مقالات

ولا تأنفا أن تسألا وتسلما **فما حشي الإنسان شرا من الكبر

الكبر مصدر الشر

أتفق مع أن الجهل هو مصدر كل الشر كما قال أفلاطون ولكن…

ما أن يحدث العلم ويكتمل الفهم والإدراك وينتفي الجهل، يأتي الكبر ليكون باعثًا على نفس الشر وبنفس المقدار! بل إنني أجد الكبر أشد بعثا على الشر من الجهل حتى أنه في كثير من الأحيان يكون الكبر هو مصدر الجهل ذاته. فالجهل سهل المداواة يطمسه العلم بسهولة، سواء كان علمًا دينيًا أو دنيويًا، ولكن الكبر لا علاج له إلا بتحلي صاحبه بكثير من الحكمة والمقاومة العنيفة للذات، لذا نجد أنه لا حيلة للدين إذا عجز عن أهم مهمة له وهي جعل الإنسان يتخلى عن كبره.

ولا حيلة لعلم كان أعظم أدواره أن يشرح لك حقيقة إذا كان المرء ينكرها ولا يريد أن يراها منذ البداية، لا حيلة لهما إطلاقا في تغيير سلوكنا وأوضاعنا؛ ذلك أن مبعث شرورنا الأصلي باقٍ… وهو الكبر.

الكبر والجهل هما الشر

كيف أننا نتكبر على الاعتراف بجهلنا وسوء أحوالنا؟ كيف أننا نتكبر عن نقد وتغيير أفكارنا وإعادة تقييم معتقداتنا؟ كيف أننا نتكبر على النزول عن آرائنا؟ كيف أننا نتكبر على التنازل عن مغلوط أوضاعنا والمعتاد من أنماط حياتنا؟ كيف أننا نتكبر على الاعتراف بأخطائنا؟ كيف أننا نتكبر على الواقع بكل صوره؟

يدهشني دائما أناس كثيرو القراءة والأسفار لم تسفر قراءاتهم ولم تفضِ أسفارهم إلى تطور إدراكي أو سلوكي! فكيف بالقراءة والسفر وهما أكبر معلمان في الدنيا يعجزان أن يتركا أثرًا يغير من صاحبهما ليختلف عن إجمالي القطيع؟! إنه الكبر.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الكبر الذي جعله يبحث في الواقع عما يبرر رؤيته لا أن يتحقق منها، الكبر الذي يجعله يرتكب مجموعة من اختزال الرُّؤى واجتزاء الحقائق وإغفال الواقع ولي عنق المنطق ليصل لنتيجة واحدة، والتي كانت منذ البداية هي هدفه وعنوان رحلته في الكتب والبلاد، وهي أنه على صواب، صواب في أفكاره ومعتقداته وأصوله وسلوكياته…

فيبحث المرء في الواقع مدفوعا بكبره على ما يبرهن على صوابه، بدلا من أن يبحث في الواقع عن الحقيقة ليتعلم الجديد ويقيم القديم من أفكاره. فإذا نظرنا لأنفسنا كمصريين وعرب سنجد انتشار الجهل والكبر معا؛ لذا للأسف نحن بالفعل شعوب شريرة جدا، فلم ولن يفلح معنا دين ولا علم، حتى نتخلى عن الكبر.

فر من الجاهل المتكبر

ولو بحثنا عن كم الآيات الوارد بها كلمة الكبر ومشتقاتها سنعلم حقيقة مصيبته؛ فسنجد أنها وردت كسبب رئيسي مقرون بالظلم والكفر وبكل نماذج الشر، بل وجاء الكبر دائما مبطلا ومعطلا للعلم مانعا لأثره.

فإذا أردت أن تعرف عن شخص هل هو خير أم شرير أو للدقة قدر خيره من شره، فلا ترهق نفسك في مراقبة أفعاله والإحاطة بآرائه لتقيمها تفصيلا، بل فقط لتعرف قدر جهله وكبره، فإذا كان جاهلا فهو شرير حتى وإن لم ينتوِ الشر، وإن كان متكبرا فهو شرير حتى وإن كان عالما،  أما لو كان كليهما، فلتفر منه كأنه المرض .

اقرأ أيضا:

ماذا سيحدث إذا حكمت الآلات العالم؟

دور الضحية

الصدفة وحدها هي السبب وراء نشأة الكون ؟ هل المقال إتكتب صدفة ؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

 

أحمد العصافيرى

طبيب أسنان

عضو فريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالإسكندرية