الملك الاغرب في تاريخ العالم
في التاريخ المصري القديم وإن مكنش في تاريخ العالم كله، مفيش شخصية أثارت الجدل والافتراضات العلمية والدينية والسياسية في كل كتاب وكل رسالة زي ما حصل مع الملك أمنحتب الرابع، أو زي ما عرّف نفسه بعد كده باسم “إخن آتون”،
وده بسبب فترة الاضطرابات والثورة الدينية والتغيير اللي حصل خلال ١٧ سنة حكمهم إخناتون، مع شكوك حوالين نهايته اللي لسة محدش عارف انتهت إزاي، أو راحت فين مومياؤه.
ولأن الحكاية دي حكاية غريبة من نوعها في التاريخ القديم ده، وبتتزامن مع بعض القصص الدينية في الكتب، ولغموض الفترة دي وأحداثها، ظهرت افتراضات غريبة تجاه الشخصية دي، وحاولوا يربطوها بشخصيات دينية كتير،
منها أنبياء ومنها رموز للكفر، ودي تقريبا الحالة الوحيدة اللي فيها شخصية تاريخية ناس شكت إنه نبي وناس شكت إنه كافر، الاتنين في شخصية واحدة، وهديك أمثلة.
التناقض في الأقاويل حول شخصية إخناتون
بص الغرابة كلها بقى..
قبل ما تقرأ، أنا هنا بنقل الافتراضات فقط، مش بربط حاجة بحاجة ولا بقنعك بحاجة، إنما بوريك بس التناقض اللي سابه إخناتون في التاريخ، واللي خلى الباحثين في سيرته يفترضوا الافتراضات دي اللي كلها متناقضة مع بعضها، يعني من باب الاستغراب والمعرفة فقط، ونشدد عالسطرين دول.
فتعالوا نشوف:
إخناتون هو معلّم موسى وصاحب التوراة:
اللي افترض الافتراض ده هو سيجموند فرويد في آخر كتاب كتبه “موسى والتوحيد”.
وفيه افترض فرويد إن موسى كان مصري من طبقة أرستقراطية، وعاش فترة توحيد إخناتون وكان أحد كهنته، وإنه نقل منه عقيدته التوحيدية دي للمهمشين اللي كانوا مستعبدين في مصر، وإن فترة الاضطرابات لما حصلت في أواخر عهد إخناتون موسى اللي كان اسمه “رع موس” أخد المستعبدين وهربوا من مصر،
وغير اسمه من رع موس إلى موس فقط بعد ما شال اسم الإله “رع” من اسمه، ودليل فرويد هو تشابه الصلوات التوحيدية بتاعت إخناتون مع العقيدة العبرانية والمزامير، وكذلك فكرتهم عن الحياة والموت والبعث.
إخناتون هو إبراهيم أبو الأنبياء:
اللي افترض الافتراض ده هو كاتب اسمه سعد عبد المطلب العدل في كتابه إخناتون أبو الأنبياء.
واستدل ده من خلال تحليل الاسم الملكي لأبو إخناتون “أمنحتب الثالث”، اللي هو “نب ماعت رع”، واللي بيتنطق باللهجة السامية “نمرورا” يعني عين نمروز، يبقى أبوه هو النمرود المذكور في القرآن على حد وصفه، ولما أبوه كان بيوصف نفسه بابن مباشر للإله آمون،
فإخناتون وهو صغير رفض ده وكسّر تماثيل آمون وساب تمثال واحد بس، زي قصة إبراهيم في الدين، وإن اسم “أبرام” هو اسم مصري بمعنى راكب الفرس، وطبعا نفرتيتي تبقا السيدة سارة مراته، وزوجة إخناتون المهمشة “كيا” تبقا هاجر.
إخناتون هو ذو القرنين:
من افتراض باحث سعودي اسمه حمدي أبو حمزة أبو زيد، في كتابه “فك أسرار ذي القرنين ويأجوج ومأجوج”، وأعاد طرحه أنيس منصور سنة ٢٠٠٥م
بيفترض الباحث بعد خمس سنين دراسة وسفر لمصر والصين وخلافه، إن ذا القرنين هو إخناتون صاحب العقيدة التوحيدية الأشهر في التاريخ، وإنه مماتش في مصر لكنه هرب من مصر عن طريق المراكب المصرية ووصل المالديف ومنها للصين،
واستدل على ده باختفاء مومياوات الملك ومراته، مع إن اللي قبليه واللي بعديه موجودين ومعروفين، ولكونه موحّد مثبت في التاريخ في الحضارة الأكبر في زمنها، فده يخليه هو الملك المنشود اللي سد طريق يأجوج ومأجوج.
إخناتون هو فرعون موسى:
صاحب الافتراض هو الباحث ستيفن جبريال روزنبرج في صحيفة “جيروسالم بوست” عام ٢٠١٥م.
الكاتب هنا بينفي تهمة “الفرعون” عن رمسيس التاني وابنه مرنبتاح لكون إن مفيش في السجلات المصرية أي أخبار عن شعبهم، وإن الذكر الوحيد لده كان في لوحة النصر لمرنبتاح في الأسرة الـ١٩،
واللي بتؤكد إنه حاربهم لما كانوا في الشام بالفعل، يبقى الخروج كان قبلها بسنين، وهنا بيقارن الكاتب بين الأحداث اللي حصلت في فترة إخناتون وبين قصة موسى والخروج.
إخناتون وقصة موسى والخروج
أول ربطة افترضها كانت من سفر الخروج، اللي فيه إن فرعون أجبرهم إنهم يصنعوا طوب كتير من الطين، وإنهم بنوا لفرعون مدينة جديدة وكان بيجبرهم على ده عشان عايز يخلصها بسرعة، وبالمقارنة،
لقى إن إخناتون عشان يبني مدينته الجديدة “أخت آتون” أجبر العمال _اللي فيه منهم كتير مدفونين وصحتهم كانت بعافية_ إنهم يشتغلوا أضعاف شغلهم المعروف عشان يلحق يخلص مدينته الجديدة، وإن دي الحادثة الوحيدة اللي احتاج فيها طوب كتير من الطين عشان يبني المدينة دي.
تاني افتراض إن إخناتون وصف نفسه بأنه الوحيد اللي تحت آتون، يعني ادعى الألوهية دونًا عن باقي الآلهة كلها، وطمس باقي الآلهة بالأمر، وفي عهده حصلت اضطرابات كتير وخسر أراضي كتير كانت تبع مملكته على أطراف مصر، شبهها الكاتب بالاضطرابات العشر اللي ضربت فرعون؛ الجراد، والذباب، ونهر الدم، وخلافه.
تالت افتراض هو إن إخناتون مكنش بيخلف ذكور، عنده بنات بس من زوجته نفرتيتي، وابن مات، ونسب مشكوك لتوت عنخ آمون محدش عارف ده ابنه ولا أخوه، يعني ممكن يكون اتبنى موسى زي ما مسار القصة ما بيحكي، وفوق كل ده فالمدينة والمعابد اللي بناها في العمارنة حتى مقبرته نفسها اتدمرت،
يعني تم تدمير كل ما صنع إخناتون على حد وصف الكاتب، وهو نفسه كان مكروه من الشعب والكهنة في فترته لما أجبر الجميع على دينه الجديد اللي فيه هو بس فوق إله واحد وهو آتون، وأخيرا انفصال نفرتيتي عنه، هل لأنها آسيا ولأنها آمنت؟ دا افتراض الكاتب.
افتراضات تانية ضعيفة حول إخناتون..
- افتراض من نصيب “دونالد رادفورد” اللي فيه بيفترض إن إخناتون هو المسيح في عصره، لكنه فشل فبقى فيه مسيح تاني، وده لأن إخناتون وصف نفسه بأنه ابن الرب آتون، يعني بيفترض إن ربنا أرسل إخناتون في الأول، بس الرسالة منتشرتش فأعاد إرسال المسيح بعد كده.
- افتراض إن إخناتون هو النبي إدريس، وده لبعض المشايخ الأزهريين، وده لأن أول عقيدة توحيدية في التاريخ كان على إيد إخناتون، وإن لفظة أخنوخ _الاسم الغربي لإدريس_ محرفة من كلمة إخناتون، يعني هو أول المنادين بالتوحيد كما يتفق مع الأثر.
- افتراض إن إخناتون هو يوسف الصديق، ولنفس الأسباب السابقة إنه أول الموحدين في تاريخ مصر، ولكون إن مومياؤه اختفت، وده اللي بيتناسب مع سياق قصة يوسف إنه قبل ما يموت أمر إخواته إنهم ينقلوه للدفن في أرض كنعان.
- إخناتون هو موسى نفسه، لنفس الأسباب السابقة، توحيده، وتشابه عقيدته مع المزامير، واختفاء مومياؤه اللي افترضوا فيها إنه هرب، ومدينته اللي بناها اللي افترضوا إنه بناها عشان يهرب مع المستعبدين، وأخيرا لأن بعديه تم طمس اسمه ومدينته وعقيدته بالقصد من خليفته توت عنخ آمون.
بعيدا عن كل ده، يظل “إخن آتون” هو الحاكم الأكثر جدلا في التاريخ المعروف كله، بظروفه الغامضة، وفكره الجديد الغريب على الطبيعة الزمنية في وقته، وتوحيده في زمنه القديم، والاختلاف حول ماهيته بين كل اللي طرحوا استنتاجات حواليه، واللي الوحيد اللي اختلف فيه الباحثين حول هل كان ملك ولا نبي ولا طاغية ولا صالح، الوحيد من نوعه يعني.
اقرأ أيضاً:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا