مقالات

ستجد نتيجة غير سارة إن لم تربيها، فلتحاول ترويضها جيدا

 لا يمكن للإنسان أن يطلب شيئًا لا يعرفه، كما لا يمكنه الاندفاع نحوه مالم يشعر بمدى حاجته إليه، ولم يدرك نتيجة فعلته. ولا شئ يؤذى ويؤلم روح الإنسان أكثر من إحساسه بأنه لا يستطيع نيل ما يريده بشده وأنه عاجز عن الوصول إليه.

فأنا أطلب الطعام نتيجة أنى أعرفه وأعرف لذته بل وأطلب منه ما أحبه وأعرفه ولا أطلب ما لا أعرف، وأندفع نحو البحث عن الطعام لأنى أعرف حاجتى إليه لسد ألم الجوع وأتألم عندما لا أستطيع الحصول على ما أحتاج من الطعام.

كل الكائنات فى هذا العالم لديها قوة ما وإمكانيات معينة تُسخرها للحصول على ما تريد فى هذه الحياة، وعندما تتناسب هذه الإمكانيات مع الإرادة والرغبة تكون هناك “القدرة”.

أنا أرغب فى الطعام ولدى الإمكانية للحصول على الطعام فبهذا تكون لدى القدرة، القدرة التى أحصل بها على ما أريد وأشبع رغبتى.

بين الإنسان والحيوان

وكما ذكرنا فهذا أمر مشترك بين الكائنات ولكن باختلافات؛ فالحيوان ذو رغبة أيضًا ولكن رغبة الحيوان هى رغبة الحيوان وغريزته الطبيعية ولا حيلة للحيوان أمام رغبته، وبمجرد أن تتحرك رغبته نحو أمر ما ينجذب إليه تلقائيًا، لا مقاومة ولا تفكير ولا محاسبة ولا تفضيل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ولكن الإنسان قادر ويمتلك القدرة فى أن يقاوم ويثبت ويفكر ويفاضل ويختار، يمتلك الإنسان زمام الأمور بهذا الشكل بفضل قوة الإرادة والتى تقع تحت حكم العقل، العقل الذى يمنحه الميول والرغبات المعنوية التى لا وجود لها فى سائر الأحياء، هذه المعنويات هى التى تُمكِّنه من الخروج من حدود الماديات إلى فضاء المعنويات؛ فالإنسان يجمع كل الميول والرغبات تحت سيطرة العقل ولا يعطيها أكثر مما خصص لها.

ولكى يستطيع الإنسان معرفة قدراته وإمكانياته ومعرفة قدرته والتحكم فى رغباته فعليه أولًا معرفة ذاته، ويعرفه موضعه ومكانه فى هذا العالم فيضع نفسه فى المكانة التى تليق به.

عندما يعرف الإنسان

عندما يعرف الإنسان ذاته سيعرف أنه ليس مجرد تراب أو أنه موجود بالصدفة!!، ولكنه موجود مُصطفى وبحكم قدرته واستحقاقه؛ لا بحكم التنازع عليه رسالة ومسؤولية وتكليف.

نتيجة التربية للنفس

عندما يعرف الإنسان ذاته سيعرف أنه ليس بحاجة لشراء الملابس كل يوم وأنه ليس مضطرًا لمواكبة أحدث صيحات الموضة أو شراء أحدث إصدارات الأجهزة الإلكترونية، سيعلم أنه ليس بحاجة للقلق حتى المرض بشأن عدم ملائمة ملامحه لمقاييس الجمال، سيعلم أن القليل بل أقل القليل من الطعام والشراب والملبس والمسكن حقًا سيفى بحاجاته من هذه الناحية وسيعلم أن جهده الضائع لإشباعها عليه أن يتجه لناحية أخرى، ناحية إنسانيته لا حيوانيته.

سيعلم حاجاته الحقيقية التى يجب أن يتحرك نحوها، سيكون عليه أن يقلق حقًا إن لم ير من نفسه خلقًا كريمًا وسعيًا نحو التحلى بالمزيد، سيعلم أن عليه أن يحزن إن كذب وأن يبكى إن ظلم، سيعلم أن اللذة فى التعب والكد للحصول على المعرفة، وأن الخسارة كل الخسارة فى هجرانها.

إن تربية النفس والفكر، تربية الشعور بالبحث عن الحقيقة والمعرفة، تربية العواطف الخلقية، تربية الإرادة وتملك زمام النفس تمنحنا الحرية المعنوية من الرغبات المخالفة لاستقلال العقل والروح.

الإنسان له دور يصدر عن وعى وحرية، يعى نفسه ومحيطة، وهو يتمكن بحكم قوة العقل والإرادة من أن يختار مستقبله كيفما يريد.

اقرأ أيضاً:

اعرف نفسك

كيف يحيا الإنسان حياة إنسانية حقيقية ؟

من أين تستمد قيمتك ؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

دعاء محمود

طالبة بكلية الطب جامعة المنصورة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة