مقالات

أمة .. لا تقرأ

قبل أن أدخل فى موضوع المقال أرجو أن تتوقف قليلاً وتتمعن فى العنوان الذى قد يبدو واضحاً لا يمكن الخلط فى معناه ولكن ربما يبدو ما أرغب فى قوله أكثر وضوحاً حين أخص بالذكر أمة “اقرأ” التى أضحت أمة “لا تقرأ” وكأن الجهل أصبح دينها الذى تتعبد بمحرابه ليل نهار فمن ينسى مقولة وزير الدفاع الإسرائيلى إبان النكسة وحرب أكتوبر (موشى دايان) “إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يستوعبون، وإذا استوعبوا لا يطبقون، وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم” تلك المقولة التى تؤكد مدى صحتها يوماً بعد يوم دون أى محاولات تُذكر منا -ولو على سبيل الحمية والشعور بالإهانة- لكى نبرهن على أننا لسنا بالقطيع الذى يُساق إلى هلاكه كما يظنوننا.

فها هى الأحداث تشتعل منذ بضعة سنين فى المنطقة فبالأمس كانت حرب لبنان الأهلية والتى تبعها تمزق العراق واليوم أتى دور سوريا واليمن والبحرين وغداً مصر وهلم جر مما يوجب علينا شحذ الهمم وقراءة الأحداث كى ننجو من الهلاك المحقق الذى نهرول إليه فى شوق ولوعة تفوق اشتياق لقاء الأحبة بعد طول غياب بما يحمله خطابنا المغرق فى بلاهته وجهله والمسارعة بحصر الصدام فى خلاف طائفى (شيعى-سنى) ليكون حلقة جديدة من استغراقنا فى غفلتنا واستعذابنا للجهالة وبحثنا المحموم عن معارك وهمية تروى عطش زائف لنصر تصبح أمامه الهزيمة فى المعركة أمام العدو الحقيقى أكثر شرفاً منه لتكون نكستنا اليوم بقبول منا ورضا ونحن نذهب طواعية لنضع أنفسنا تحت رحمة نصال العدو متخاذلين حتى عن خوض معركتنا ضده للرمق الأخير.

ففى عام 1995 صرح (شيمون بيريز) فى حوار أجراه حول كتابه (الشرق الأوسط الجديد) الذى صدر عام 1993 “أعتقد بأن جامعتهم العربية يجب أن تسمى جامعة الشرق الأوسط وعندئذ يمكن لإسرائيل أن تنضم إليها , نحن لن نصبح عرباً ولكن الجامعة يجب أن تصبح شرق أوسطية , لقد أصبحت الجامعة العربية جزءاً من الماضى” فى تصريح يحمل هدفاً واضحاً فى هدم الهوية العربية وهو ما قد أبرزه (زيجينيو بريجينسكى) مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى السابق (جيمى كارتر) بقوله “نسف التوجه القومى من الداخل من خلال تأجيج الصراعات الطائفية واتخاذ الدين نقيضاً للقومية على أساس من الديمقراطية والعدالة الإجتماعية بالشكل الذى لا يمكنها من الإنبعاث والنهوض وأداء دورها الحضارى” وبعد كل ما سبق مازلنا ننادى بأن الشيعة أخطر من اليهود ونتحدث عن الخطر الإخوانى والرعب السلفى والمد السنى وفى الوقت الذى أصبحت فيه مصر مرتعاً للسياح الإسرائيليين مع خط طيران مباشر من القاهرة إلى تل أبيب نجد كل العلاقات الدبلوماسية مقطوعة مع طهران وتقوم الأرض ولا تقعد على مجىء بعض السياح الإيرانيين إلى مصر خوفاً من أن يحملوا إلينا فيروساً شيعياً يقضى على سنية أهل مصر أصحاب الإيمان القوى بقدر الصحابة وآل البيت على حد سواء.

فها نحن ذا نسير بخطى ثابتة نحو صراع طائفى ندعو إليه ونحث عليه بل ونطالب الولايات المتحدة الأمريكية أن تقف معنا فيه وقفة ترضى الله ورسوله كما دعى الشيخ القرضاوى فى سقطة لن تنساها له الأجيال القادمة التى سترزح تحت نير الاحتلال الغاصب لبلادنا بدعوى انقاذنا من أنفسنا وحمايتنا من أن نفنى بأيدينا وكأننا أمة من الحمقى التى لا تقرأ التاريخ حتى وصل الحال بأعدائنا أن يحيكوا مؤامرتهم علينا علانية عملاً بمشورة (موشى دايان) فالعرب حقاً.. لا يقرأون

تم نشر المقال على موقع يقظة فكر بتاريخ 24/8/2013

اضغط على الاعلان لو أعجبك

http://feker.net/ar/2013/08/24/%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A3/

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

محمد صابر

مهندس حر

باحث في علوم التربية وفلسفة التعليم بمركز “بالعقل نبدأ”

دراسات عليا في كلية التربية جامعة المنصورة

حاصل على دورة إعداد معلم (TOT) من BRITCH FOUNDATION TRAINING LICENSE المعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية