إصداراتمقالات

سنّة العظماء.. أبطال في التاريخ كرسوا حياتهم لخدمة الإنسانية

سنّة العظماء

تطل علينا في هذه الأيام ذكرى مولد بطلين غيّرا مسار التاريخ للأبد، وقدّما تضحيات هائلة لخدمة الإنسانية.

كانا بطلين خارقين للعادة، العادة السيئّة لمن أحاطوهم، في الرضوخ للظلم، وفي التعايش مع الفساد، وفي الانغماس في مشاغل الحياة اليومية دون التفكّر في القيم والمعاني والمآلات كما يليق ويجب.

لقد عاشا حياتهما للناس، وكانا مثالا للصبر والإيثار والتفاني.

استطاعا أن يحققا المعادلة الصعبة، تحمّلا المشاق والإيذاء مع عدم السماح لذلك الأذى بأن يورث نفسيهما الغلظة والقسوة، أو ينزع من قلبيهما الرحمة والكرم، أو يثنيهما عن عزمهما على الاستمرار في طريق التزكية والإصلاح.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أبطال بشرية

لم يكونا هذا النوع من الأبطال القادمين من كواكب أخرى لمحاربة أشرار أسطوريين، مرسّخين لدى الشعوب عقدة “المخلّص المنتظر”.

لا، لقد كانا من أنفسنا، ما يتحرّك في أنفسنا من نوازع كان كذلك يتحرك في نفسيهما، يجري عليهما ما يجري علينا من الاحتياج والضعف والمرض.

فكانا حجة على من عايشوهما وعلى سائر البشر تدحض وهم استحالة أن يتغلّب إنسان على دوافع مجتمعه الخاطئة وأوضاعه الفاسدة ويسمو بنفسه رغم قسوة الظروف.

لقد كانت أقوالهما وأفعالهما، ومأكلهما ومشربهما، وملبسهما ومظهرهما، مصاديقا لما يدعون إليه ويؤمنون به من القيم،

وهذه المصداقية مع سمو القيم هما ما أحدثا ذلك التأثير العظيم في التاريخ، وليست تلك المصاديق المتفرّقة هي صاحبة الفضل.

إن الزمان لم يخل من الرحماء، وطلاب العلم، والشجعان، وأهل الشهامة، والكرماء وأصحاب الفضائل المتفرّقة.

ولكن قلّ أن تجد المخلصين للحق، تجرّدا، وبحثا، وتمسّكا، وصبرا، وحملا للأمانة، وامتلاكا للملكات اللازمة لكل ذلك.

أي رحمة وعطاء أغلى وأقيم من يد غريب تمتد إليك بالنجدة والعون وقت الكرب الشديد، لتعطيك ما يسد حاجتك ولو لم تملك غيره،

وأي حنان ورعاية خير من تضحية من لم يَرَك أو يعرفك بما يملك وما يمكنه أن يحققه لو عمل لنفسه وحسب لكي تعيش أنت في واقع أفضل يمتاز بدرجة أعلى من التحضّر والعدالة مع إيجاد إمكانية للتطوّر المستدام.

وأي خذلان وحماقة أكبر من أن يضرب بهذا العمل العظيم عرض الحائط، ويفرّط في مكتسبات هذه الثورات الحضارية الإنسانية بينما تروى قصصهم كالأساطير،

وتباع مقتنيات مزّينة بشعاراتهم وكلماتهم أو ذات ارتباط رمزي بسيرتهم تقديرا لهم واحتفاءً بهم!

هذه العظمة التي ميزت نبيي الله محمدًا وعيسى عليهما السلام ما كانت ممكنة إلا بوجود اليقين في التوحيد والبعث،

فبالتوحيد تكون القيم السامية كلها واحدا فيصبح مؤدى السعي كذلك واحدا، فيمكنَ توحيد الناس حول الواحد الحق.

وبالبعث يتبدد الحزن والخوف من ضياع الجهد سدى ومن فوات نعيم الدنيا، فيرى صاحب العزيمة نفسه مقبلا على سعة وربح وعزّة، لا على ضيق وخسارة ومذلة.

إحياء سنّة العظماء

إنا اليوم في حاجة ماسّة إلى إحياء سنّة كهذه السنّة الشريفة، سنّة أولي العزم أصحاب الهمة، سنّة الذين يأمرون بالقسط من الناس،

سنّة النبيّين، سنّة الصدّيقين، سنّة الشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

اقرأ أيضا … أن نكون الشيخ ” محمد كُريم ” – بطل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي

اقرأ أيضا …غربة ابن رشد

اقرأ أيضا … الفيلسوف الأول

لمتابعة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات اضغط هنا

ياسر حسام عطا

مهندس كهرباء

مترجم حر

كاتب ومصحح لغوي

باحث في مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة