مقالات

نظرية الميازما أو الهواء الفاسد

في القرن التاسع عشر كانت توجد نظرية علمية لتفسير الإصابة بالأمراض اسمها نظرية الميازما أو الهواء الفاسد (Miasma Theory)، إذ إن العلماء طوال التاريخ كانوا يلاحظون أن الأماكن التي رائحتها منتنة أو مقرفة تكون نسبة الإصابة بالأمراض فيها أعلى.

وعليه فمن المنطقي لهؤلاء العلماء أن يربطوا بين المرض والرائحة السيئة، كان هذا قبل اختراع الميكروسكوب ورؤية الميكروبات والبكتريا والفيروسات.

لذلك كانت طريقة الوقاية أن يضع الشخص على أنفه قناعًا يحتوي على عطور أو أزهار لتقليل تأثير الرائحة السيئة، ومن ثم –وفق النظرية– يحمي نفسه من المرض.

كان العلم في القرن التاسع عشر يقول أن الروائح السيئة والهواء الفاسد سبب الأمراض! منطقي جدًا، حقيقة واضحة أمام الجميع، رائحة سيئة تساوي مرضًا! ومن يقول غير ذلك فهو ضد العلم!

لكن اتضح مع تطور عقل الناس وقدراتهم، اكتشف الناس أن النظرية خطأ، أو بمعنى أدق ليست المشكلة في الرائحة، لكن في الميكروبات التي ترافقها وتتسبب في المرض لانعدام النظافة والظروف المحيطة، وأن الأماكن غير النظيفة عادة يسكنها الفقراء ممن يحملون مناعة ضعيفة وسوء تغذية!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الفرق بين النظرية والعلم

هذا يجعلنا نفهم الفارق بين النظرية والعلم: النظرية افتراض منطقي لتفسير ظواهر حقيقية، لكن العلم وصف هذه الظواهر الحقيقية.

يعني العالم يعاني من الاحتباس الحراري، مقياس الحرارة يعطي قراءة متزايدة للمناخ وارتفاع درجات الحرارة، هذا علم وواقع ملموس، لكن نظريات كثيرة متضاربة تفسر هذا الارتفاع في درجات حرارة المناخ على الأرض في السنوات الأخيرة، وهل السبب البشر أم غير ذلك.

نظرية داروين تفترض أن الكائنات كانت في البداية خلية واحدة، ثم تطورت إلى كائنات متعددة الخلايا ثم دودة وحشرات ثم سمك وزواحف ثم طيور وثدييات ثم بشر.

نظرية تحاول تفسير بعض الشواهد والظواهر التشريحية والتشابهات بين الكائنات، لكنها تفشل في تفسير ظواهر أخرى كثيرة، مثل ظهور واختفاء الديناصورات، أو تفسير مصدر الطاقة اللازمة لتحويل كائن وحيد الخلية إلى متعدد الخلايا، أو تعارض هذه النظرية مع قواعد الفيزياء مثل الإنتروبي وغيرها.

أو أن الكون معقد بدرجة تجعل احتمال الصدفة في التطور يستلزم وقتًا أطول بكثير مما تقدمه النظرية، أو أن المنطق يقول إنه غالبًا هناك قدرة كبيرة وعقل عالٍ جدًا وراء هذا الخلق المعقد، أو ما نسميه الخالق القدير! الله!

يجب أن نفهم أن النظرية جهد عقلي لتفسير ظواهر حقيقية، لكن العلم وصف هذه الظواهر الحقيقية، فلا يجب أن يتشنج أحدهم في الدفاع عن نظرية واعتبارها حقيقة مطلقة وعلمًا ثابتًا لا يمكن التشكيك فيه!

مقالات ذات صلة:

لحظة الكشف العلمي من الخيال إلى الواقع

أدب الأوبئة

فلسفة تصلح لكل وباء

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس