مقالاتقضايا وجودية - مقالات

اليأس خدعة و الأمل حياة جديدة نعيشها.. هل يمكن أن يعيش الإنسان دون أمل؟

بين الوجوه باحثا عن الأمل الذي انتظرته من فترة ليست بالقصيرة مؤمناً بوجوده لكنى لم أجده حتى الآن…

أين الأمل ؟

فقررت أن أبحث عنه بين الوجوه والكلمات لعلَّ القدر يجمعني به وبدأت أنظر في وجوه الناس وأسمع كلامهم، فوجدت من يبكي على الماضي ومن يلعن الحاضر ومن لا يعلم إلى أين تسير القافلة، وآخر لم يسأل نفسه أصلا إلى أين المسير، وأرى وجوها قد لبست لباس الذل والمهانة، وأخرى من كثرة ما يمر بها لم تعد تكترث لأي شيء، ووجدت وجوها عابسة ناقمة على كل شيء.

وكأني عندما كنت أبحث عن الأمل ضل سعيي ووقعت فى بلاد اليأس والتي لم يعد فيها ما يدعو إلى الأمل ، حتى انطفأ الحلم باحتمالية مجيء الأمل وأصبحت البلاد يكسوها السواد من كثرة البكاء والأنين وضاعت فيها كل القيم تقريبا بل أكثر من ذلك حيث اختلت موازين التميز فلم يعد الكثير بقادر على التفرقة بين الصواب والخطأ  وبين الضار والنافع!

تساءلت كيف لي أن أبحث عن الأمل وسط هذا الكم الهائل من اليأس؟! ومن ثم قررت الاستسلام حتى لا أصاب بالجنون؛ فاليأس في نظر البعض أقل ضررا من الجنون.

هل فاقد الأمل قادر على النجاة ؟

وبدأت هذه المرة رحلة التعايش مع اليأس مواسيا نفسي بأن حالي هو حال الكثير ممن حولي على أمل أن أستمد ولو بعض القوة التى تعيننى على التعايش مع هذا اليأس المميت، ولكن بمرور وقت ليس بالطويل وجدت الأمر الذي رضيت به على اعتبار أنه أهون من الجنون هو الجنون بعينه! كيف تفسر لي أن تكون حيا عاقلا وتتقبل أن تعيش حياة لا تعلم لم تعيشها ولا كيف تحياها مستسلما لكل ما يمر عليك فاقدا لكل أمل يبقيك إنسانا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كيف تفسر لي أن أفقد الأمل وتطالبني بالعيش بعد ذلك؟! أى إنسان هذا الذي يمكن أن يشعر بأنه على قيد الحياة وهو فاقد للأمل!

وجودنا فى الحياة هو أمل، أن نرتقي ونكون حياتنا أفضل ولها معنى هو أمل، عندما يكون عماد حياتنا الأمل، فكل تقدم يكون ممكنا، وعندما يسبق حركتنا الأمل، فكل إصلاح سوف يتحقق شريطة أن يغلفه الأمل وتنظيم العمل.

كيف لي أن أعيش بدون هذا المكون الأساسي الحياة إن صح التعبير، وهل أصلا يمكن أن نجد أفرادا يعيشون وسط هذا الكم الهائل من المشكلات على كل الأصعدة وهم فاقدو الأمل.

لماذا لا ؟

أنا لا أقبل مثل هذا الافتراض لعدة أسباب وأدعوك عزيزي القارئ أن تشاركني رفضي للأسباب التي سأذكرها:

كيف يمكن أن نتحمل كل هذه الضغوط ونحن لا ننتظر ذلك اليوم الذي يكون فيه صلاح الحال، كما أظن أن الكثير منا يعلم أن هذا الظلم الناتج من الكثير من الممارسات الخطأ هو الذي يؤدي بالكثير إلى اليأس والإحباط وهذا يعني أن الأصل هو التفاؤل، ولكن لما غاب عنا الوعي ظُلمنا وتغيرت أحوالنا؛ فالاستسلام لحالات اليأس هذه ما هي إلا زيادة في معدلاتها وليس العكس.

والنقطة الجوهرية من وجهة نظري هي أن المستفيدين من فقدان الأمل حتما هم ليسوا هؤلاء الأفراد المستضعفين بل هم من يدفعون ثمنه في كل الأوقات حتى في أحلامهم.

اليأس خدعة

وعليه فإن هذا اليأس القبيح ما هو إلا خدعة تمر على من لا يملك وعيا كافيا بأن يعيش دون أمل حتى يكون مستعداً لتقديم المزيد من التنازلات مما يصب حتما في مصلحة سارقي أحلام وثروات الشعوب لأنه حينما يتنبى أمل التغيير يكون قد بدأ المسار السليم للتحسين؛ حيث إن مجرد تبني الأمل يعد حافزاً بأن التحسن أمراً ممكناً جدا شرط أن نريد ذلك،

وأن تبني الأمل والعمل عليه هو أمل في حد ذاته لنكون أفضل وإن لم نستطع ففي كل الأحوال سنكون قد مارسنا حقنا الإنساني البسيط في أن نعيش أمل الحياة وأمل الغد الأفضل وهذا لسبب بسيط  ألا وهو أننا بشر، والأمل يرتبط بوجودنا ارتباطا وثيقا وإنه بفقداننا نكون قد أعطينا كل المبررات لظلم أكثر وتجهيل أكثر، وفي الحالتين سواء فقدنا الأمل أو تمسكنا به فسوف يتطلب منا هذا جهدا كبيرا، فاليأس سيجعنا منهكين فاقدين لكل معنى في الحياة، ولن نتحصل من الحياة إلا على الفتات، ومن ثم سيزيد شقاؤنا أكثر وأكثر وننهك أنفسنا أكثر وأكثر.

والمجهود الذي سيتطلبه منا الأمل هو مجهود في أغلب الأحوال سيغير واقعنا للأفضل ويجعلنا مستشعرين قيما لا يمكن أن نستشعرها في حالات اليأس، فالأمل يجعلنا متفائلين صابرين رحماء يشد بعضنا بعضا آملين فى حياة أفضل… وفي الختام أقتبس بعض أبيات الشاعر صلاح جاهين والتي تعبر عن مضمون المقال:

يأسك وصبرك بين أيديك وأنت حر
تيأس ما تيأس الحياة راح تمر
أنا دقت من ده ومن ده وعجبي لقيت
الصبر مر وبرضه اليأس مر