هل تساءلت يوما عما تشاهده في التلفاز، ما مصدره؟
الإعلام و ترسيخ الأفكار والعادات والقيم
والد أحمد في يوم الأجازة “ما تفتح التلفزيون نشوف فيه إيه النهاردة في التلفزيون”.
يبحث أحمد عن برنامج جيد في الإعلام فيجد برنامج نفسنة،
أبوه يقول له: لأ دور على حاجة تانية يقلب في القنوات فيلاقي برنامج خمسة… للفنانة الكبيرة… لأ لأ بلاش ده!
دور على حاجة تانية يا بني، فتيجي قناة بتعرض برنامج أبلة فاهيتا ، يا بني بلاش قلة قيمة!
أحمد يقلب تاني يلاقي برنامج عم شكشك
الأب: يا بني عايزين حاجة مفيدة نستفاد منها؟
أحمد يقول لأبوه أنا هدور آخر مرة ، يقلب يلاقي مسرح مصر يتفرجوا على المسرحية يلاقوا مفيش أي فايدة أو كلمة مفيدة وده بشهادة نجم المسرحية، بيسأل صاحبه: انت غلطت في اسمي فيرد عليه يا بني هو إحنا بنمثل ليالي الحلمية؟!
حال الإعلام في وطننا العربي
ما سبق كان مشهدًا بسيطًا لمحتوى الإعلام في وطننا العربي، برامج أغلبها تهريج في تهريج والأدهى من ذلك أن تجد برامج يقدمها راقصون وراقصات تعرض ليل نهار بدون أي رقابة أو تحقيق فيما يقال في سماء الإعلام المفتوحة على مصراعيها.
وكل فحوى البرامج المعروضة تفتقد اللغة المهذبة فأغلب الحوارات بلغة مستفزة يلتقطها الأبناء ويتم تداولها على ألسنتهم مع التقليد شبه التام لكل ما يقوله الفنان أو الفنانة التي تترك أثرًا في عقل الناشئة له تأثير أكبر بكثير من أثر المدرسة أو البيت، فبدون رقابة تنتشر طفيليات الإعلام في عقول الناشئة بل في عقول الآباء والأمهات من كثرة البرامج التافهة وكثرة تكرارها ليل نهار.
فالبرنامج الواحد يتم تكراره مرتين أسبوعيا لترسيخ ما يتم تداوله، وياليت الأمر قد اقتصر على تلك البرامج بل الأفلام الكرتونية والأفلام الأمريكية التي تنتشر في الوطن العربي كانتشار النار في الهشيم وما تحمله من قيم غربية لا تتناسب مع قيمنا الشرقية، فنجد البطل في صورة بطل أفلام سوبر مان رمز القوة يساعد الأخيار ويقتل الأشرار وفي سياق الدراما يقبل الفتاة التي يحبها ويقيم علاقة معها وهو سياق درامي فلا مانع من أن يتم تقليده في كل ماسبق فهو رمز القوة.
وفي أفلام الكرتون الموجهة للأطفال تجد محاولة مستميتة لترسيخ قيم الغرب و ترسيخ مفهوم المادية واستخدام كل الأساليب لتحقيق الهدف ولا يهم الوسيلة إن كانت من قبيل الخديعة وعمل المقالب طالما هي في سياق الفكاهة فتجد الفأر ييعمل المقالب في القط ويحيك المؤمرات لكي يوقع بالقط، وفي سياق الأفلام الكرتونية أيضا ترسيخ لمفهوم الحب كما يريده الغرب.
دور مواقع التواصل في ترسيخ الأفكار
ما سبق هو أقل بكثير من الواقع الفعلي المتداول على ساحة الإعلام ولم نتطرق للفضاء الإلكتروني المتمثل في الفيسبوك والإنستجرام، فبتكرار فحوى تلك البرامج وتكرار ما يتم تداولة يتم ترسيخ قيم وأخلاق جديدة وعادات تحل محل العادات التي تربى عليها الناشئة والشباب فغدا الإعلام هو المربي الأول والأهم في منظومة الحياة الاجتماعية فهو الذي يقرر أي القيم يتم التركيز عليها وأي القيم يجب محوها من ذاكرة الأمة فهو الذي يحدد الصالح من الطالح وهو الذي يحدد أي الأمور هي الخير وأيها هو الشر.
قد يسأل قاريء لقد أعطيت الحياة لونا أسودا كئيبا! نعم هو لون أسود فهو واقع يدخل بيوتا بدون استئذان يدخل البيوت كالشبح ويقيم فيها ولا يكاد يبرح مكانه فهو أصبح جزءًا أصيلًا في الحياة بأكملها، نعم يجب أن نعترف بأن الواقع أصبح داكنا فلن ينفع علاجي كمريض إن لم أعترف بأنني مريض، فأنا وأنت أصابنا هذا المرض! الهوس بالإعلام والفضاء الإلكتروني، لكن انتظر فمازال هناك أمل طالما هناك عقل يفكر ويمحص وينقد.
فيجب أولا أن ننقد أنفسنا هل نحن فعلا مؤهلون فكريا وعقليا؟ هل نمتلك القدرة على التمييز بين ماهو صالح وبين ما هو طالح؟ هل نعي ما تهدف إليه آلة الإعلام وما يهدف إليه منتجو الأفلام؟ هل ننساق بسهولة إلى تقليد ما نراه على الشاشات ونكرر ما يقولونه بدون نقد وبدون مراجعة فكرية؟ كل تلك الأسئلة على سبيل المثال وليس الحصر مما يجب أن نكون على وعي به.
أهمية التفكير المنطقي
فلنتعلم أنا وأنت، لنتعلم كيف نفكر لنتعلم ماهو فائدة المنطق وقواعد التفكير السليم، كيف نستفيد من المنطق في نقد وفهم كل ما يدور حولنا، وعلينا أن نخرج من هذا الكهف المليء بالأوهام والظنون، أن ننطلق إلى حرية الفكر دون قيود يمليها علينا أشباح الكهف من أعلام وأشخاص يديرون شبكات الإعلام والاجتماعية في الفضاء الافتراضي لا نعلم من هم وماذا يريدون علينا أن نخرج إلى الحياة، إلى التعرض لشمس المعرفة لكي يستضيء العقل ونقتل طفيليات الإعلام المضلل.
اقرأ أيضا:
بعد فضيحة الفيسبوك… ما هو مصير المعلومات المسروقة؟
أخلاقيات العمل .. كيف ننمي الأخلاق داخل بيئة العمل!؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.