محدش حاسس بيا, الناس كلها عليا! الدراما العاطفية تحيط بنا
لعلك أيها القاري الكريم لاحظت وجود كم هائل من الدراما العاطفية ليس فقط في المسلسلات والأفلام ولكن حتي علي المستوي الإجتماعي اليومي, بل ان أغلب حورات العامة تدور في هذا الفلك, فهذا يشكو أن لا أحد يشعر به, وثان يكتب علي سيارته الميكروباص أنه لم يعد هناك أمان للبشر, وثالثة تنشر علي صفحتها كم من آلامها وأحزانها وتقضي بقية عمرها معقدة نتيجة تجربة أو اثنتين انتهتا نهاية مأساوية, بل ربما تقرر العزوف عن الزواج مطلقا, ورابع يشكو غدر صديقه, ويبقي السؤال هنا: ما الذي سبب كل ذلك؟ ولماذا هناك نزوح أو ميل تجاه العاطفة في مجتمعاتنا مقارنة بغيرها من المجتمعات؟ وإذا كان الجميع مجروح فمن الجارح؟
باكتمال نمو إدراك الانسان, تتشكل داخله عدد من الغرائز النفسية, فيميل لأن يكون جزءا من مجتمع ما, ومن ثم يشعر بآدميته وانتمائه لهذا #المجتمع, الأمر الذي يدفعه دفعا لخدمة هذا المجتمع, وهذا هو صريح عبارة الإنسان مدني بطبعه, فبقاء الانسان مرهون بغيره من البشر, وحتي يتم هذا التسلسل من التعلق الاجتماعي بشكل طبيعي يجب علي المجتمع اشباع احتياجات الفرد النفسية, والتي تعد هي الدافع الأساسي لإنخراطه في إطار هذا المجتمع, وهنا تظهر كلمة السر أو المفتاح الذي يكمل هذا التسلسل وهو “التواصل الإجتماعي”.
إنّ فَقْد #التواصل في مجتمعاتنا ظاهرة لا يمكن تجاهلها, فإننا لا نتواصل مع بعضنا بصورة سليمة, فهذا يخاف من أن يطلب من السائق أن يخفض صوت التلفاز, وثان يري شابا يعاكس فتاة فلا يجرؤ علي التدخل, وثالث لا يستطيع أن يخبر جاره كم هو مستاء بسبب انعدام مسؤليته في تنظيف المسكن المشترك, ورابعة دائما ما تنتهي نقاشاتها ما زوجها بصراع زوجي, ونقاشاتنا اليومية عندما تختلف أراؤنا تنتهي بالسب ووصف الطرف الأخر بأبشع الصفات أو علي أقل تقدير تجنب الحوار معه مستقبلا, وأصبحت القاعدة هي “خليك في حالك” و “ياعم متشغلش بالك” و “كل واحد عاجباه دماغه”, ولعل هذه الظاهرة تتجسد بصورة فاحشة في أن التواصل بيننا حتي في الأماكن الاجتماعية – كدور العبادة- هو في حدود ما لا يمكن تجنبه, وربما يستشعر أحدنا القلق أو النفور إذا حاول شخص مجهول أن يستزيد معه في الحديث, فلا يستطيع أحدنا أن يخبر من حوله مشاعره أو ما يريده أو حتي أن يتواصل معهم بصورة سليمة, فيكتم ذلك بداخله, ومع الوقت يصل الذروة فتأتي القشة التي تقصم ظهر البعيرفينفجر غضبا في جاره المهمل أو سائق السيارة ذي المذياع المزعج أو المخالف له في الرأي. الأمر الذي يسترعي انتباه الطرف الاخر فيرد بالعنف نتيجة شعوره بانتهاك مجاله ولربما ينتهي الأمر بالتشابك بالأيدي, مما يزيد حالة العزلة عن المجتمع بين أفراده.
ويبقي الاحتياج كامنا في النفس, وكعادة أي احتياج, كلما أشبع بصورة غير صحيحة كلما تضخم يوما بعد يوم, لينشأ الإحساس بالوحدة و “لا احد يشعر بي”, ومن المهم لفت النظر إلي أن الأفلام بدورها تعلي غريزة العداون علي حساب التواصل الاجتماعي, فتكرس الأفلام أنه لا جدوى للحوار والنقاش, إذ أن الأسلوب الوحيد للتعامل مع الناس هو البلطجة, وهذه الصورة الأخيرة هي السبب الكامن في السباق الرهيب لإنتاج أفلام تحمل هذه المعاني.
ومما يلفت النظر إلي الاحتياج النفسي – الغير مشبع- للإنتماء والتواصل مع المجتمع, فإن هذا الإحساس يتضخم شيئا فشيئا غير أنه لا يجد له مشبعا ولا منفذا, ويبقي السبيل الوحيد لإشباعه من خلال العلاقات العاطفية – والتي بدورها تحمل جانبا اجتماعيا- , فيميل الأشخاص في مجتمعاتنا إلي الإرتباط العاطفي بصورة مكثفة ربما تلتهم كل وقته, وربما تجاهل أصدقائه والمقربين منه, ليحاول اشباع هذه الغريزة التي لم تشبع لسنوات.
وبالنظر إلي الطرف الأخر الذي يعاني من نفس المشكلة، فإنه إن لم يجد هذان الطرفان صيغة أومعادلة تساعدهما علي اشباع كل منهما الاخر بصورة منتظمة, فإن هذه العلاقة تتطور إلي صراع يحاول فيها الرجل بسط سيطرته وتنفيث غضبه الذي لا يستطيع أن ينفثه مع المجتمع, بينما تحمله المرأة اثم حرمانها العاطفي بأنه لو كان يحبها لعرف ماذا تريد. وبالنهاية نعود إلي ما تسبب في كل ذلك وهو فقد التواصل الاجتماعي, فلنعمل علي إعادته إلي أرض الواقع في مجتمعاتنا
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.1
.
#بالعقل_نبدأ