علم نفس وأخلاق - مقالاتمقالات

أكثر التجارُب العلمية رُعبًا في التاريخ

تعالَ أحكي لك واحدة من أكثر التجارُب العلمية رُعبًا في التاريخ، دي حرفيًا أكثر التجارُب إللي شوفتها فيها عُمق كده وتأثير مُطوّل بعد ما تعرفها.

أقدم لكُم تجربة.. الكون 25 ” أكثر التجارُب العلمية رُعبًا”:

الموضوع كان في الأول عادي جدًا قبل ما يتحوّل تدريجيًا للسوّاد إللي هتشوفه في النهاية، بتبدأ القصة سنة 1970 لما قرر عالم السلوكيات الأمريكي “جون كالاهون” إنه يعمل تجرُبة وسمّاها “الكون 25” –هتعرف ليه 25 بس في آخر الموضوع، المُهم..

التجرُبة كانت عبارة عن إنه هيجيب 8 فئران نُصهم ذكور ونُصهم إناث ويبني لهم مُستعمرة مخصوص ليهم، مليانة كُل إللي يحتاجوه وكُل إللي بيجروا طول اليوم وراه، أكل وشُرب ومساحة واسعة، بحيث يأمن على وجودهم للأبد وأنهم يكونوا سُعداء، وسمى المُستعمرة دي “جنة الفئران”، وبدأت التجرُبة وبدأ يسجل مُلاحظاته كُل كام يوم.

أول مولود أنجبته المجموعة مكنش عدى وقت طويل، والحقيقة إن عدد المواليد من الفئران كان ضخم وبيزيد كُل شوية، والأوضاع مُستقرة، والفئران مبسوطة وسعيدة باللي وصلت له من كمال تام، لدرجة إن عدد الفئران وصل ل600 فأر في مدة بسيطة جدًا.

بس في اليوم 315 من التجرُبة لاحظ “كالاهون” ملحوظة غريبة وسجلها، سلوك الفئران صار عنيفًا بشكل غير مفـهوم، والأغرب إنه بعد تدقيق بدأ يُلاحظ إن الفئران دي كوّنت جماعات وأحزاب كُل مجموعة مُنفصلة عن التانية، وكُل مجموعة بتحوي أفراد شبه بعض، يعني مجموعة ضمّت فئران أقوياء، ومجموعة ضمت فئران سلوكها مُتشابه وهكذا، تمُر الأيام والتجرُبة بدأت تكون أغرب وأكثر سوداوية.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مجموعة من ذكور الفئران الضُعفاء سابت أماكنها والإناث بتاعتهم وراحت تُقعد في زوايا بعيدة عنها، وبدأت الفئران الأقوياء باغتصاب الإناث إللي هرب عنها أزواجها وسابوها مع أطفال صُغيرة عشان يراعوها، بدأت الفئران القوية في فرض سيطرتها على الباقي.

الإناث كمان بدأ سلوكها يكون عدائي جدًا مع أطفالها وبدأوا يضربوهم ويعتدوا عليهم لحد ما قتلوا منهم أطفالهم بنفسهم.

المُثير للاشمئزاز كان إن بعض الفئران بدأت تأكل فئران زيها على الرغم من وجود الطعام بشكل ضخم لكن القوة كانت دافع شهواني أكبر.

كتب كالاهون: “لقد انهارت كافة الروابط الاجتماعية بين الفئران، وانخفضت مُعدلات الإنجاب إلى حد كبير، كما إن الإناث عددها في تناقُص مُستمر نتيجة للقتل أو الانتحار”.

الجميلون

بس إللي كان غريب ومُثير للتأمُل هي مجموعة من الفئران مدخلتش في أي صراعات ولا تعرضت لأي إيذاء، المجموعة دي سماها كالاهون “الجميلون” ودي كانت مجموعة من الذكور الرايقين إللي بيصحوا ويناموا ويكلوا ويشربوا وخلاص، بس خليك فاكر اسمهم عشان هنرجع لهم تاني.

المُهم إن من ضمن إللي ذكره “كالاهون” باستغراب شديد هي شوية تغيُّرات في “أخلاقيات” الفئران، منها إنهم تحولوا إلى كُسالى نتيجة لتوفُر الغذاء وعدم حاجتهم للحركة، فصارت المُستعمرة مرتعًا لهم، واضح يا رفيق إن “جنة الفئران” تحولت إلى جحيم حقيقي.

تعداد النموّ السُكاني فيما يُسمى الكون 25 كان في تناقُص ملحوظ.

في اليوم 516، يعني بعد سنة ونُص من البداية، كان وصل عدد الفئران إلى 2200 فأر بس، وفي تناقُص مُستمر ومُعدلات النمو بتنخفض ووصلت لذُروة الانخفاض. وانتشرت وسطهم الأمراض، على الرغم من تأكيد “كالاهون” في البداية على كون الفئران المُختارين بصحة جيدة جدًا.

أما “الجميلون” فانتشر وسطهم الشذوذ الجنسي، وده تسبب في أمراض كتيرة وسطهم، وبقى واضح إن الجنة هتسقُط على رؤوسهم جميعًا، وفعلاً بدأت الأعداد تقلّ مش النمو هو إللي يقل بس! عمليات القتل زادت جدًا وسطهم وتفشى المرض، وانهار كُل شيء.

لحد بعد تمام السنتين اتولد آخر فأر في الجنة دي وإللي بدوره قتل جميع الفئران المُتبقية وفضل هو لوحده، عشان يقفل “كالاهون” التجرُبة على كده، تجربة الكون 25. كالاهون كان عمل 24 تجرُبة قبل كده على نفس الشكل، وفي كُل مرة كانت النتيجة نفسها.

حابب أختم كلامي بقوله تعالى:

“وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)” _الشورى. أنا بأمانة أول ما شوفت الآية دي بعد إللي كتبته فوق اترسمت على وشي ابتسامة وإحساس داخلي غمرني كده بمدى عظمة الخالق،

إللي هو بيقولنا “أنا كان مُمكن أزودكم كُلكم وأخليكم أغنياء ومعاكم كُل الرزق إللي يكفيكم، وترتاحوا في الدُنيا تمامًا، لكنكم هتبغوا في الأرض”، واستخدم لفظ تبغوا نظرًا للاهتمام باستخدام الشهوات أكتر من أي حاجة تانية. حقيقي الحياة مش عبثية زيّ ما مُمكن تتخيل، إنما كُل شيء محسوب بدقة.

أنتَ هُنا، بكُل ظروفك المُحيطة والبيئة المُحاط بِها، لأن من غير كُل الحاجات إللي حواليك وأنتَ حواليها، هتفقد الحياة معانيها المُتعددة، تمامًا كقطع الدومينو، ومعزوفة موسيقية في الخلفية ترنو بألحان خيالاتك.

اقرأ أيضاً:

المادية هلاك للإنسانية

أن تكون إنسانا .. ماذا تعني؟!

تجربة القرود الشهيرة التي تخاف من الموز

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. مصطفى محمود حسن

باحث وكاتب روائي