الاكتئاب النفسي .. أعراضه، أسبابه، مضاعفاته، وطرق علاجه
هل تصدق أن مائتين وثمانين مليون شخص حول العالم يعانون من مرض الاكتئاب النفسي؟ نعم، إنه مرض شائع جدا! وهل تتخيل أنه يتسبب في قتل سبعمائة ألف شخص سنويا عبر دفعهم إلى الانتحار؟
ربما عليك الآن الانتباه لنفسك ولمن حولك ومحاولة مساعدة من تجد عليه أيًا من أعراض الاكتئاب النفسي التي سنتعرف عليها في المقال.
ما هو الاكتئاب النفسي؟
الاكتئاب هو اضطراب نفسي يعاني فيه المريض من الحزن المتواصل الذي ربما يصاحبه الإحساس بانعدام المعنى وفقدان الشغف، وهو مرض شائع حيث يقدر عدد المصابين به بنحو ٥% من البالغين حول العالم،
وهو يختلف عن تقلبات المزاج العادية والانفعالات المختلفة التي تحدث لنا بسبب التحديات التي نقابلها في حياتنا، وتزول هذه التقلبات ونتخطى التحديات، فهو قد يسبب المعاناة الشديدة للمصابين به، ويترك أثره السلبي على حياتهم الأسرية والعملية.
الاكتئاب قد يتحول إلى حالة صحية خطيرة، وفي أسوأ الحالات يؤدي إلى الانتحار!
أعراض الاكتئاب النفسي
أعراض الاكتئاب النفسي التي تظهر على المريض قد تختلف في شدتها، وتشمل:
- الإحساس بالحزن، أو المزاج السيئ.
- فقدان الشغف، وعدم الاستمتاع بالأنشطة التي اعتدت الاستمتاع بها.
- تغير في الشهية، كأن يزداد وزنك بشكل ملاحظ أو تفقد الوزن بشكل ملاحظ دون أن تتبع حمية غذائية معينة.
- اضطرابات النوم كالأرق أو النوم لساعات أطول من المعتاد.
- الإحساس بالإرهاق الزائد.
- الإحساس بالذنب المستمر أو بعدم القيمة وانعدام المعنى.
- صعوبة التركيز والتفكير واتخاذ القرارات.
- التفكير في الانتحار!
هذه الأعراض يجب أن تستمر لمدة أسبوعين على الأقل ليتم تشخيص الاكتئاب النفسي، وكذلك يجب الانتباه إلى أن هناك حالات مرضية أخرى قد تسبب أعراضا شبيهة بأعراض الاكتئاب النفسي،
مثل أمراض الغدة الدرقية وأورام المخ ونقص بعض الفيتامينات، لذلك لا بد أولا من استبعاد وجود هذه الحالات المرضية قبل تشخيص الاكتئاب النفسي.
الفرق بين الاكتئاب النفسي والحزن
يجب الانتباه إلى أن ليس كل حالة حزن هي اكتئاب نفسي؛ المرور بتجربة صعبة كفقدان شخص عزيز مثلا من الطبيعي أن يسبب بعض الحزن، لكن هذا الحزن يختلف عن الاكتئاب النفسي الذي نتناوله في المقال:
- في الحزن تأتي المشاعر السلبية وتذهب، وعادة ما يتخلل حالة الحزن بعض الذكريات السعيدة، أما في الاكتئاب النفسي فإن هذه المشاعر تستمر لمدة لا تقل عن أسبوعين.
- في حالة الحزن لا تفقد ثقتك بنفسك أو تقديرك لذاتك في الغالب، أما في الاكتئاب النفسي فإنه من الشائع أن تشعر بانعدام المعنى وفقدان القيمة.
- في حالة الحزن قد تفكر في الموت بسبب الرغبة في التواجد مع الشخص العزيز الذي فقدته، أما في الاكتئاب النفسي فإنك قد تفكر في الانتحار بسبب الإحساس بانعدام القيمة والمعنى أو بسبب اعتقادك بعدم استحقاقك للحياة أو بسبب عدم تحمل ألم الاكتئاب النفسي.
اختبار الاكتئاب والقلق والضغط النفسي
تنتشر على مواقع الإنترنت المختلفة اختبارات نفسية متعددة للاكتئاب والقلق والضغط النفسي، لكن هذه الاختبارات ليست أداة كافية لتشخيص هذه الأمراض، وننصحك بعدم الاعتماد على نتيجتها إذا تعرضت لأحدها. والأفضل من هذه الاختبارات أن تتوجه إلى الطبيب المختص إذا وجدت في نفسك أيًا من أعراض الاكتئاب النفسي.
مضاعفات الاكتئاب النفسي
الاكتئاب النفسي الشديد قد يكون له التأثير الكبير على حياتك وصحتك الجسدية والنفسية، وقد يسبب بعض المضاعفات منها:
- الأمراض المزمنة كالضغط والسكر وأمراض القلب والسرطان.
- صعوبة التركيز والتفكير.
- الإدمان.
- محاولة إيذاء النفس والتفكير في الانتحار!
اقرأ أيضاً:
أوقات الأزمات وتجلي التفكير العلمي
أسباب الاكتئاب النفسي:
هناك العديد من الأسباب التي قد تجعلك أكثر قربا من الإصابة بالاكتئاب النفسي، ومنها :
شخصيتك وطريقة تفكيرك
فالأشخاص الذين يعانون من نقص الثقة بالنفس وغياب التقدير لذاتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب النفسي، وهذه الحالة تجدها في نفسك إذا غاب عنك الهدف الصحيح والغاية النبيلة التي تعلق حياتك بها فتعطي لها القيمة والمعنى.
كذلك وجد أن الأشخاص الذين لا يجيدون التعامل مع الضغوط أكثر عرضة للاكتئاب النفسي، ويحدث ذلك إذا غاب عنك التفكير المنطقي العقلاني الذي يمكنك من التمييز بين ما يجب مواجهته وما يمكن تجاهله أو تفويضه لغيرك.
هل تعلم أيضا أن أخطاء التفكير قد تجعلك أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب النفسي؟
فمثلا إذا كنت تميل إلى المبالغات وتعميم أي تجربة سلبية تمر بها على حياتك بشكل عام، فإن هذه الطريقة من التفكير غير المنطقي تشحنك بالأفكار السلبية والخاطئة التي تمتص طاقتك وروحك ويكون لها تأثيرها السلبي جدا عليك.
كيمياء المخ
بعض الاضطرابات في كيمياء المخ قد تنتج أعراضا كأعراض الاكتئاب النفسي.
الوراثة
وجدت الدراسات أن الاكتئاب النفسي يتأثر بالوراثة، فمثلا إذا أصيب شخص بالاكتئاب النفسي فإن احتمالية إصابة توأمه المتماثل كبيرة.
عوامل بيئية
كالتواجد في بيئة فيها تعرض مستمر للعنف والإهانة والإهمال أو الفقر، الذي يجعل البعض أكثر عرضة لأن تظهر عليهم أعراض الاكتئاب النفسي.
كيفية الخروج من الاكتئاب النفسي
الاكتئاب النفسي من أكثر الأمراض النفسية التي تستجيب للعلاج، وتقريبا ٨٠ – ٩٠ % من مرضى الاكتئاب النفسي يتعافون منه، وكل مرضى الاكتئاب النفسي مع العلاج والمتابعة يشعرون بتحسن الأعراض.
الخروج من الاكتئاب النفسي وعلاجه يشمل:
العلاج النفسي
ومنه العلاج المعرفي والسلوكي، وفيه يتحدث المريض مع المعالج، ودور المعالج هنا هو مساعدة مريض الاكتئاب النفسي في إصلاح أخطاء التفكير وتغيير الأفكار السلبية والخاطئة لديه،
مثل أن قيمته وتقديره لذاته يرتبطان بنظرة الناس له أو أنه شخص فاشل لا يمكنه النجاح أبدا، وهذه الأفكار لها الدور الكبير في أعراض الاكتئاب النفسي.
ويشمل دور المعالج كذلك مساعدة المريض على تطبيق سلوكيات تضاد وتخالف هذه الأفكار الخاطئة ليرسخ في نفسه الرؤية والأفكار الصحيحة.
العلاج بالأدوية
وفيه تستعمل مضادات الاكتئاب، وهي لها تأثيرها على كيمياء المخ التي سبق وذكرنا أن اضطرابها قد يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب النفسي.
ويجب التنويه إلى أن استعمال هذه الأدوية لا بد أن يكون تحت إشراف طبيب مختص، وكذلك فإن هذه الأدوية ليست مهدئة أو منشطة ولا تأثير محفز لها على من لا يعانون من الاكتئاب النفسي.
العلاج بالصدمات الكهربائية
وهو يستعمل في حالات الاكتئاب الشديد والتي لا تستجيب للعلاج.
علاج طبيعي للاكتئاب النفسي!
هناك بعض الأمور الطبيعية التي يستعملها الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الاكتئاب النفسي وتساعد في تخفيف حدة هذه الأعراض، ومنها:
- ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
- التواجد وسط الأصدقاء والأهل المحبين.
- تناول الطعام الصحي المتوازن.
- النوم لعدد ساعات كافٍ.
- استعمال بعض الأعشاب الطبيعية.
في النهاية عليك أن تعرف أن الاكتئاب النفسي مرض حقيقي وقد يؤثر بشكل كبير على حياتك، فلا تتردد أبدا في طلب المساعدة إذا وجدت نفسك تعاني من أعراض الاكتئاب النفسي، ولا تخجل من أن تتوجه للطبيب المختص.
وكذلك لا تنسَ أنهم قديما قالوا درهم وقاية خير من قنطار علاج، فاعمل على وقاية نفسك من مسببات الاكتئاب النفسي!
لا تترك طرق التفكير الخاطئة والأفكار السلبية تأكل من نفسك وروحك وتسلمك للاكتئاب النفسي.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا