من المبدأ والقضية نفسها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أمراض أخلاقية خفية

سميت الأمراض الباطنية بذلك لأنها في الأغلب تكون غير واضحة أو معلومة (متوطنة) لدى الشخص المصاب بها، ولأن علاجها يحتاج إلى إرادة قوية وتدريب ومجاهدة قاسية.

وتكمن خطورتها في أثرها الخطير على الإنسان نفسه حيث يصير المصاب بأي منها مشوها وغير طبيعي ولا يتمتع بالسلامة النفسية المطلوبة لتحصيل المميزات المعنوية والأخلاقية العملية، فضلا عن كون تلك الآفات الباطنية تمثل قيدا كبيرا يحجم عملية التفكير المجرد ويؤثر على منطقية التفكير، فالعُجب والغضب والحسد إذا تمكن أحدهم أو جميعهم من النفس أدى بها إلى الانعزال ورفض الآخر والجهل المركب ومقاومة معرفة الحقيقة.

وعلاج تلك الأمراض الباطنية يحتاج إلى اعتراف بكونها موجودة ومتأصلة في الشخص المبتلى بها، مع رغبة أكيدة في العلاج، وهى لن تأتي إلا إذا أدرك الإنسان خطورة تلك الأمراض المتوطنة بداخله وأثرها السيء على المستوى الفردي والجماعي.

يجب على الشباب اليوم إرجاع العقل للفطرة السليمة بدون تدخل أية عوائق أو موانع على عملية التفكير، ويكون ذلك عن طريق إدراك أسباب التشوه والانحراف والعمل على إزالتها وإعادة سيطرة العقل على القوى الشهوية والغضبية بداخل الإنسان، الأمر الذي يتطلب استعدادا ورغبة وصبرا من أجل التخلص من هذه المشكلات والأمراض حتى ننعم بكل ما هو جيد وتظهر لنا حقيقية الأشياء من حولنا واضحة، مما يسهل الحكم عليها وتجنب أخطاء قد يكون ثمنها غال جدا من مستقبلنا وسعادتنا.

اقرأ أيضاً:

إلى شباب اليوم – رجال الغد – الجزء الأول           

اضغط على الاعلان لو أعجبك

إلى شباب اليوم -رجال الغد- الجزء الثاني

رسالة إلى الشباب المفكر

مقالات ذات صلة